غدا الاتصال المؤسسي الفعال، المحرك الأساسي الأول للأعمال والمهام كافة، وعصباً حيوياً داخل وخارج الأعمال الفردية والمؤسساتية، وكذلك القطاعات الحكومية المتعددة، والتي يعوّل عليها لتحقيق أهدافها بجودة عالية، في منظومة العمل الداخلي والخارجي.. يرى الدكتور جيوب كورنليسين أحد رواد الاتصال المؤسسي في بحثه "الاتصال المؤسسي بين النظرية والتطبيق" أن الاتصال المؤسسي يساعد في مشاركة الشركاء في اتخاذ القرارات الاستراتيجية وإشراكهم في العمليات التنظيمية والتخطيط للمستقبل، وبناء وتعزيز العلاقات مع الشركاء. لذلك يعد الاتصال الفعال بأنواعه وأشكاله المحرك الأساسي الأول للأعمال والمهام كافة، وعصباً حيوياً داخل وخارج الأعمال الفردية والمؤسساتية، وكذلك القطاعات الحكومية المتعددة؛ كما أنه إحدى الأدوات التي يعوّل عليها لتحقيق أهدافها بجودة عالية، ولإبراز الصورة الذهنية لها برزت الحاجة إلى تطوير طبيعة عمل قسم العلاقات العامة داخل المؤسسات لمفهوم أكبر، مما دفع المؤسسات الكبرى إلى تبني فكرة "الاتصال المؤسسي" بدلاً من الاكتفاء فقط بالعلاقات العامة والإعلام. كما أن "الاتصال المؤسسي" الفعّال ركيزًة أساسية من ركائز نجاح المؤسسات، فكلّما زادت قدرة المؤسسة على تنسيق اتصالاتها الداخلية والخارجية، وبناء علاقات إيجابية مع البيئة والمجتمع المحيط بها بما يتضمّنه من ضغوط وسياسات تعمل في إطارها؛ عزز ذلك من الولاء والثقة بين المؤسسة وجمهورها وأصحاب المصلحة بعملها، وزادت قدرتها على بناء سمعة مؤسسية مستدامة، سيّما في ظل الطبيعة المعقّدة لعالم الأعمال اليوم والتي تتسم بالتغيير المستمر والمتسارع، ففي مثل هذه الحالات يمثّل الاتصال المؤسسي ضمانة لإنشاء صورة ناجحة والحفاظ عليها. في عام 2018، تعرضت شركة Tesla لعدة أزمات متتالية، بدءًا من تأخر في إنتاج سياراتها وانتقادات حادة من الصحافة، وصولًا إلى تحقيقات قانونية وتساؤلات حول موثوقية منتجاتها، ونتيجة ذلك واجهت تحديات كبيرة في الحفاظ على سمعتها وثقة المستثمرين والجمهور، وبفضل الاتصال المؤسسي الفعال تمكنت Tesla من تجاوز هذه الأزمات من خلال الاستفادة من علاقتها القوية مع وسائل الإعلام، وعملت على تواصل مستمر مع الصحافة وتزويدها بالمعلومات الحديثة والشفافة حول التحديات التي تواجهها والإجراءات التي تتخذها لمعالجتها، كما قام ماسك بالتواصل المباشر مع الجمهور والمستثمرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لتوضيح رؤيته والتعامل مع الانتقادات بشكل مباشر، ومن خلال هذا النهج القوي في إدارة العلاقات مع وسائل الإعلام، تمكنت Tesla من تحسين سمعتها وبناء ثقة المستثمرين والجمهور مرة أخرى. وفي نفس المنعطف، تعد قصة شركة "Johnson & Johnson" ومنتجها "Tylenol" واحدة من أبرز القصص الناجحة في نجاح منظومة الاتصال المؤسسي في إدارة الأزمات والتواصل مع وسائل الإعلام، ففي عام 1982 تعرضت بعض عبوات من منتج "Tylenol" للتسمم بمادة السيانيد، مما أدى إلى وفاة عدة أشخاص. استجابت شركة "Johnson & Johnson" بسرعة وقامت بسحب جميع منتجات "Tylenol" من الأسواق وأعلنت ذلك علنًا وبشكل شفاف ومنظم. واتّجهت الشركة أيضاً للتعاون بشكل وثيق مع وسائل الإعلام لتوعية الجمهور بمخاطر المنتج الملوث، وحثّهم على عدم استخدامه، حيث تواصلت الشركة بشكل مفتوح وشفاف مع الصحفيين وأجرت مؤتمرات صحفية منتظمة لتقديم المعلومات الحالية والتواصل بوضوح مع الجمهور والمستهلكين. بفضل هذا النهج الفعال في إدارة الأزمة والتواصل المؤثر مع وسائل الإعلام، تمكنت شركة "Johnson & Johnson" من استعادة ثقة الجمهور وبناء سمعة إيجابية بسبب تجاوبها السريع واهتمامها الأول بسلامة المستهلكين. وحيث إن المؤسسات بشكل عام تتعرض لتحديات معينة تتعلق بظهور أزمات أو مخاطر في بيئة العمل، فإن الاتصال المؤسسي تظهر أهميته هنا بشكل أكبر وملموس، فكلما كان فريق العمل مستعداً، وكلما كانت استراتيجيات التواصل في المؤسسة فعّالة؛ ساهم ذلك بالتحكم بالضرر الناجم عن الأزمة قبل أن يخرج عن السيطرة. وعند حدوث أزمة، يصبح الاتصال المؤسسي أداة أساسية للتعامل مع الأزمة بشكل فعال وتقديم المعلومات الصحيحة والموثوقة للجمهور، إذ يعمل فريق الاتصال المؤسسي على تنظيم وتنسيق الرسائل والتواصل مع وسائل الإعلام والجمهور بهدف التحكم في الضرر الناجم عن الأزمة والحفاظ على سمعة المؤسسة. ختامًا وبشكل عام، غدا الاتصال المؤسسي اليوم علماً جديداً له نظرياته وأبحاثه واستراتيجياته واستشرافه المستقبلي.. كما أصبح له جمهور متنوع من الثقافات والخلفيات والاستعدادات والتوجهات؛ لذا برزت أهمية تركيز المؤسسات أكثر من قبل على تعزيز التفاعل وبناء علاقات أكثر احترافية وتواصلًا ومهنية، وتعاونًا من خلال تضمين القيم الأخلاقية، والقضايا التي يهتم بها الجمهور في استراتيجيات الاتصال المؤسسي.