تناول الرحالة تشارلز دوتي شهر رمضان في أكثر من جانب وذكر في كتابه "ترحال في صحراء الجزيرة العربية" مظاهر استقبال المسلمين لشهر رمضان المبارك وقال: "كان رمضان، شهر الصوم، على وشك الدخول، وهذا الشهر الذي يشغل أرواح المسلمين، بما في ذلك الأعراب الذين يعيشون في البادية، ويُضفي على تلك الأرواح المزيد من الورع والتدين، هؤلاء البدو يُحاكون ما يحدث في الحضر، ذلك الذي شاهدوه في المدينةالمنورة، وهم يخرجون من بيوتهم في مواقيت الصلاة، ويقفون على شكل صفوف، ويستمعون إلى الإمام، ويحنون جباههم الخالية ثم يسجدون، حيث المسلمون جميعا يتساوون في الدين والعبادة"، ووصف حال المسلمين في رمضان بالمشقة حيث ذكر أن "هؤلاء العرب الذين يُعانون معاناة شديدة من العطش في الأيام الأولى، يستلقون على صدورهم يتنهدون ألماً طوال ساعات النهار التي تمر بطيئة عليهم، ويروحون يركزون أبصارهم وأفكارهم على ضوء النهار إلى أن تغرب عين الشمس مبتعدة عنهم، وبعد انقضاء خمسة أو ستة أيام من أيام شهر رمضان، يكون هؤلاء العرب قد اعتادوا على الابتعاد عن حرارة وضوء النهار، ويحاولون استغلال الليل إلى أبعد الحدود، وإذا ما صادف شهر الصوم موسم حصاد القمح، أو حصاد محصول التمر، فإن العاملين في جمع هذه المحاصيل يتعين عليهم تحمل العطش البالغ من أجل الدين، كما وصف ترقب المسلمين قبيل وقت الفطور وقال بعد غروب الشمس، وفي قرى نجد الجميع يُراقبون ضوء الشمس حتى يختفي، إلى أن سمعنا صوت المؤذن، وهو يرفع الأذان لأداء الصلاة، عند هذه المرحلة فقط يُصبح بوسع الشخص أن يضع في فمه لقمة من الطعام، ويقوي نفسه، وعلى الفور بدأ من تقديم القهوة، وبعد أن تناول كل واحد منهم فنجالا واحدا بدأ يفرد عباءته أمامه في اتجاه القبلة، وراح يؤدي الصلاة، وبعد أداء الصلاة، يجري تقديم الوجبة الأولى التي يُطلقون عليها اسم الفطور، أو إن شئت فقل الإفطار، كان الإفطار في منزل خلف عبارة عن عساليج من التمر الطازج الذي جرى إحضاره من النخلة. المصدر: (كتاب ترحال في صحراء الجزيرة العربية / المؤلف تشارلز دوتي)