يتقدم العلم ويتطور بمنتجاته وآلياته، ويأبى الجهل أن يكون في مؤخرة الركب ليعبر من خلال نفق السذاجة والسخافة المظلمة إلى عقول البلهاء البلداء، فما برح عنصر الجهل يصول ويجول ويعيث فسادا في العقول، وتتعدد مصادر الجهل ومقوماته التي يتكئ عليها ومن ذلك الشعوذة والزعم بفك السحر ونحو ذلك من الهرطقة من خلال دغدغة المشاعر والنفاذ إلى عقول السذج، وغالبا ما يتم استغلال الجانب العاطفي لا سيما العلاقات الأسرية والزوجية تحديدا بزعمهم أنهم يستطيعون التأثير على العلاقة سواء بتقويتها والربط كما يزعمون، أو من خلال فكها أو فصلها من خلال العمل أعمى الله قلوبهم وأبصارهم، ولو قدر لك أن تنظر إلى أوضاعهم الأسرية لوجدتهم أكثر الناس تشرذما وتشتتا وأذية لخلق الله، واللافت أن هؤلاء الساقطين يجدون من يلتقط إفكهم وآثامهم بالرغم من عجزهم عن تحقيق أي شيء مما يدعون "وكل ساقط له لاقط" هذا الأمر يؤسس للشعور الإنهزامي وبالتالي اهتزاز ثقته بنفسه حينما ينساق أمام هراء وأوهام المشعوذين بشتى أنواعهم، ويجري خلفهم بل وينفق فليساته للاتصال بهم، في حين أنهم هم المفلسون حقا فلو كان ما يقولونه ويقذفونه في الهواء -الذي لا يمت إلى الطلاقة بصلة- صحيحا لنفعوا أنفسهم، بدلا من تسولهم من خلال قنوات فضائية ومواقع التواصل المختلفة والضحك على الذقون عبر استغلال الجزء الضعيف في الحس الإنساني نتيجة غفلة وضعف وعدم كبح جماح النفس الأمارة بالسوء ووساوس الشيطان، والأدهى والأمر أن تنطلي هذه الأكاذيب والحيل على أناس مؤمنين بربهم، ويقرؤون القرآن خمس مرات وأكثر في اليوم والليلة، ومن خلال الصلاة في تواصل مستمر مع مالك الملك المعز المذل القادر السميع العليم، في حين أن هؤلاء اللاعبين المتسللين البؤساء يخادعون البشر، بتشخيص الحالات بأجوبة عامة أشياء تصيب كل البشر فيدخلون من باب القلق، أقلقهم الله كما أقلقوا راحة الناس لتجد الواحد منهم يبادر قائلا أنت تعيش حالة اكتئاب، وتحس صدرك يضيق بعض المرات، وأحيانا تشعر بصداع، وهي عوارض عادية تصيب كل الناس، فالقلق موجود وتتفاوت حدته من شخص إلى آخر حسب مسبباته والظروف المحيطة به، ويشعر المتصل المغفل بأنه وجد ضالته عند هذا الأفاك فيبدأ يستجيب، بقوله نعم ما تقوله صحيح، وهي كما أسلفت أشياء عامة ويبدأ بسرد القائمة وأمل أن لا نجد تطبيقا في جهاز الجوال يطرح الخدمات التي يقدمونها فك، تربيط، تشليح وهذه بالذات معنية بتشليح عقلك ومالك، وربما تصلك رسالة نصية مفادها كيف تريد الحجاب؟ سفري، محلي، شبكة، كاش، والأدهى والأمر هو امتهان كلام رب العالمين بغية إضفاء الصدقية على نياتهم الخبيثة القذرة، وهكذا يستدرجون السذج وهم تجدهم أفقر الناس وأفلس الناس، فلماذا لم ينفعوا أنفسهم إذا كانوا كما يزعمون، فهم لا يستطيعون تسخير شياطينهم الا في إلحاق الضرر بالأفئدة المهزوزة المرتبكة الفاقدة لليقين والإيمان بمالك الملك سبحانه، إن بائعي الأوهام ومسوقي البهتان هؤلاء المشعوذين الضالين لن يزيدوكم إلا إرهاقا وتعبا ونيلا من دينكم، فكيف يرضى المؤمن أو المؤمنة أن يرهن قيمه ومبادئه لهؤلاء التجار التعساء، إن تصديق هؤلاء الأفاكين وطلب العون منهم أمر بالغ الخطورة وقد جاء التحذير والوعيد الشديد لمن سألهم وصدقهم، لأن طلب العون من غير المولى من الشرك بالله ومعنى ذلك إشراكك من لا يملك لنفسه وللآخرين ضرا ولا نفعا، فكيف سينفعك وهو لم ينفع نفسه، وكيف يضرك وهو لا يملك إلا شكوكا يعبر من خلالها بصيغة الإيحاء لإشعال فتنة نفسية فكرية على شكل أوهام لا تلبث أن تسيطر على الأحاسيس التي حادت عن الطريق السوي واهتزت ثقتها بالمولى عز وجل. ولا ريب في أنه كلما ارتفع مؤشر التعليم انحسرت فرص نجاح هؤلاء الشياطين ولا سبيل لدحض الشكوك في القلوب وانهزامية العقول إلا عبر جسر الثقافة الفسيح المؤدي إلى واحة الأدب الرحبة التي تحتوي القلوب التي في الصدور لتزيدها إيمانا وتصديقا وثقة برب العزة والجلال ولتكبح جماح الجزء الرديء في النفس وتغلق المساحات السيئة في القلب وتحقق التوازن مع العاطفة من خلال ضخ طاقة إيجابية للنفس التواقة للسكينة والاطمئنان عبر دعم المسار التفاعلي المرن للعقل، معززا بأدوات تتيح للمتلقي تحليل واستنباط وتأمل وتدبر كل ما يشاهد ويكتب ويقرأ ويقال وبالله التوفيق. حمد عبدالرحمن المانع