زار المستشرق الفرنسي «جيرار دي نيرفال» إسطنبول عام 1843م خلال شهر رمضان المبارك، فعبر عن إعجابه الشديد بشارع المساجد الطويل الذي يشكل الشريان الرئيسي للمدينة، والذي ينتهي بالسوق الكبير على طريق القنطرة التي تعبر القرن الذهبي، حيث كان يسير على ضوء قمر شهر رمضان منبهراً بالأبراج والأكشاك والحدائق والنافورات ومئات المآذن وتكية الدراويش (المولوية) وحكايات الرواة في المقاهي العتيقة. وعن إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية يقول المستشرق الفرنسي «جيرار دي نيرفال» الذي صادف شهر رمضان في إسطنبول تلك المدينة التي تجسد الطابع التركي المتميز وتجمع بين الفخامة والبؤس والدموع والأفراح والظلم والحرية، بأسواقها التي تشكل قلب المدينةالشرقية ومساجدها الرشيقة البناء، ومناظر البوسفور الساحرة، معظم الناس هنا ينامون طوال النهار، ثم يقضون الليل كله في المتعة والترفيه خلال شهر رمضان. كما وصف إقبال أهل إسطنبول على شراء الفاكهة المجففة والمرطبات والحلوى الشرقية، خاصة البقلاوة، والشوارع التي تغص بالنساء والأطفال بينما يقضي الرجال معظم أوقاتهم في المساجد لصلاة التراويح، ومن بعدها يرتادون المقاهي والمسارح والمتنزهات، إن هؤلاء القوم الطيبين لا يكتفون في سهرات رمضان بالاستماع إلى الرواة وبرؤية (القراقوز) فإن لديهم أوقات للصلاة تسمى «ركعات» ترتل فيها آيات من القران، وينبغي في كل ليلة تأدية عشر ركعات سواء في المسجد، وهو الأفضل، او البيت او في الشارع، ولا يعتبر الرواة والمسرح او النزهات الا نوعاً من الترويح بعد هذا الواجب الديني. ورغم أن الأتراك ينامون عادة منتصف اليوم في شهر رمضان المبارك فالقانون الديني لا يرغمهم على ذلك وهم لا ينامون إلا لكيلا يفكروا في الطعام ما داموا لن يستطيعوا الأكل إلا لدى غروب الشمس، وفي يوم الجمعة فإنهم ينتزعون أنفسهم من وجبتهم ويذهبون عادةً للنزهة في الريف وخصوصاً «المياه العذبة» لأوروبا التي تقع في طرف القرن الذهبي أو «المياه العذبة» لآسيا. وتحدث عن الاستعدادات لعيد الفطر والإقبال على شراء الملابس الزاهية ولعب الأطفال قائلا :»إن عيد الفطر لدى الأتراك يشبه عيد رأس السنة عندنا، فإن النساء والأطفال يشغفون حباً بالتحلي بالزينات والكماليات واللعب.» (رحلة إلى الشرق - جيرار دي نيرفال)