شهر رمضان الكريم له مذاق خاص لدى سكان البادية قديما حيث العادات والتقاليد الأصيلة المتوارثة من الآباء والأجداد والتي تجسد مدى تكيف ابن صحراء الجزيرة العربية مع الظروف المناخية والجغرافية في الصحراء في حله وترحاله مع الحرص على أداء شعائره الدينية ومن تلك الشعائر شهر الصوم والذي قد يتزامن في بعض السنوات مع فترة القيظ وشدة الحر في الصحراء ومع ذلك استطاع ابن البادية ان يوازن بين حياته العملية وحياته الدينية بالإضافة لمحافظته على عاداته الأصيلة. ومن اهم العادات التي تجسد الترابط بين المجتمع البدوي الأفطار الجماعي في ابسط صورة دون تكلف حيث يتم دعوة المجاورين لحضور الافطار والذي يوجد على مائدته حليب الابل والتمر وهي وجبة أساسية ومهمة بالإضافة للأقط والسمن البري وبعض الوجبات المعدة من البر والقهوة التي تفوح رائحة الهيل منها وهذا بالتأكيد لا يقارن مع ما يقدم حاليا على وجبة الإفطار لدى البادية في وقتنا الحالي حيث يشعر الزائر لهم حاليا أنهم لا يختلفون في تنوع الاطباق عمن يقطنون المدن وهذا يعود لتوفر جميع المواد الغذائية واطلاعهم على كل جديد أن لم تتفوق نساء البادية في سبك بعض الأطباق بشكل مميز وشهي. وهناك أجواء حميمية وترابط اجتماعي مازال يميز سكان البادية خصوصا في شهر رمضان حيث يجتمع الكبار والصغار على سفرة الإفطار في أجواء صحراوية نقية يشع فيها الشفق بنوره وتختفي الشمس في الأفق الواسع والكل ينتظر الآذان من ذلك الشاب الذي وقف على مكان مرتفع يراقب غروب الشمس ومع التكبيرة الأولى للأذان يبدأ الجميع بأخذ حبات من التمر وبعد الإفطار يؤدون صلاة المغرب ثم يعودون مرة أخرى لإفطارهم ويتم تداول بعض الأخبار عن الحلال وتحركاته والسؤال عن المفقود منه وما ستجد على ساحة الصحراء والأخبار العامة التي تهمهم بالإضافة لبعض النصائح من كبار السن للشباب والصغار عن فضل شهر رمضان والحرص على استغلال أوقاته ويتم تأدية صلاة العشاء والتراويح في مكان قريب يحضر إليه الجميع. ويستمر السهر بعد ذلك لساعة او ساعتين ثم ينام الجميع حتى وقت السحور مستغلين الأجواء الباردة والمعتدلة ليلا ثم تعود الحياة في نهار رمضان كما كانت في الأيام العادية غير انه يتخللها لحظات راحة أوقات الظهيرة كم هي جميلة أيام رمضان في البر وعند البادية تزينها البساطة والأريحية وصفاء القلوب كصفاء الأجواء من الملوثات.