العرش عند أهل العلم في اللغة العربية هو الكرسي، الكرسي العظيم كرسي الملك، والمراد بعرش الرحمن كرسي عظيم هو أعظم المخلوقات، له قوائم، وله حملة من الملائكة يحملونه، والله فوق العرش، كما قال: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» [طه:5]، وقال سبحانه: «إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» [الأعراف:54] فهو كرسي عظيم ومخلوق عظيم لا يعلم مدى عظمه وسعته إلا الذي خلقه. وهو كالقبة على العالم، وهو سقف العالم كله، وهو سقف الجنة أيضًا، فهو سقف العالم وليس فوقه شيء سوى الله. هذا هو العرش، الكرسي العظيم الذي تعرفه العرب، كما قال في قصة بلقيس: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23]، فكراسي الملوك يقال لها: عروش، لكن عرش الله لا يشابهه شيء من عروش المخلوقين، ولكنه في الجملة يعرف من حيث اللغة الكرسي العظيم لا يعلم سعته وعظمته وكنهه ومادته إلا الذي خلقه، إلا إذا صح عن رسول الله شيء في ذلك، إذا صح عن رسول الله في بيان شيء من كنهه فذلك مقدم ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا أعلم شيئًا صحيحًا معتمدًا يبين مادة هذا العرش، لكنه عرش عظيم ومخلوق عظيم وله حملة من الملائكة كما قال الله جل وعلا: «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ» [الحاقة:17] يعني: يوم القيامة والمشهور أنه في الدنيا يحمله أربعة كما قال أمية بن أبي الصلت في شعره المعروف الذي أنشده الشريد بن سويد للنبي صلى الله عليه وسلم فأقره والنسر للأخرى وليث مرصد رجل وثور تحت رجل يمينه يعني: أربعة أملاك في صور ما ذكر، أحدهم في صورة رجل، والثاني في صورة ثور، والثالث في صورة نسر، والرابع في صورة أسد؛ فهذه المخلوقات تسمى ملائكة خلقهم الله لحمل هذا العرش. وجاء في حديث العباس بن عبدالمطلب أنهم يوم القيامة ثمانية أوعال، وأنهم يحملون العرش في صورة أوعال، ولهم خلق عظيم وطول عظيم لكن في سنده بعض المقال، ونص القرآن أن هذا يكون يوم القيامة، كما قال سبحانه: «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ» [الحاقة:17] يَوْمَئِذٍ: يوم القيامة، فدل ذلك على أنهم في الدنيا أربعة ويوم القيامة يكون ثمانية، والله المستعان، والله أعلم، «موقع ابن باز»