في العصر العثماني التقطت عين الرحالة التركي "أوليا جلبي" الذي زار مصر في القرن السابع عشر الميلادي، صورة احتفالات رؤية هلال شهر رمضان المبارك، فقال: "وإذا كانت ليلة الرؤية، أي ليلة الشك في ظهور الهلال ورؤيته أم لا، اجتمع البك المحتسب والصوباشي (أي رئيس الشرطة) ومع كل منهما خمسمائة رجل من أتباعه، فيذهبون إلى القلعة بعظمة ووقار واحتشام، وهم يدقون طبولهم"، ويقابل المحتسب الباشا الذي يمنحه حزاماً من القصب وعمامة، ويطلب منه أن يسأل "أرباب الشرع الرسولي المبين ومشايخ المذاهب الأربعة وسماحة قاضي العسكر عن رؤية هلال رمضان المبارك، ثم يتم استعراض جنود الباشا في ميدان السراي بالقلعة، وبعدها تنزل المواكب في نظام محدد حتى تصل جامع محمود باشا وقت الغروب فتقف المواكب وتكف موسيقاهم عن العزف، ويصلي البك المحتسب وبعض الضباط صلاة المغرب ويتأخرون قليلاً بالمسجد حتى يسدل الليل ستار الظلام، ويتم تجمع المواكب التي يديرها البك المحتسب، وإذا خرج المحتسب من الجامع وركب جواده، أطلقت الفرق العسكرية طلقة نارية دفعة واحدة، وكبرت تكبيرة واحدة مدوية وترددت أصداء عبارة "الله أكبر" في جميع أرجاء القاهرة، ثم سار الصوباشي ومعه سبعمائة من رجاله المسلحين بالنبابيت ونحو ألف من فرسان العربان وثلاثمائة مشعل، ويخرج مئات العازفين والمطربين والرقاصين والمشعوذين في موكبهم الصاخب، تظل القاهرة في تلك الليلة ساطعة الأنوار حتى الفجر، ويطوف بها الموكب الذي يضم عدة طوائف، وقد عدد "أوليا جلبي" الطوائف التي كانت تشترك بمواكبها في تلك الليلة بتسع وعشرين طائفة، ثم يأتي موكب الجيش ختاماً لمواكب ليلة الرؤية، وينتهي هذا الموكب عند سراي قاضي مصر، وبعد عدة ترتيبات بروتوكولية تطلق مدافع القلعة أربعين، أو خمسين طلقة مدفع، وتنار منارات ثمانمائة وستين جامعاً بالقناديل "ويذهب الناس إلى المساجد لإقامة صلاة التراويح وينوون الصيام صباحاً" وبعد ذلك ينصرف الموكب الكبير حتى قصر المحتسب، ثم يتفرق أهل كل طائفة إلى حالهم وتبقى القاهرة ساهرة حتى الفجر. المصدر: (الرحلة إلى مصر والسودان والحبشة أوليا جلبي)