الأمر لم يتعلق يوماً بالشموع والمصابيح والقناديل، الأمر كان دوما متعلقا بالقلوب! ما ضرك لو أطفأ هذا العالم أضواءه كلها في وجهك ما دام النور في قلبك متوهجا، وما نفعك نور الشمس والقمر معا ولو وقفا فوق كتفك ما دام قلبك دامسا، انظر إلى يونس عليه السلام وقد اجتمعت عليه ظلمات ثلاث: ظلمة الليل وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت فهل ضره ذلك في شيء؟ كل ظلمة ليست في القلب أمرها يسير، وانظر إليه؛ نبي مرسل، عصمه الله من الكذب والفاحشة والرياء، ولما غضب كان غضبه لله، ثم لما صار في بطن الحوت ينادي ربه: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وهو المعصوم، ما أحسن أدب يونس مع ربه وما أجمل مناجاته: يتقرب إلى الله بتقصير يراه في نفسه، ولا يفخر بطاعة أداها، ونحن إذا صلى أحدنا ركعتين، فكأنما ضمن الجنة، لا يمنعه عنها إلا أن يموت، تفقدوا قلوبكم، ماذا ينفع كوكب مضيء عن آخره لقلب مظلم؟ وتذكر دوما: كل عتمة خارج القلب أمرها يسير فكل أنواع الظلم هي في حقيقتها ظلم للنفس فإن الإنسان أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه، عليك أن تكون راضيًا بقضاء الله وقدره، فالله وحده يعلم ما هو خير لك في هذه الحياة، اطلب الفرج والنجاح والتيسير، ولكن كن مستعدًا لأن يأتيك الفرج بطريقة غير متوقعة وفي وقت غير محدد، فقد يأتيك نصر الله في لحظة لا تتوقعها فلا تيأس أبدًا، بل استمر في الدعاء والتضرع إلى الله، وثق أن نصر الله سيأتي لا محالة وتذكر أن الله يحب الصابرين.