الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو فريضة عظيمة تؤدى مرة واحدة في العمر لكل مسلم قادر، يجتمع فيه المسلمون من جميع أنحاء العالم لتلبية نداء الله سبحانه وتعالى، ويتجسد فيه معنى الوحدة الإسلامية بأسمى صورها. فأهمية شعيرة الحج تكمن في أن فيه تحقيق الوحدة الإسلامية؛ إذ يجتمع ملايين المسلمين من مختلف الجنسيات والأعراق والثقافات في مكان واحد، يرتدون ملابس الإحرام، مما يرمز إلى المساواة والتجرد من المظاهر الدنيوية. كما أن فيه تطهير النفس؛ فهو كما نعرف يعد فرصة عظيمة للمسلم للتوبة والرجوع إلى الله، حيث يعتبر الحاج بعد أداء المناسك كيوم ولدته أمه، مغفورًا له كل ذنوبه بحول الله، كما أن من الفوائد العظيمة لهذه الشعيرة أن فيها تقوية للإيمان، فالحج يتطلب الحج جهدًا بدنيًا وروحيًا كبيرًا، مما يعزز من صبر وإيمان المسلم ويقوي ارتباطه بالله، ولا يغيب عنا أيضاً أن في أداء الحج تعزيز للأخلاق الحميدة، ففي أثناء أداء المناسك، يتعلم المسلم الصبر والتواضع والإيثار، وهي قيم إسلامية نبيلة. ولعلها فرصة أعبر من خلالها عن بعض هواجسي عن الحج وأتشارك مع أحبتي حجاج بيت الله الذي سيكتب لهم الله بتوفيقه وفضله الحج لهذا العام، فرسالتي للحجاج القادمين من الخارج أقول: أيها الحجاج الكرام، أنتم الآن على وشك القيام برحلة إيمانية عظيمة إلى بيت الله الحرام. نذكركم بأن هذا الحج هو عبادة عظيمة وفرصة لا تتكرر في الحياة. لذا أدعوكم ونفسي إلى التركيز على أداء النسك؛ فاجعلوا نيتكم خالصة لله وابتعدوا عن أي ممارسات قد تسيء إلى هذه الشعيرة المقدسة، لا تنجرفوا وراء بعض الأشرار الذي يحسدون أهل هذه الأرض على ما آتاهم الله من فضله، فيحاولون أن يشوّهوا هذه الشعيرة بممارسات خاطئة لا تليق بشعيرة عظيمة كهذه، فيا أحبتي تجنبوا التسييس؛ فالحج هو تجمع ديني خالص، ولا ينبغي استخدامه لأغراض سياسية أو دعائية. حافظوا على قدسية المكان والزمان، والتزموا بالتعليمات، فإنها وضعت لأجلكم ولحمايتكم وتيسير نسككم، احترموا القوانين والتعليمات التي تصدرها السلطات السعودية، فهي تهدف إلى تسهيل مناسككم وضمان سلامتكم. لا أحد كائناً من كان، أن ينكر جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحجاج منذ عقود زليس من الآن، بل منذ توحيد هذه الأرض المباركة، تبذل المملكة وعلى رأسها قيادتها الحكيمة جهودًا جبارة في خدمة حجاج بيت الله الحرام. وهي جهود عظيمة تفاجئنا بها القيادة كل عام، فمن بعض هذه الجهود، التطوير المستمر للبنية التحتية، فهناك توسعة الحرمين الشريفين، وتطوير المشاعر المقدسة، وإنشاء شبكة متكاملة من الطرق والجسور والأنفاق بالإضافة للخدمات الصحية، إذ يتم تقديم الرعاية الصحية المجانية عبر مستشفيات ومراكز طبية مجهزة بأحدث التقنيات، يسيّرها ويقودها جهد عال من التنظيم والإدارة فضلاً عن استخدام التقنيات الحديثة في إدارة الحشود، وضمان سهولة التنقل بين المشاعر المقدسة. أما ما يخص الأمن والسلامة فلا يغيب عن ذهن أي منصف توفير الأمن والسلامة للحجاج من خلال انتشار رجال الأمن والمتطوعين في كل مكان. لذا نؤكد دوماً بأن الحج فريضة عظيمة تستحق منا جميعًا الاحترام والتقدير؛ فلنجعل - يا أحبتي - نيّتنا خالصة لله سبحانه وتعالى، ولنؤدّي مناسكنا بقلوب مخلصة.. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يعيد الحجاج إلى ديارهم سالمين غانمين.