الرئيس جو بايدن الذي قال في عام 1986 عندما كان سيناتور في مجلس الشيوخ الأمريكي: "لو لم تكن هناك إسرائيل لكان على أمريكا خلق إسرائيل لحماية مصالحها"، وقوف الرئيس جو بايدن غير المشروط مع حكومة نتنياهو يضعه داخل معادلات صعبة مع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، وذلك يعود إلى أن الحزب الذي يمثله اليوم الرئيس بايدن لم يعد يحتفظ بذات القيم والمبادئ التي كان يمثلها في عام 1986م عندما يتعلق الأمر بالحليف الاستراتيجي - إسرائيل. العدوان الإسرائيلي على غزة وضع المرشح الديموقراطي بين المطرقة والسندان، فكيف يتمكن من دعم أعمال الإبادة الجماعية من قبل الرئيس نتنياهو دون خسارة أصوات الناخبين الديموقراطيين المتعاطفين - بشكل كبير - مع الشعب الفلسطيني، ويهددون علنًا بعدم التصويت لصالح بايدن في انتخابات 2024. وفي مقدمة الولايات التي قد يخسرها الرئيس بايدن ولاية ميشيغان التي ظهرت فيها حركة "عدم التصويت لبايدن" على خلفية دعمه الكامل للعدوان الإسرائيلي. هذه الولاية تمثل إحدى أهم الولايات المتأرجحة التي تعد ساحة معركة رئيسة أمام غريمه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وستكون أيضا بمثابة اختبار حاسم لثمن رفض بايدن الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة. وفي هذا السياق حذر الناشط الليبرالي مايكل مور الرئيس بايدن من أنه سيخسر أمام دونالد ترامب مثلما فعلت هيلاري كلينتون بسبب دعمها لإسرائيل؛ لأن الناخبين سيبقون في منازلهم احتجاجا، وقال مخاطبًا جو بايدن: "أيه الرئيس، يمكنك إنهاء هذا الآن، أنت تعلم أن هذا خطأ، وأنا أعلم أنك تعرف أنه خطأ، أعلم أنني أبدو مثل أسطوانة مشروخة، وأعلم أنك تعلم أنك ستخسر هذه الانتخابات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى وجود الكثير من الناس الذين سيبقون في المنزل ولن يصوتوا لك، وهذا لا يعني أنهم سيحولون تصويتهم منك إلى ترمب، لا، هذه ليست الطريقة التي سيتم بها الأمر. وكما حدث مع هيلاري في ميشيغان، فقد خسرت بفارق صوتين لكل دائرة انتخابية، وهذا ما سيحدث لك". في المقابل وعلى النقيض يقول السيناتور الديمقراطي المعتدل جو مانشين إنه لا يزال بإمكانه تأييد بايدن لكنه يحذر من أن الرئيس قد ذهب إلى أقصى اليسار، والمقصود بأقصى اليسار الليبراليون المناهضون لإسرائيل أمثال "ذا سكواد" وهو الاسم غير الرسمي لمجموعة من أربعة نساء تم انتخابهن في انتخابات مجلس النواب الأمريكي عام 2018، جميعهن نساء ملونات تحت سن الخمسين، وهن من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي، وكذلك الناشط الليبرالي مايكل مور وأتباعه الذين يشكلون السواد الأعظم من الناخبين الديموقراطيين، هذا الاستقطاب داخل الحزب الديمقراطي كان يلاحق الرئيس بايدن منذ فوزه في انتخابات 2020 وما زال يعد التحدي الأكبر له. دعم الرئيس جو بايدن لحكومة نتنياهو التي أججت لحرب واسعة في المنطقة سيكلف بايدن خسارة أكثر فئات الناخبين دعمًا له، وهم الشباب الذين كانوا بمثابة مركب النجاة للحزب الديموقراطي في انتخابات 2020، وفي هذا الإطار أيضا قال الإعلامي مايكل مور وهو المتخصص في تنبؤات مستقبل المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأميركية: "هناك الملايين من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا لا يريدون الحرب. لماذا؟ حسنًا، لماذا لايحبون الحرب؟ لأنهم" أولئك الذين يتم إرسالهم عادةً ليذهبوا ويموتوا في الحرب، لذا لا، إنهم لا يدعمونها، ولا يدعمونك، والآن سئموا منك، سئموا مما كنت تفعله". وفي سياق الأزمة الإنسانية في غزة ذكرت افتتاحية وول ستريت جورنال أن الرئيس بايدن في حاجة ماسة إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، بدءاً بوقف إطلاق النار الذي تحاول الإدارة التوسط فيه، وقد رفضت حماس حتى الآن، والآن تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطاً أكبر على إسرائيل لحملها على التخلي عن خطتها للاستيلاء على آخر معقل لحماس في غزة في مدينة رفح. نعم عزيزي القارئ، الرئيس جو بايدن أمام تحدّ كبير في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة نتيجة أفعال الرئيس نتنياهو وغضب الشباب الأمريكي؛ لذلك نجد بأن إدارة بايدن في الآونة الأخيرة تحاول بقدر الإمكان الإمساك بالعصى من المنتصف من خلال تهدئة الأوضاع، وقد طلب بايدن من نتنياهو - بصورة مباشرة - تخفيف التوترات على جبهة الضفة وعدم الدخول إلى رفح وقد ذكر تقرير أكسيوس يوم الأحد في هذا السياق بأن إدارة بايدن أوقفت الأسبوع الماضي شحنة أسلحة أمريكية الصنع موجهة إلى إسرائيل. وضمن جهود بايدن للسيطرة على الأزمة، كشف مسؤولون أن إدارة بايدن وعدت بتقديم "معلومات حساسة" للجيش الإسرائيلي لمساعدته في استهداف مسؤولي حماس ونظام أنفاقهم مقابل عدم شن غزو واسع النطاق لرفح؛ ويعرض بايدن أيضًا توفير خيام لإيواء بعض سكان غزة النازحين ويحاول إيجاد طريقة لتزويد إسرائيل بالأسلحة بشرط عدم استخدامها في رفح، ولكن حتى هذه اللحظة هذا لم يؤثر على نتنياهو أو يردعه وسيكلف بايدن الكثير.