أولى رحلات المستفيدين من مبادرة طريق مكة تغادر مطار حضرة شاه الدولي ببنجلاديش    نجاح أول عملية زراعة كلى بمدينة الملك سعود الطبية    محافظ الطائف دعم الإسكان يجسد اهتمام سمو ولي العهد بالحياة الكريمة للمواطنين    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة "من جمهورية باكستان الإسلامية    مدير مكتب صحيفة "الرأي" بجازان يحتفل بتخرج نجله مجاهد من قسم الهندسة الكيميائية بجامعة جازان    انطلاق برنامج "أخصائي الاتصال التنموي" لتعزيز قدرات القطاع غير الربحي    Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    فايزر السعودية والجمعية السعودية لأمراض وجراحة الجلد توقعان مذكرة تفاهم    "الصحة" تطلق المسح الصحي العالمي 2025    "المياه الوطنية" تبدأ تنفيذ 4 مشاريع بالجوف    قوات الاحتلال تنفّذ عمليات هدم في رام الله والخليل    كشف النقاب عن مشروع «أرض التجارب لمستقبل النقل» في السعودية    الفريق الفتحاوي يواصل استعداداته لمواجهة الشباب.. وقوميز يعقد مؤتمرًا صحفيًا    كارلو أنشيلوتي يتفق مع منتخب البرازيل    رياح و امطار على عدة اجزاء من مناطق المملكة    المخزونات الغذائية والطبية تتناقص بشكل خطير في غزة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    الهدد وصل منطقة جازان.. الأمانة العامة تعلن رسميًا عن الشوارع والأحياء التي تشملها خطة إزالة العشوائيات    المنتخب السعودي للخماسي الحديث يستعد لبطولة اتحاد غرب آسيا    نادي الثقبة لكرة قدم الصالات تحت 20 سنة إلى الدوري الممتاز    في الجولة 31 من يلو.. نيوم لحسم اللقب.. والحزم للاقتراب من الوصافة    كلاسيكو نار في نصف نهائي نخبة آسيا للأبطال.. الأهلي والهلال.. قمة سعودية لحجز مقعد في المباراة الختامية    رافينيا: تلقيت عرضا مغريا من الدوري السعودي    الفالح: 700 فرصة استثمارية في الشرقية بقيمة 330 ملياراً    أمير مكة: دعم سخي يؤكد تلمس حاجات المواطن    توجّه دولي يضع نهاية لزمن الميليشيات.. عون:.. الجيش اللبناني وحده الضامن للحدود والقرار بيد الدولة    بوتين يعلن هدنة مؤقتة في ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي    الضيف وضيفه    شدّد على تأهيل المنشآت وفق المعايير الدولية.. «الشورى» يطالب بتوحيد تصنيف الإعاقة    زواجات أملج .. أرواح تتلاقى    أمير المدينة يدشّن مرافق المتحف الدولي للسيرة النبوية    الأمير فيصل بن سلمان:"لجنة البحوث" تعزز توثيق التاريخ الوطني    الانتخابات العراقية بين تعقيدات الخريطة وضغوط المال والسلاح    السعودية ومصر تعززان التعاون الصناعي    وفاة «أمح».. أشهر مشجعي الأهلي المصري    النصر يتوج بكأس دوري أبطال آسيا الإلكترونية للنخبة 2025    حكاية أطفال الأنابيب (2)    وزارة الداخلية تواصل تنفيذ مبادرة "طريق مكة" في (7) دول و(11) مطارًا    «الشورى» يقر توصيات لتطوير مراكز متخصصة للكشف المبكر لذوي الإعاقة والتأهيل    محمد بن عبدالرحمن يلتقي نائب "أمن المنشآت"    استعراض منجزات وأعمال "شرف" أمام أمير تبوك    بيئة جدة تشارك في فعالية «امش 30»    محافظ محايل يكرم العاملين والشركاء في مبادرة "أجاويد 3"    انطلاق ملتقى "عين على المستقبل" في نسخته الثانية    شذرات من الفلكلور العالمي يعرف بالفن    GPT-5 وGPT-6 يتفوقان على الذكاء البشري    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    أمير المدينة المنورة يدشّن المرافق الحديثة للمتحف الدولي للسيرة النبوية    الرياض تستضيف الاجتماع الدولي لمراكز التميز لمكافحة الإرهاب    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ياسر الدوسري المسلمين بتقوى الله فهيَ وصيةُ اللهِ للأولينَ والآخرينَ فمَنْ أَخَذَ بالتقوَى وخَالفَ النَّفسَ والهوَى، فقَدِ استمسَكَ بالعُروةِ الوثقَى، وإلى مَراتبِ الإحسانِ ارتقِى، وسَعِدَ في الدَّارين ونَجَا.
وقال في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام: "إنَّ مِنْ تمامِ نِعَمةِ اللهِ على عبادِهِ أنْ نَصَبَ لهمْ للحقِّ مَناراتٍ وبيناتٍ، منَ الدلائلِ والآياتِ، يهتدِي إليهَا مَنْ وَفّقَهُ ربُّ الأرضِ والسماواتِ؛ فمَنْ أَطلقَ نظرَهُ في الكونِ وتفكّرَ، وأمعنَ النظرَ في كتابِ اللهِ وتدبَّرَ، عَلِمَ أنَّ اللهَ خَلَقَ الناسَ على الفِطرةِ السَّويّةِ، ودَلَّهُمْ عليهِ بالآياتِ الكونيّةِ، وأَرسلَ إليهمُ الرُّسلَ بالحُجَجِ القويّةِ، فسهَّلَ لعبادِه السَّاعِينَ إلى مَرضاتِهِ سبيلاً فأَقرُّوا لهُ بالعبوديةِ، وحذَّرَ سبحانَهُ مِنْ عِصيانِهِ النفوسَ الغويّةِ.
وأضاف فضيلته: "أنَّ إخلاصَ العبادةِ للهِ وإقامةِ الدِّينِ، وصيةُ اللهِ لأنبيائِهِ ورسلِهِ عليهِمُ الصلاةُ والسلامُ، فقدْ وصَّى بذلكَ نوحاً وإبراهيمَ، وعيسَى وموسَى الكليمَ، ومحمداً خاتَمَ النبيِّينَ والمرسَلينَ، وقدْ تَضافرتِ الآياتُ في ترسيخِ هذا المعنَى إعادةً وتأكيداً، فمَا مِنْ رسولٍ بُعِثَ في أمةٍ إلا وقدْ صدَّرَ دعوتَهُ بهذَا الأصلِ العظيمِ قال تعالى ؛ (وَلَقَد بَعَثنَا فِي كُلِّ أُمَّة رَّسُولًا أَنِ اعبُدُواْ اللَّهَ وَاجتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ).
وأكد الشيخ الدوسري أن نصوصُ الوحيين دلت على عِظَمِ أمرِ التوحيدِ، وكونِهِ أصلُ الأعمالِ وأساسُهَا، فإنْ وجِدَ قُبلتْ، وإنْ عُدِمَ تبددتْ، كمَا بيّنتْ أنَّ الشياطينَ مَا فتئتْ تَترصدُ لبني آدمَ تجتالُهُمْ وتُغويهِمْ عنْ دينِ اللهِ وإخلاصِ العبادةِ لهُ، وقدْ أقسمَ إبليسُ على ذلكَ كمَا حكَى اللهُ عنهُ في كتابِهِ: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ، وفي الحديثِ القُدسي يقولُ اللهُ سبحانَهُ: "إني خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بي ما لَمْ أُنْزِلْ به سُلْطَانًا" .
وبين أنَّ أوّلَ نداءٍ للناسِ أجمعينَ، في كتابِ اللهِ المبينِ: هوَ قولُ ربِّ العالمينَ: يأَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تتقون.. ففي قولِهِ تعالَى: اعبُدُواْ رَبَّكُمُ إثباتٌ للتوحيدِ، وفي قولِهِ: أفَلَا تَجعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادا نفيٌ للشركِ، وقدْ تكرّرَ هذا الأُسلوبُ في الذكرِ الحكيمِ، فبدأ اللهُ خِطابَهُ جلَّ وعلا بإثباتِ التوحيدِ الخالصِ لهُ، وختمَهُ بنفي الشركِ المنزَّهِ عنهُ؛ توجيهًا للعبادِ إلى تحقيقِ الأمرين، والجمعِ بين المتلازمين. وهذا هو معنَى "لا إلَهَ إلا الله"، فكونُوا عبادَ اللهِ منْ أهلِهَا الذينَ حقَّقوا شروطَهَا، فأثْبَتُوا مَا أثبتَتْ، ونَفَوا ما نَفَتْ، ووحَّدُوا اللهَ في ربوبيتِهِ وفي ألوهيتِهِ، وفي أسمائِهِ وصفاتِهِ بلا تمثيلٍ ولا تكييفٍ، ولا تحريفٍ ولا تعطيلٍ.
وأشار الشيخ الدوسري إلى أن اللهُ عزَّ وجلَّ امتن على عبادِهِ بما سخّرَهُ لهمْ في السماواتِ والأرضِ منْ نعمِهِ العظيمةِ، وآلائِهِ الجسيمةِ، مما ينتفعونَ بهِ في حياتِهمْ حالاً ومآلاً، حيثُ ذَكَرَ سبحانَهُ قرارَ العالَمِ، وهو الأرضُ، وسقفَهُ وهو السماءُ، وأصولَ المنافعِ وهو الماءُ الذي أنزلَهُ منَ السماءِ، ثمَّ قالَ: ?فَلَا تَجعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادا وَأَنتُم تَعلَمُونَ، فتأملوا هذه النتيجةَ، وشدةَ لزومِهَا لتلكَ المقدماتِ قبلَهَا فالتوحيدُ مبتَدَأُ الأمرِ ومنتهاهْ؛ وانتظامُ خلْقِ السماواتِ والأرضِ قائمٌ على التوحيدِ.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أنَّ حاجةَ العبادِ إلى ربِّهِمْ في عبادتِهِمْ إياهُ وإنابتِهِمْ، ليستْ بأقلَّ منْ حاجتِهِمْ إليهِ في خَلْقِهِ لهمْ ورزقِهِمْ، وأنَّ افتقارَهُمْ إليهِ في معافاتِهِ لأبدانِهِمِ، وسترِهُ لعوراتِهِمِ، وتأمينِهِ لرَوْعاتِهِمِ، ليسَ بأعظمَ منْ حاجتِهم إليهِ في توفيقِهِمْ لطاعتِهِ وإعانتِهِمْ على شهَواتِهِمْ، بلْ حاجتُهُمْ إلى محبتِهِ والإنابةِ إليهِ، والعبوديةِ لهُ أعظمُ؛ فإنَّ ذلكَ هو الغايةُ المقصودةُ منْ خلقِهِمِ، وهو المطلبُ الأفخمُ لإيجادِهِمْ ، فلا نجاحَ ولا صلاحَ ولا فلاحَ للعبادِ إلا بالتوحيدِ وإقامةِ الدينِ، واجتنابِ الشركِ، فالشِّركُ هو أعظمُ أمرٍ نهانَا اللهُ عنه.
وأبان فضيلته أنَّ الشركَ نوعان: شركٌ أكبرُ، لا يغفرُهُ اللهُ عزَّ وجلَّ، وهو عبادةُ غير اللهِ بأيِّ نوعٍ منْ أنواعِ العبادةِ منْ دعاءٍ وذبحٍ ونذرٍ وسجودٍ وخضوعٍ وغيرِ ذلكَ مما لا يُصرفُ إلا للهِ، وشركٌ أصغرُ وهو مَا أتَى في النصوصِ أنَّهُ شركٌ، ولم يصلْ إلى حدِّ الشركِ الأكبرِ، كالرياءِ، والحلفِ بغيرِ وأنه لما كان القرآنُ معدنَ التوحيدِ ومنبعَهُ، ومصدَرَ الإيمان ومرجعَه، نَفَرَت منه نفوسُ من أُشرِبوا في قلوبِهِمُ الأندادْ، وضَرَبَ الهوى بينهم وبين الهُدى أصلَبَ الأسْدادْ، فكانوا في أحكامِهِم عليه في أمرٍ مريجْ، فكّروا وقَدَّروا فلم يتمخَّضْ جُهدُهم إلا عن رأيٍ خَدِيجْ، وقد تحدَّاهم اللهُ جلَّ في علاه أن يأتوا بسورة مثله فعجَزوا، وفي دائرة الإبلاس انحجزوا، فاستولَى العَجزُ على بيانِهِمِ، وأحَاطَ بهِمُ العِيُّ منْ كلِّ جوانبِهِمْ ثمَّ حَسَمَ الباري جلَّ وعلا نتيجةَ التحدِّي بقولِهِ: / فَإِن لَّم تَفعَلُواْ وَلَن تَفعَلُواْ فَتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّت لِلكَفِرِينَ.
وأبان أنَّ هذا الترتيبَ القرآنِي البديعَ دالٌّ على أنَّ أعظمَ مصدرٍ لمعرفةِ التوحيدِ: هو هذا الكتابُ العزيزُ الذي لا يأتيهِ الباطلُ منْ بين يديهِ ولا منْ خلفِهِ تنزيلٌ منْ حكيمٍ حميدٍ, وقدْ برّهنَ ابنُ القيمِ رحمهُ اللهُ على هذا التقريرِ بقولِهِ: "كلُّ آيةٍ في القرآنِ فهيَ مُتضمّنةٌ للتوحيدِ، شاهدةٌ بهِ، داعيةٌ إليهِ، فإنَّ القرآنَ: إما خبرٌ عنِ اللهِ وأسمائِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ فهو التوحيدُ العِلْميُّ الخبريُّ، وَإِمَّا دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَخَلْعِ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، فَهُوَ التَّوْحِيدُ الْإِرَادِيُّ الطَّلَبِيُّ، وَإِمَّا أَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَإِلْزَامٌ بِطَاعَتِهِ فِي نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، فَهِيَ حُقُوقُ التَّوْحِيدِ وَمُكَمِّلَاتُهُ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِأَهْلِ تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَا يُكْرِمُهُمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ جَزَاءُ تَوْحِيدِهِ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ النَّكَالِ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ فِي الْعُقْبَى مِنَ الْعَذَابِ، فَهُوَ خَبَرٌ عَمَّنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ التَّوْحِيدِ وإنه ليس تحتَ أديمِ السماءِ كتابٌ متضمنٌ للبراهينِ والآياتِ على المطالبِ العاليةِ: منَ التوحيدِ، وإثباتِ الصفاتِ، وإثباتِ المعادِ والنُّبُوَّاتِ، وردِّ النِّحَلِ الباطلةِ، والآراءِ الفاسِدةِ، مثلُ القرآنِ، فإنَّهُ كَفيلٌ بذلكَ كلِّهِ، مُتضمنٌ لهُ على أتمِّ الوجوهِ وأحسنِهَا، وأقربِهَا إلى العُقُولِ وأفصحِهَا بيانًا، فهوَ الشفاءُ على الحقيقةِ من أَدْواءِ الشُّبَهِ والشُّكوكِ، ولكنَّ ذلكَ موقوفٌ على فهمِهَ ومعرفةِ المرادِ منهُ". انتهى كلامه رحمه ،، فمن تحدَّى هذا القرآنَ، فقدْ باءَ بالخسرانِ، وتَدَهدَهَ في دَركاتِ الخذلانِ، وحُكِم عليهِ بالهوانِ، فالقرآنُ الكريمُ مُعجِزٌ في ألفاظِهِ وتراكيبِهِ، مُعجِزٌ في نظْمِهِ وأساليبِهِ، مُعجِزٌ في خطاباتِهِ وأحكامِهِ ومضامينِهِ، مُعجِزُ في حُججِهِ وبراهينِهِ.
وبين فضيلته أن الله قد وَعَدَ عبادَهُ الموحِّدِينَ وبشَّرهُمْ بجناتٍ تجري منْ تحتِهَا الأنهارُ، فنِعْمَ عُقبَى الدارِ، وتوعَّدَ منَ أَشرك َبِهِ غيرَهُ، وخالفَ أوامرَهُ، وارتكبَ نواهِيَهُ بعذابِ النارِ فبئسَ القرارُ وقال إن في وعدِ اللهِ للموحدينَ الممتثِلِينَ لأوامرِهِ بالجنةِ تحفيزاً عظيماً على امتثالِ مَا شَرَعَ اللهُ وأمَرَ، وعوناً كبيراً للكفِّ عمَّا نهَى عنهُ وزَجَرَ وإنَّ القرآنَ الكريمَ والسنةَ النبويةَ لحافلانِ بوصفِ الجنةِ التي هي موعودُ اللهِ لعبادِهِ الموحدِينَ الطائعِينَ، فالجنةُ دارُ الأمنِ والسلامِ، لا غِلَّ ولا تدابُرَ ولا خِصامَ، دعوَى المؤمنينَ فيهَا: سُبحانَكَ اللهمَّ وتحيتُهُمْ فيهَا سلامٌ، لا نَصَبَ فيهَا ولا صَخَبَ، ولا يخرُجُ أهلُهَا منهَا ولا يمسُّهُمْ التَّعبُ، بلْ هيَ حُبورٌ وسُرورٌ، لا خوفَ فيهَا ولا حُزْنَ ولا ثُبورَ إنَّهُ الفوزُ العظيمُ، الذي لا فائدةَ منْ فوزٍ دونهُ ولا طائلَ، وكلُّ ظَفَرٍ سِواهُ فمتاعُ غرورٍ وظلٌّ زائلٌ كمَا أنَّ الخسارةَ العُظمَى دخولُ النارِ، فهي دارُ البوارِ: نسألُ اللهَ العافيةَ والنجاةَ منَ النارِ، ونسألُهُ أنْ يجعلَ الجنةَ مأوانَا مع المتقينَ الأبرارِ.
وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ خالد بن سليمان المهنا المسلمين بتقوى الله قال تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ))
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن الأجساد لا تحيا إلا بما تتغذى به من مأكل ومشرب فكذلك الأرواح لا حياة لها إلا بذكر الله ففي الحديث عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ( مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ ) موضحاً فضيلته أن حياة الذاكر ربه هي الحياة الحقيقة لأنها الباقية بعد موت النفوس.
وأضاف فضيلته أن ذكر الله للقلب هو كالماء للزرع قال عزوجل ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ )).
وتابع يقول: "إن من أجل الأذكار وأفضلها أجراً التسبيح قال تعالى عن الملائكة ((وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))
وإن كل شيء يسبح بحمده قال تعالى ((تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ . وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ . إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ))
وأوضح فضيلته أن التسبيح أفضل أذكار الساجدين قال جل من قائل ((إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ))
وبين أن التسبيح هو الذكر المحبوب إلى الرحمن وبه يرجح الميزان ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) متفق عليه.
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن التسبيح هو الذكر الذي يرجح في فضله على جميع الأذكار عن جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لقد قلت بعدك أربع كلمات، لو وُزِنَتْ بما قلت منذ اليوم لَوَزَنَتْهُنَّ: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وَزِنَةَ عرشه و مِدَادَ كلماته).
وتابع يقول أن من فضل التسبيح أنه جعله ذكر أهل كرامته في الجنة ففي الحديث (يَأْكُلُ أهْلُ الجَنَّةِ فيها ويَشْرَبُونَ، ولا يَتَغَوَّطُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ ولا يَبُولونَ، ولَكِنْ طَعامُهُمْ ذلكَ جُشاءٌ كَرَشْحِ المِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ والْحَمْدَ، كما تُلْهَمُونَ النَّفَسَ قالَ وفي حَديثِ حَجَّاجٍ طَعامُهُمْ ذلكَ. وفي رواية : عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، بمِثْلِهِ غَيْرَ، أنَّه قالَ: ويُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ والتَّكْبِيرَ كما تُلْهَمُونَ النَّفَسَ ).
وأشار إلى أن التسبيح غذاء لأرواح المؤمنين في صبحهم ومسائهم قال تعالى ((فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ )) فهو الوسيلة لزيادة الأجر وتكفير السيئات وهو سبب لرضا العبد عن ربه وسكونه لشرعه وانقياده لأمره وانشراح الصدر وزوال الضيق .
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن التسبيح مقرون بالحمد وكان أكثر تسبيح رسول الله صلى الله عليه وسلم مقروناً بالحمد قال تعالى ((وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ))
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي أن منة من الله على العبد وهو ينشأ من أمرين معرفة العبد بفضل التسبيح وكبر أجره والتفكر في عظيم خلق الله وتدبيره ونعمه .
وأوضح أن كثرة الذكر لها ثمرات كثيرة فهي النجاة من عذاب الله ومعية العبد لربه قال جل من قائل ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ )) وفي الحديث القدسي عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ : يَقُولُ اللهُ (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.