أتفهم جيدا.. تلك الصدمة العنيفة منها نفسية وأخرى معنوية لدى (بعض) من كنا نعتقد أنهم أدباء. نظير تلك النجاحات المبهرة والمبهجة التي حققتها المقاهي الثقافية عبر الشريك الأدبي الممثل لهيئة الأدب والنشر والترجمة المنبثقة من وزارة الثقافة الموقرة. ولعل مصدر -الوجع والتوجع- لدى هؤلاء البعض، أنه تم إيقاف الدعم المعنوي والمادي عن المؤسسات الأدبية وتجييرها للمقاهي الثقافية، والذي (يبدو لي) بعد أن تأكدت الوزارة بأن الأندية الأدبية لم تحقق الأهداف المرجوة منها تجاه المجتمع (لربما) لاحتكارها على نخبوية معينة، يتم من خلالها إثراء الفكر والمعرفة فيما بينهم فقط. ولعل ما أرست إليه (رؤية 2030) التي أعلن عنها سمو سيدي محمد بن سلمان نحو الانطلاقة الجديدة للثقافة السعودية باعتبارها أحد أهم محركات التحول الوطني نحو التنمية البشرية فقد سعت الرؤية لتطوير قطاع الثقافة بالمملكة وتأسيس مراكز حاضنة جديدة للإبداع. وذلك بتوفير منصات للمبدعين للتعبير عن أفكارهم وطموحاتهم وكذلك خلق صناعة ثقافية وتحويلها إلى عنصر رئيس للتواصل بين الناس. ولأن الثقافة أسلوب حياة سعت مبادرة الشريك الأدبي إلى عقد شراكات مع المقاهي كتجربة ثقافية مختلفة -وللأمانة- نجحت، ولهذا كانت المقاهي هي المكان الجدير لولادة الأعمال الفكرية العظيمة من رواية وقصة وشعر ومنها يُثرى الوعي والفكر والمعرفة، ولنا بالمقاهي العربية تجربة وقدوة فريدة، إذ خرّجت من مرتاديها رموزاً عظيمة وقديرة، منها أهل فكر وثقافة وأدب وشعر، تبرز أسمائهم في المناهج التعليمة تٌدرس في المدارس والجامعات العربية أمثال نجيب محفوظ وطه حسين والعقاد ونزار قباني... والقائمة تطول، وعن مدى إثرائها بوعي وفهم الناس وبعقولهم كغذاء فكر بفضاءته الحياتية والثقافية، بيد أن تاريخ الشعوب والأمم تصفها عقول مستنيرة لديها مخزون معرفي ولا أزيد.