الجنة هي نور يتلألأ، وريحانة تهتز، ونهر مطرد وفاكهة، وخضرة وزوجات حسان، فيها العباد المنعمون الذين يأكلون ولا يمتخطون، ولا يبولون، بل مسك يرشح، فيها المنعمون الذين يضحكون ولا يبكون، ويقيمون ولا يظعنون، ويحيون ولا يموتون، فيها الوجوه المسفرة، الضاحك المستبشرة. فيها الجمال المبين، والحور العين، فيها النعيم الدائم، بل كل شيء باسم، فيها يرفع الحجاب فينظر الفائزون إلى وجه العزيز الوهاب فيها، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، بشر بهذا كله: نبي الخير والهدى والنور، محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، بوحي من ربه العظيم المتعال، فهي بشارة من خير البشائر، على لسان خير البشر. أهل الجنة لا يموتون كما ذكر أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنها أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة ينادي مناد: إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدأ، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدأ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدأ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدأ». أما عن طعام وشراب أهل الجنة ذكر جابر رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذاك، جشاء ترشح المسك، يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس. في الجنة نعيم مقيم، وخير عميم، وفضل من الرحمن الرحيم، فيها الاسرة المرتفعة التي توحي بالنظافة كما توحي بالطهارة، والأكواب مصفوفة مهيأة للشراب، لا تحتاج إلى طلب ولا إعداد، والوسائد والحشايا للاتكاء في ارتياح، والبسط والسجاجيد مبثوثة هنا وهناك للزينة وللراحة سواء. وكل هذه المتاع التي وردت في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم مما يشهد الناس لأسمائها أشباهاً في الأرض ولكن، عندما تذكر هذه الأشياء، فتذكر لتقريبها إلى مدارك أهل الأرض. أما طبيعتها فموكوله إلى المذاق هناك، موكوله إلى مذاق الذين يقسم الله لهم هذا المذاق. كتاب الجنة نعيمها والطريق إليها/ علي حسن علي عبد الحميد