قبل بداية شهر رمضان المبارك تناقلت وكالات الأنباء لقاء الرئيس السوري بشار الأسد مع مجموعة من الممثلين السوريين وخصوصاً المعروفين عربياً، توقيت اللقاء له مدلولات عميقة في دعم الأعمال الدرامية السورية وأهميتها في نشر الثقافة والرسائل السياسية والاجتماعية عبر أداة مهمة وحيوية وسهلت الوصول وهي الدراما، في ظل إنتاج أكثر من 25 عملاً رمضانياً سورياً بتكاليف مالية تعتبر كبيرة ببلد يمر بظروف سياسية واقتصادية بالوقت الحالي، حيث وصلت إلى أكثر من 90 مليون ريال. العراق أيضاً ورغم ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية سلك نفس المنهج وتم تكثيف الأعمال الدرامية خلال رمضان وبدعم مالي حكومي وحسب مخطط استراتيجي منظم للأعمال الفنية العراقية بصورة عامة والدراما بصورة خاصة، حيث أطلقت الحكومة العراقية "مبادرة لدعم الفن والثقافة في العراق"، ورصدت مبلغ 13 ملياراً ونصف المليار دينار عراقي لدعم السينما والدراما والمسرح والفن التشكيلي والأدب والكُتاب وأدب الطفولة، فكان بعد هذه المبادرة أكثر من 20 عملاً درامياً عراقياً لرمضان وبميزانية مالية تجاوزت 60 مليون ريال. في مصر البلد الرائد بالمجال الفني عربياً والدراما تحديداً كالمعتاد كان هناك وفرة من الأعمال الرمضانية تجاوز المعروض منها 40 مسلسلاً مصرياً وبتكاليف مالية ضخمة وصلت إلى 250 مليون ريال، وبتنوع وإنتاج ضخم وبرسائل سياسية واجتماعية واقتصادية متنوعة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر حالياً وأزمة الدولار. الأعمال السعودية والخليجية التي عرضت خلال هذا العام تجاوزت 28 عملاً وبتكاليف تقريبية لا تتجاوز بمجملها 100 مليون ريال ما بين أعمال ضخمة وأجور ممثلين كبيرة، فكانت الأعمال السعودية على وجه الخصوص مختلفة بتوجهاتها ورسائلها الثقافية، ما بين الأعمال الكوميدية والتاريخية، فكان هناك شبه إجماع على نجاح مسلسل "خيوط المعازيب" الذي يتناول منطقة الأحساء بكافة مكوناتها الاجتماعية والاقتصادية وأهمية هذه المنطقة تاريخياً وسياسياً من مئات السنين، وكذلك الحال مع النجاح المميز للعمل الكوميدي "جاك العلم" الذي تميز بمكنون ثقافي يتمثل باللهجة السعودية البدوية وبخفة ورشاقة واحترافية تمثيلية من طاقم العمل، وخليجياً والحديث عن رائدة الدراما الخليجية الكويت، نجد أن رتم الأعمال كان عادياً وغير لافت، ما عدا مسلسل "زوجة واحدة لا تكفي" والذي كسب دعاية كبيرة ومجانية لمجرد إعلان وزارة الإعلام الكويتية باتخاذ إجراءات ضده لإساءته للمجتمع الكويتي، ومر الأمر مرور الكرام لأن المعتاد بمثل هذه الحالات أن يتم إيقاف عرض المسلسل والقصص لأعمال توقفت لاعتراضات دول كثيرة ولا مجال هنا لذكرها، ولكن غضب الكثيرين ساعد بطبيعة الحال لتصدر المسلسل للمشهد الرمضاني، رغم أنه أقل من عادي في سرده الدرامي وساذج في أحيان كثيرة في فكرته وتناوله للأحداث..!! الأعمال الدرامية هي رسائل سياسية اجتماعية اقتصادية للمجتمعات والدول، كون الدراما أسرع طريقة للوصول لعقل وعاطفة المشاهد، الأمر مختلف من سنوات طويلة، ولنا في هوليود خير مثال، لذلك نحتاج إلى الالتفات للدراما التلفزيونية ووضع استراتيجية وموازنة كبيرة لدعمها، وأن لا نتركها تعتمد على الاجتهادات وسيطرة البعض عليها وتشويه المجتمع أحياناً بدلاً من تحسين صورته!!