فيما يتعلق بالأذان في الجنة، جاء من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الثابت في صحيح مسلم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ينادي منادٍ إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، فذلك قول الله عز وجل قال تعالى: (وَنُودُوَاْ أَن تِلْكُمُ الْجَنّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). كما ورد من حديث صُهَيْبٍ -رضي الله عنه- الثابت في صحيح الترمذي، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: في قَوْلِهِ {لِلّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنّةِ، نَادَى مُنَادٍ إِنّ لَكُمْ عِنْدَ الله مَوْعِداً، قَالُوا أَلَمْ يُبَيّضْ وُجُوهَنَا وَيُنَجّينَا مِنَ النّارِ وَيُدْخِلْنَا الْجَنّةَ؟ قَالُوا بَلَى، فَينكشفُ الْحِجَابُ، قالَ: فَوَ الله مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئاً أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنَ النظَرِ إِلَيْهِ». ومن حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- الثابت في الصحيحين، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً». وفي الصحيحين من حديث نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه». وهذا الأذان وإن كان بين الجنة والنار فهو يبلغ جميع أهل الجنة والنار، ولهم فيها نداء آخر يوم زيارتهم ربهم تبارك وتعالى يرسل إليهم ملكاً فيؤذن فيهم بذلك فيتسارعون إلى الزيارة كما يؤذن مؤذن الجمعة إليها وذلك في مقدار يوم الجمعة. المصدر: كتاب «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» للإمام أبي عبد الله ابن القيم