تسر القلوب، وتتهلل الوجوه، وتنشرح الصدور، وتغتبط الأنفس.. هذه المشاعر تفيض في شهر رمضان المبارك محفوفة بالطاعات والروحانيات والإيمانيات.. وإذا بهذه المجموعة المعنوية تتبلور إلى عادات مجتمعية تحظى في الوقت الراهن بعناية لافتة من قبل المؤسسات الثقافية، إذ أطلقت وزارة الثقافة «موسم رمضان 1445ه» تحت شعار «أنوَرت ليالينا»، وذلك لإحياء الموروث الثقافي التاريخي المتعلق برمضان، وبعث التجارب الثقافية الرمضانية من مختلف مناطق المملكة. ومن ضمن السلوكيات الرفيعة في معانيها والعظيمة في مظاهرها؛ التلاحم الاجتماعي، والتكاتف الذي يحدث بين أفراد المجتمع فتغدو به الروح الجمعية متجلية كما في وجبتي الإفطار والسحور، حيث اجتماع العائلة وروح السؤدد والمودة والألفة فيما بينهم، وهذه العادة نجدها مؤطرة في فعالية «سفرة الثريا»، ومختزلة دلائل إنسانية ودينية تتصدر طِباع المجتمع السعودي. كما تتضاعف أثناء الشهر المبارك قراءة القرآن الكريم، ويلازم الناس تلاوة آياته المحكمة، وهو من ركائز اليوم الرمضاني الذي يُخصّص له وقت لتدبره، وهذا ما يُلقى عليه الضوء في فعالية «السراج» التي تُبين الحضور المعمق للمصحف الشريف في يوميات الأفراد، ووجوده الراسخ في صدورهم؛ وذلك من خلال الإبانة عن جهود المملكة في العناية بالمصحف الشريف، بجانب إيضاح طرق ترميمه وتجليده، مع توفير فرصة لتغليف المصحف للاقتناء أو الإهداء. ولأن الطريقة المحببة للمجتمع السعودي في استقبال الشهر الفضيل هي تجميل المنازل والأحياء بالزينة الموشاة بالفرح، والملونة بالسعادة، كانت منطقة السوق في سوقي الزل في مدينة الرياض، والبلد في جدة؛ التي جاءت ضمن فعاليات وزارة الثقافة؛ مزدانة بالزينة الرمضانية كاللآلىء المعلقة والأنوار المضيئة. بينما يتزايد الإقبال على العروض التلفزيونية، وقد ذاعت منها برامج مميزة في تفسير القرآن، والأحاديث النبوية، والأخلاقيات العليا التي يكرّس الإسلام فعلها، ويحث على القيام بها، مما جعل القناة الثقافية تستقبل المشاهدين ببرامج ثرية مثل: «عودة الطنطاوي»، و»تأملات الشثري»، و»الرف الأخير». وزيادة على مظاهر الهدايا وارتفاع التبرعات، وحيوية الممارسات الرياضية، وشيوع قيم التسامح والتعايش والعفو؛ يمثّل ما سبق خصلة من خصال المجتمع السعودي، وجزءاً من قيمه، وتقاليده المتوارثة، فيما تحرص وزارة الثقافة بالتعاون مع عدة جهات وطنية على توطيدها، وصباغتها في قوالب تفاعلية مبتكرة.