احتفلنا قبل أيام بيوم عظيم وغالٍ على قلب كل مواطن سعودي. إنه يوم ذكرى تأسيس هذا الكيان العظيم، فقد حُدد يوم (22 فبراير) من كل عام بأن يكون يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم (يوم التأسيس)، وهو يوم فخر الأجداد ومجد للأحفاد الذين قاتلوا من أجل هذا الوطن وضحوا بأرواحهم وبما يملكون من أجل تحقيق الوحدة والعزة الوطنية والكرامة. وهو اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية. هذا اليوم العظيم يذكرنا بما قام به حكام آل سعود الميامين وبمساعدة المخلصين من أبناء هذا الوطن العظيم على مدى ثلاثة قرون. المملكة قيادةً وشعباً تعيشُ فرحة يوم التأسيس مقرونةً بالطموح والرُّقي والتقدُّم يتجدّد فيها استحضار الماضي العريق المملوء بالتضحية والبذل والعطاء لتأسيس أجيال على مراحل التاريخ الثلاث لخدمة دينها ووطنها حين وضع لبناته الأولى في مسيرته نحو الرِّيادة الإقليمية الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- في الدرعية منطلقاً من مرتكزين عظيمين هما القرآن والسنة. بدأ في الدرعية بعدد من المواقف والسياسات الدالة على بدء قيام الدولة السعودية الأولى، حيث إن سلسلة الحكم لدى الأسرة السعودية المالكة تمتد إلى مانع المريدي مؤسس مدينة الدرعية، وهو الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-. ولكن تأسيس الدولة المدنية الكبيرة حدث في عهد الإمام محمد بن سعود الذي تولى عام 1139ه الموافق 1727م. وكان نتاجها ما نعمت به الجزيرة العربية في المراحل الثلاث، وما ننعم به حالياً من تطورٍ ثقافيًا واجتماعيًا وعلميًا. وكان كل ذلك بفضل من الله ثم بفضل التعاضد والحب المتبادل الصادق فيما بين الحاكم والمحكوم. تكمن عظمةُ هذا الوطن من عظمة مرجعيَّته القياديَّة الحكيمة، والمؤيَّدة بالمرجعية الإسلامية الوسطية، التي تبارك النَّماء والبناء والتقدّم، وعلى ذلك كان النهج الذي أرسى أساساته الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وسار في إكماله ورسوخه أبناؤه البرَرَة من بعده -رحمهم الله- إلى أنْ تولّى زمام الحكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يعضده سمو ولي العهد الأمين محمد بن سلمان - حفظهما الله - فكانت عجلةُ التطوّر تسير بشكل مميّز ومنظَّم في جميع المجالات الحيوية، والتنموية، والبشرية، والتعليمية، وغير ذلك من المجالات، مواكبة في ذلك العبقرية التقنيّة المتسارعة، خاصةً في مجال التعليم العام والجامعي، وتوظيف العنصر البشريِّ مهنيّاً في توجيهها لخدمة جيل المستقبل، وأمل الوطن، وبناتِهِ من الجنسين، وفق متطلبات مرحلة التحوّل نحو الرؤية الوطنية 2030، التي تقتضي إعادة النظر في كثير من المعطيات الحضارية المعاصرة، وتوظيفها لبناء الوطن والإنسان معاً، ليكون في مصافِّ الدول العالمية المتقدمة. منظومة التعليم والجامعات ومراكز الأبحاث والابتكارات ستبقى شاهدةً على تقدير القيادة الحكيمة وتضحيتها وسخائها تجاه مواطنيها عامَّة، وجيل المستقبل وأمل الأمة، بما تلقاه من دعم كامل وشامل لمشروعاتها التعليمية والجامعية، ومجمعاتها الأكاديمية، التي تمتدُّ على مساحةٍ واسعة في وطننا المعطاء.