ما ينتظر المؤمنين في الجنة من عبادات وسعادة أبدية من أكثر المواضيع المهمة وذلك بسبب وصف القرآن الكريم للجنة بأنها دار السلام والفردوس الأعلى، وهي النهاية المنتظرة والوعد الحق من الله لمن أخلص وأتقن وأحسن عملاً، حيث يحظى المؤمنون بالقرب من الله والسعادة الأبدية في الجنة. وتشمل العبادات في الجنة مجموعة واسعة من الأعمال الصالحة والطاعات التي يقوم بها المؤمنون للاستمتاع بنعيم الجنة والتقرب من الله، حيث يتم استبعاد الشقاء والمشقة، ويتم تعزيز الراحة والسعادة في جنات الخلد، وأما العبادة في الجنة فليست هي بدار تكليف، وإنما هي دار جزاء وتكريم وتنعيم، التسبيح نعيم يتلذّذون به، وقد عقد ابن القيم عن ارتفاع العبادات في الجنة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة تبيد، ولا ترفع حتى في دار الجزاء كما ورد في رواية: «تلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس» أي: تسبيحهم، وتحميدهم، وتكبيرهم لا كلفة عليهم فيه بل يجري مع الأنفاس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولا يتمخطون، ولا يتغوطون، ولا يبولون، ويكون طعامهم ذلك جشاء ورشحاً كرشح المسك، يلهمون التسبيح والحمد كما يلهمون النفس). بالإضافة إلى أنَّ أعظم الذكر القرآن الكريم فإنَّ أهل الجنَّةِ يتنعمون به فيها، وهذا ليس بتكليف ولا بأمر ولكنه حباً وطاعة، وإن أهل القرآن لهم منزلة خاصة ومقام عالٍ عند الله تعالى، وأجمع العلماء على بقاء كل أهل الجنة في درجاتهم ومقاماتهم إلا أن أهل القرآن قد يرتفعون من درجة إلى أخرى وأنهم قد يصلون إلى أرقى منزلة عند الله تعالى، وهذا ما أكده حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها). والجنة ليس بها عمل ولا مشقة إنما بها ما تشتهي النفس وتحبه حتى وإن كان عملاً، فكل مهنة امتهنها الإنسان في حياته وكل عمل كان فيه الخير ويحبه الإنسان يهيئه الله تعالى للإنسان، ففي الجنة ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. الكتاب: البحور الزاخرة في علوم الآخرة /المؤلف: الحنبلي، السفاريني