يتباهى بعض بني البشر بمجوهراتهم وسياراتهم الفاخرة وينسون جوهر الحياة وهي الإنسانية في التعامل مع الآخرين في محيطهم الاجتماعي. نرى يومياً مظاهر البذرخ والإسراف على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض المشاهير الذين يستعرضون أزياءهم التي اشتروها من أفخم المحلات العالمية، وكأن حياتهم تدور في فلك الجمال والمال من دون أن ينعكس ذلك على شخصيتهم التي في بعض الأحيان تعاني من جنون العظمة. أجرت جامعتا «باريس ديكارت» و«ساذرن بريتاني» دراسة طريفة تتبعت مجموعة من المتسوقين في شوارع باريس من الطبقتين الغنية والمتوسطة الذين غالباً ما يقتنون ملابسهم من المحلات الغالية، واكتشف الباحثون ألا يقدمون المساعدة لمن أكثر احتياجاً لها فعلى سبيل المثال فتح الأبواب لغيرهم أو من وقع في مأزق، في المقابل أظهر الزبائن الذين يتسوقون أنهم يتمتعون بالإنسانية أكثر حيث يسارعون في تقديم يد العون دون تردد. استنتجت الدراسة إلى أن السبب يعود إلى بريق وفخامة هذه الماركات العالمية حيث يسعى الكثيرون للحصول على هذه المنتجات ولا يرون شيئاً أجمل منها. قبل سنوات قليلة تنكر الممثل الأمريكي ريشارد جير بملابس المشردين لدور يؤديه في أحد أفلامه وهو يصور في شوارع لوس أنجلس، وظل على هذه الهيئة لمدة 40 دقيقة دون أن يلاحظه المارة وعبر عن سعادته بأدائه هذه الشخصية، لكن أشفقت عليه امرأة عندما شاهدته يتفقد القمامة وقدمت إليه الطعام، ظناً منها أنه مشرد، وشكرها على كرمها. ولم تدرك السيدة الأمر إلا بعد يومين حين نشرت صحفية أمريكية صورتها وهي تقدم له قطعة بيتزا. لقد أصبحت أخلاق الكثيرين هشة ترتدي أقنعة بوجهين تعشق الظهور بشخصيات مثالية وتعشق التفاخر بملابسها غالية الثمن، وهي بالحقيقة في داخلها تحمل كبرياء وغروراً خالياً من الإنسانية. فلا يمكننا أن ندعي أننا أغنياء ولا نقوم بفعل الخير للمساكين الذين لم يحالفهم الحظ وينعمون بحياة كريمة. لا تنخدع بالمظاهر حتى لا تنصدم بأن الشخصية التي أمامك قبيحة الأخلاق، ففي أحد الأفلام الأوروبية يسأل رجل راكباً دراجة نارية فلاحاً مستلقياً على ظهره كم الساعة فيجيبه إنها الساعة 10، فقال له هل أنت متأكد؟ فأجب: كما قلت لك، فشكره الرجل وذهب في طريقه، ثم عاد إليه مرة أخرى وسأل له نفس السؤال، وقال إنها الساعة السابعة والربع، وقال الرجل صاحب الدراجة فعلاً إنها الساعة السابعة والربع تماماً، فساله الرجل كيف تستطيع معرفة التوقيت وأنت لا ترتدي ساعة ومستلقياً من تحت الشجرة، فأجاب الأمر سهل للغاية بالقرب منا يقع برج ساعة في القرية المجاورة.