العين ينتصر على النصر، هذه ما يمكن تسميتها هزيمة نكراء تعرض لها النصر، مباراة سماها البعض مجنونة من حيث المتعة وتقلب أحداثها، لكنها فعلياً مباراة فاضحة، لأن ما حدث مع النصر يعطينا الدلالة القوية والإشارة الواضحة أن مشروعنا الوطني في الملف الرياضي، وحجم الاستثمار وما تم من استقطاب لاعبين من خيرة لاعبي العالم، وأن هذه المشروع الأكثر من رائع والحيوي، يحتاج بين الفينة والأخرى إلى تصويب وتعديل وعمل تغذية عكسية للقرارات التي تم اتخاذها، حتى يتم تصويب المسار وتحقيق الأهداف المنشودة، وما يحدث في الهلال هو النموذج الأمثل الذي نريد أن تصل إليه كل أنديتنا السعودية. خسر النصر ذهاباً وفاز إياباً ليخسر بضربات الترجيح، والعين فرض كلمته على النصر وفك شيفرة رونالدو، وانتهى تقريباً موسم النصر، وهناك في جدة في الجوهرة، كان الإياب المنتظر كلاسيكو السعودية بين الهلال الزعيم والاتحاد العميد، المواجهة الثالثة لهما حيث فاز الهلال في المواجهتين السابقتين، الأسبوع الماضي فاز الهلال بهدفين نظيفين في الرياض، لعب الاتحاد مباراة جيدة، وكان يمكن أن يخرج بنتيجة أفضل من هذه، وتحمل طرد كانتي وخسران خدماته في الإياب، أما مباراة الإياب في الجوهرة فلها سيناريو مختلف كلياً، وكلمة السر هي: هكذا يريد خيسوس. الشوط الأول انطلق الاتحاد في هجمات متتالية، ومحاولة سيطرة على منتصف الملعب، وحقق بعض الفرص على قلتها، لكن الهلال كان متوازناً يميل إلى الدفاع أكثر، وكانه ينتظر أن يفتح الاتحاد أكثر، أو أن يرتكب الأخطاء، وانتهى الشوط الأول، وبطبيعة الحال فإنه الشوط الثاني بدأ عصيباً، وبدأ لاعبو الهلال بخطتهم المعتادة من استفزاز لاعبي الخصم، وكل دقيقة تمر والضغوطات تتزايد على لاعبي الاتحاد، وحين شعر خيسوس أن الاتحاد هذا هو كبيره وأكبر ما عنده، بدأ يشن هجمات متناسقة حتى استطاع سافيتش من تمرير كرة إلى الشهراني الذي سجلها بكل أريحية واستعراضية. وهنا فقد لاعبو الاتحاد صوابهم، بدؤوا يتخبطون، حتى طرد حمد الله بتصرف أرعن لا داعي له، مكرراً تصرف لاعب النصر المطرود أمام مواجهة العين، وتدخله اللا معقول واللا منطقي ولا داعي له، خطأ دفع النصر ثمنه، وهذا حمد الله، لا تسديد ولا تمرير ولا خطورة، وبالأخير يطرد خاصة أن النصر في غياب كانتي، فقد خدمات فابيانو البرازيلي بالإصابة، حجازي كابتن الفريق الخبرة، لم يكن عند حسن ظن أحد، بدلاً من تهدئة الأمر وامتصاص الضغط، دخل في مناوشات مع لاعبي الهلال غير منطقية ولا مقبولة، ولكن يجب طرده أيضاً حتى نقول للاتحاد: المصائب لا تأتي منفردة يا عميد. بيئة الهلال نجحت ببرنامج الاستقطاب، بيئة النصر جيدة ولكنها لم تصل إلى مرحلة النضج، بيئة الأهلي والاتحاد غير مستعدة كلياً، نحتاج إلى بناء القواعد والبنية التحتية قبل الأعمدة والأبراج، وعلى العموم، الهلال وكما قال خيسوس خاصة بعد تحقيقه الانتصار رقم 28 ليتصدر أندية العالم كلها، لكنه مع كل هذه النتائج فهو للآن لم يحقق شيئاً، الدوري لم يحسم، بطولة آسيا نواجه العين في نصف النهائي، وهذه عقلية أحترمها جداً لخيسوس، نعم رغم كل شيء، فعلياً لم يتحقق شيء، هزيمة الاتحاد ليست منجزاً، الفريق السعودي الوحيد المتأهل إلى مربع نهائي آسيا ليس إنجازاً، صدارة الدوري أيضاً ليست إنجازاً؛ الإنجاز هو حسم الدوري والفوز بنهائي آسيا ولعب نهائي كأس أندية العالم. لا بد من الإشارة إلى أن الاتحاد لعب في ظروف صعبة جداً، من طرد وإصابات وغيابات، لكن لا بد أن نشيد بجمهوره الرائع، الذي وقف حتى اللحظة الأخيرة مع الاتحاد، وبعد نهاية المباراة أخذوا يهتفون بالهلال دعماً منهم لمواجهته المقبلة أمام العين، هذا هو الجمهور الواعي، الجمهور الذي يعرف جيداً لماذا أساساً خسر فريقه، ومع ذلك تقبلها بروح رياضية عالية، ولأنه نادي الوطن فهو العميد مع كل أندية الوطن في المواجهات الخارجية، فتحية لكم من القلب. د. طلال الحربي - الرياض