بمناسبة الاحتفال بيوم التأسيس لعله من المناسب أن نلقي نظرة موجزة حول مسمى الرياض لما لها من تقارب وتجربة مشتركة مع الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى حين دعا رئيس حَجْر اليمامة (الرياض) علي بن عيسى بن درع الحنفي ابن عمه مانع بن ربيعة المريدي الحنفي من بلدته الدرعية قُرب الأحساء وقدم مانع إلى حَجْر ثم أسس بلدته الجديدة الدرعية في وادي حنيفة شمال حَجْر. الرياض (الخضراء) الرياض كانت تسمى الخضراء أيام قبيلة طسم البائدة التي كانت تقطن على هذه الأرض منذ أكثر من ألف وسبعمائة سنة، والخضراء عين ماء كانت تقع على حافة وادي الوتر (البطحاء) الغربية وسميت المدينة عليها، وكان لقبيلة طسم الزعامة في هذا الإقليم الذي سمي لاحقاً باليمامة. وهناك قبيلة أخرى معاصرة لطسم تدعى جديس تقطن الخضرمة (الخرج) جنوب الخضراء، وكانت تقع بين هاتين القبيلتين الحروب والتنافس والغلبة دائماً لطسم بقيادة زعيمها المدعو عمليق والذي كان يتسلط على أعراض قبيلة جديس، فقررت جديس أن تثأر من هذا المتسلط فأعدت له ولأفراد قبيلته مائدة وطمروا سيوفهم ورماحهم تحت تلك المائدة ولما استقر عمليق وفرقته حول المائدة أخرج الجديسيون سلاحهم وقتلوهم جميعاً بمن فيهم زعيمهم عمليق. وقد استنجدت طسم بأحد ملوك حمير اليمانية، فجاء الزعيم الحميري فقضى على كلتا القبيلتين وأخذ ما استطاع من الغنائم، وهنا حدثت قصة (زرقاء اليمامة)، وأصبحت الخضراء قاعاً صفصفاً وبقيت حصونها وبساتين نخيلها خاوية حتى قدم عدد من القبائل من أطراف الحجاز ومنهم قبيلة بني حنيفة بقيادة عبيد الله بن ثعلبة الحنفي ووجد عبيد تلك القصور والبساتين فحجر له ثلاثين قصراً وثلاثين حديقة وبستاناً فأصبحت الخضراء تسمى (حَجْر). وقد قدر الشيخ حمد الجاسر ذلك الحدث بما يقارب من قرنين من الزمان قبل البعثة النبوية الشريفة. ازدهرت حَجْر وصار يطلق عليها حَجْر اليمامة وأصبحت قاعدة ومدينة حضرية وملتقى الطرق والقوافل وسط الجزيرة العربية. وقد كانت حَجْر مقر ولاة اليمامة منذ أن دخلت في الإسلام وبلغ عدد ولاتها منذ عصر النبوة والخلافة الراشدة والدولة الأموية والدولة العباسية ثمانين والياً. وقد زار حَجْر اليمامة الرحالة ابن بطوطة سنة 732ه وذكر أنها مدينة خصبة ذات أنهار وأشجار، وأن أهلها عرب من بني حنيفة، وبعد مكوثه عدة أيام ذهب إلى الحج برفقة أميرها فضل بن غانم الحنفي. وفي القرن العاشر الهجري بدأ اسم حَجْر يتلاشى وظهر محلها عدة بلدات تشمل معكال، ومقرن، والعود، وجبرة، وصياح، والبنية، والصليعاء (الظهيرة)، والخراب. وكان أشهرها معكال ومقرن وقد عاصر بروز تلك البلدات ظهور الدولة الجبرية في القرن العاشر الهجري التي خضعت لها مناطق البحرين (الأحساء) وبعض نجد والعارض وكان أبرز حكامها مقرن بن زامل بن أجود الجبري وقد سجل الشاعر الشعبي جعيثن اليزيدي من أهل الجزعة في حَجْر رثاء السلطان مقرن بن زامل الجبري بعد مقتله من البرتغاليين بالقرب من شواطئ الخليج سنة 927ه حيث ذكر في قصيدة له: ولاقيت السير يا ناق مقرن وقابلت وجهاً فيه للحمد شاهد حمى بالقنا «هجر» إلى ضاحي اللوى إلى العارض المنقاد نابي الفرايد ونجد رعى ربعي زاهي فلاتها على الرغم من سادات «لام» و»خالد» ومن سادات «حجر» من «يزيد» و»مزيد» قد اقتادهم قود الفلا بالقلايد ومن خلال هذه القصيدة يظهر انقياد عشيرتي بني حنيفة آل يزيد وآل مزيد سادات حجر لحكم مقرن بن زامل الجبري وحكمه للأحساء «هجر» والعارض ونجد لذلك لا يستبعد المؤرخ الدكتور عبدالله العثيمين (مجلة الدارة ع1، س1) بسط السلطان مقرن نفوذه على حَجْر واكتساب وسط حَجْر اسم السلطان مقرن، وأصبح وسط حَجْر يعرف باسم مقرن منذ القرن العاشر الهجري حتى الثاني عشر. فالدكتور العثيمين (مجلة الدارة ع1، س4) يرجح أن الأبيات المذكورة أعلاه دليل على بسط مقرن الجبري نفوذه على حَجْر، وهنا يميل البعض إلى أن اسم مقرن وسط حَجْر اكتسبت اسمها من اسم السلطان مقرن. وقد دار بين معكال ومقرن حروب وتنافس وقد قال الشاعر الشعبي يصف تلك الأحداث: يا ما حلى والشمس باد شعقها ضرب الهنادي بين مقرن ومعكال وفي سنة 986ه غزا شريف مكة حسن أبانمي معكال وقتل كثيراً من أهلها وفرق معظمهم. ثم أصبحت مقرن أكثر شهرة وكان يحيط بها بساتين النخيل والرياض الخضراء ويطلق عليها رياض مقرن وصار الاسم يطلق تارة مقرن وتارة أخرى الرياض. ولعلنا نستعرض ما ذكره مؤرخو نجد حول مقرن والرياض ومتى أصبح اسم الرياض هو الاسم السائد لهذه المدينة العريقة كما يلي: تأصل شيوع اسم الرياض في نهاية القرن الحادي عشر المؤرخ أحمد بن محمد المنقور 1067 ه - 1125 ه: ذكر المؤرخ أحمد المنقور في تاريخه تحقيق د. عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، ذكر في أحداث سنة 1049ه ( وفاة الشيخ أحمد بن ناصر قاضي الرياض )، بينما ذكر في أحداث 1056ه (شيخة ابن مهنا في مقرن وقتلته وقتلة السطوة بعده). وفي أحداث سنة 1099 ه يذكر (فيها حدث مرض الرياض)، فذكر المؤرخ المنقور الرياض في أحداث 1049 ه كان المقصود مقرن ولا يعني أنها كانت تسمى الرياض في تلك السنة بدليل أنه ذكر (مقرن) في أحداث 1056 ه ثم ذكر الرياض في أحداث سنة 1099 ه في خبر حدوث مرض (الرياض) والمؤرخ المنقور ذكر الرياض في أحداث 1049ه عند كتابة تاريخه في أوائل القرن الثاني عشر حيث انتهى من كتابته سنة 1123 ه وكذلك ذكر الرياض في أحداث سنة 1099 ه بعد تأصل وشيوع اسم الرياض في نهاية القرن الحادي عشر. فالمؤرخ المنقور ذكر الرياض مرتين وذكر مقرن مرة واحدة ويدل ذلك على تداول اسم مقرن والرياض بالتناوب في النصف الثاني من القرن الحادي عشر وتأصل اسم الرياض في بداية القرن الثاني عشر قبل نهاية كتابة المؤرخ المنقور تاريخه سنة 1123 ه، وقبل وفاته سنة 1125ه. لذلك اسم الرياض لم يقصده المؤرخ في أحداث 1049ه بل كان اسمها لا يزال مقرن ولم يعرف اسم الرياض في تلك السنة لأن الشيخ المنقور ذكر اسم الرياض عند كتابة تاريخه وانتهائه من كتابته سنة 1123ه بعد ما أصبح اسم الرياض معروفاً وشائعاً ولا تعتبر سنة 1049ه بداية اسم الرياض. المؤرخ محمد بن ربيعة ( 1065 ه - 1158 ه ): ذكر المؤرخ محمد بن ربيعة العوسجي في تاريخه، تحقيق د. عبد الله بن يوسف الشبل، في أحداث سنة 1049ه (مات الشيخ أحمد بن ناصر) ولم يذكر مقرن أو الرياض، وفي أحداث سنة 1056 ه ذكر فيها سطوة مقرن يوم يقتل فيها مهنا ثم قتلت السطوة بعده)، والمقصود هنا ابن مهنا أمير مقرن، وفي أحداث سنة 1099ه ذكر (ملك يحيى بن سلامة مقرن)، وفي أحداث سنة 1106ه ذكر قتل يحيى بن سلامة إبراهيم بن وطبان. ولم يذكر مقرن أو الرياض وبالإجمال ذكر مقرن في الأحداث الأخرى. المؤرخ محمد بن عباد (... – 1175ه): المؤرخ محمد بن عباد في تاريخه، تحقيق د. عبد الله بن يوسف الشبل، ذكر حدثاً واحداً فقط في سنة 1141ه ونصه (انحاش ابن سويط وحجروا بعض عربانه في الرياض) حيث ذكر الرياض ويظهر بروز اسم الرياض في تلك السنة. اسم الرياض هو السائد في تلك الفترة سنة 1175ه. المؤرخ حسين بن غنام ( ... - 1225ه ): ذكر المؤرخ حسين بن غنام في تاريخه «روضة الأفكار والأفهام»، تحقيق د. ناصر الدين الأسد، أن الإمام محمد بن سعود قام بالكتابة إلى رؤساء البلدان المجاورة منهم دهام بن دواس رئيس بلد الرياض، بينما ذكر في أحداث سنة 1161ه خروج الإمام محمد بن سعود بأهل الدرعية وساروا إلى الرياض وانقسمت الفرقة إلى فرقتين اتجهت فرقة إلى صياح والفرقة الأخرى إلى مقرن فدخلوها وفي أحداث سنة 1175 ه ذكر (هجوم جيش الدرعية على الرياض فعمدوا على حرس بلدة ( مقرن ) فقتلوا ثلاثة منهم ) ويعني ذلك أن اسم الرياض هو السائد في تلك الفترة ولكن اسم مقرن لم يختف كليةً سنة 1175ه. المؤرخ حمد بن محمد بن لعبون ( 1182 ه - 1260 ه): المؤرخ حمد بن لعبون في تاريخه، تحقيق د. عبد العزيز بن عبد الله بن لعبون، ذكر في أحداث 1099ه (ملك يحيى بن سلامة أبا زرعة مقرن)، وذكر في أحداث 1106ه (قُتل إبراهيم بن وطبان، قتله يحيى بن سلامة)، وفي أحداث سنة 1141ه (هروب ابن سويط وانحجر عربانه في الرياض)، وفي أحداث سنة 1146ه (مقتل زيد أبا زرعة وتولي العبد خميّس)، وفي أحداث سنة 1151 ه ذكر إبن لعبون (ظهر خمّيس من الرياض وتولى دهام بن دواس الإمارة بشبهة أنه خال ولد زيد أبا زرعة)، وفي أحداث سنة 1156 ه ذكر ( سطا دهام بن دواس على منفوحة ورجع إلى الرياض ). ونلاحظ هنا أن المؤرخ ابن لعبون ذكر (مقرن) مرة واحدة في أحداث سنة 1099 ه، وفي الأحداث المتعاقبة يذكر الرياض فقط. المؤرخ محمد بن عمر الفاخري ( 1189 ه - 1277 ه): المؤرخ محمد الفاخري في تاريخه، تحقيق د. عبد الله بن يوسف الشبل، ذكر في أحداث سنة 1033ه (فيها قتلة آل مفرج راعي مقرن) وذكر في أحداث سنة 1049ه (توفي قاضي الرياض الشيخ أحمد بن ناصر بن الشيخ محمد بن عبد القادر بن يزيد بن مشرف )، وذكر في أحداث سنة 1099 ه ( ملك أبا زرعة مقرن)، وذكر في أحداث 1106ه ( مقتل إبراهيم بن وطبان، قتله يحيي بن سلامة أبا زرعة )، وفي أحداث سنة 1146ه ( مقتل زيد أبا زرعة وتولى في الرياض خميّس عبد آل زرعة )، وفي أحداث سنة 1151 ه ذكر (ظهر خميّس العبد من الرياض وتولى دهام بن دواس ). ونلاحظ أن المؤرخ الفاخري أول من ذكر مقرن في أحداث 1033ه وذكر الرياض في أحداث سنة 1049ه وذكر مقرن في أحداث سنة 1099 ه كما ذكرها المؤرخ أحمد المنقور من قبله، ثم ذكر الرياض في السنوات التالية بعد أن أصبح اسم الرياض سائداً. إن الرياض ذكرت من قبل المؤرخ ابن بشر في أحداث سنة 968 ه وسنة 986 ه. المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر ( 1210 ه - 1290 ه ). المؤرخ عثمان بن بشر في سوابق عنوان المجد في تاريخ نجد، تحقيق عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ طبعة وزارة المعارف 1391 ه، ذكر في سابقة سنة 968ه وفاة الشيخ العالم موسى الحجاوي وقد أخذ عنه أي عن الحجاوي (زامل بن سلطان قاضي بلد الرياض) وهو قاضي مقرن وعبارة بلد الرياض إضافة من ابن بشر بعد ما عُرف اسم الرياض في عصره المتأخر. وذكر في سابقة 986 ه. (سار الشريف حسن أبانمي صاحب مكة إلى نجد وحاصر معكال المعروف في الرياض)، وعبارة (المعروف في الرياض) إضافة من ابن بشر أيضاً، فمصدر الخبر تاريخ عبد الملك العصامي (ت 1111 ه) «سمط النجوم العوالي» ذكر معكال فقط ولم يذكر الرياض. وفي أحداث سنة 1033 ه ذكر ابن بشر (قتلوا أولاد مفرج بن ناصر صاحب مقرن المعروف في الرياض ) وعبارة (المعروف في الرياض) زيادة من ابن بشر كما عُرف الرياض عصره، وفي أحداث سنة 1037 ه ذكر (استولوا آل مديرس في بلد مقرن، وشاخوا فيه ) وهنا لم يذكر الرياض، وفي أحداث سنة 1049ه ذكر (توفي قاضي الرياض أحمد بن ناصر) وهنا ذكر الخبر المؤرخ ابن بشر كما ذكره من قبله المؤرخ أحمد المنقور كما سلف. وفي أحداث سنة 1056ه ذكر قتل محمد بن مهنا أمير مقرن البلد المعروف في الرياض وفي أحداث سنة 1099 ه ذكر ابن بشر (تولي يحيى بن سلامه أبا زرعة في بلد مقرن المعروف في الرياض) وهنا أيضا العبارة (المعروف في الرياض) إضافة من ابن بشر كما عرف اسم الرياض في عصره. وفي أحداث سنة 1106ه ذكر (قُتل إبراهيم بن وطبان، قتله يحيى بن سلامة أبا زرعة) ولم يذكر مقرن أو الرياض. وفي أحداث سنة 1141 ه ذكر (هرب ابن سويط رئيس الظفير ودخل بعض عربانه الرياض واحتصروا فيه )، وفي أحداث سنة 1151 ه ذكر (ظهر خميّس من الرياض وتولى فيه دهام بن دواس). ويلاحظ هنا أن الرياض ذكرت من قبل المؤرخ ابن بشر في أحداث سنة 968 ه وسنة 986 ه كما عرف اسم الرياض في عصره المتأخر، وذكر مقرن في أحداث 1033 ه، وسنة 1037 ه وأضاف (المعروف في الرياض)، وفي سنة 1049ه ذكر الرياض وهو الحدث الذي ذكره المؤرخ المنقور أول مرة قبل وفاته سنة 1125 ه وكان المقصود منه مقرن كما فصلنا، ونشر هذا الخبر اين بشر بعد أكثر من قرن ونصف من ذلك الزمان. المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى: (1270 ه - 1343 ه): ذكر المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى في تاريخه، «تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد» في حوادث سنة 1049ه (توفي الشيخ العالم أحمد بن الشيخ ناصر بن الشيخ محمد بن عبد القادر بن راشد بن بريد بن مشرف الوهيبي التميمي قاضي الرياض)، وفي أحداث سنة 1099 ه ذكر (فيها ملك يحيى بن سلامة أبا زرعة بلد مقرن المعروف في الرياض، وآل زرعة من بني حنيفة، وبلد مقرن محلة اليوم من بلد الرياض وكانت في الماضي بلد متحدة، وأما الآن فقد أدخلها سور الرياض وفي آخرها حصل وباء العارض مات فيه الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان ). وهنا فصل المؤرخ ابن عيسى أن مقرن كانت بلداً مستقلاً ثم أصبحت ضمن بلد الرياض داخل السور بعد ما أصبح اسم الرياض هو السائد كما ذكر العارض بدل الرياض في الأخير. وفي أحداث سنة 1106ه يذكر المؤرخ ابن عيسي (وفيها قُتل إبراهيم بن وطبان رئيس الدرعية، قتله يحيى بن سلامة أبا زرعة رئيس بلد الرياض) وهنا يوضح المؤرخ ابن عيسى أن إبراهيم بن وطبان أميراً للدرعية، والذي قتله يحيى بن سلامة أبا زرعة رئيس بلد الرياض)، وقد تم ذكر هذا الخبر من قبل المؤرخين الذين قبله ولم يذكروا من هو إبراهيم بن وطبان وذكروا أن يحيى بن سلامة أبا زرعة كان رئيس بلد مقرن، وذكر ابن عيسي بلد الرياض بدلاً من مقرن بعد ما أصبح اسم الرياض سائداً في عصره المتأخر. وفي حوادث سنة 1146 ه يذكر المؤرخ ابن عيسي (قُتل زيد بن أبا زرعة رئيس بلد الرياض، قتلوه عنزة في وقعة بينهم وبين أهل الرياض وتولى في بلد الرياض عبد آل زرعة خميّس)، وهنا ذكر المؤرخ ابن عيسى هذا الخبر كما ذكره المؤرخون الذين قبله وذكر الرياض بعد ما أصبحت معروفة في ذلك التاريخ. وفي أحداث سنة 1151 ه، ذكر ابن عيسي (خرج العبد خميّس من الرياض واستولى دهام بن دواس بن عبد الله بن شعلان بسبب أنه خال ولد زيد آبا زرعه). الرياض اسماً شائعاً المؤرخ عبد الله بن محمد البسام ( 1270 ه - 1346ه ) ذكر في تاريخه «تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق « تحقيق د. أحمد بن عبد العزيز البسام إصدار دارة الملك عبد العزيز 1437 ه ذكر في أحداث سنة 968 ه (وفاة الشيخ موسي الحجاوي وقد أخذ عنه العالم الشيخ زامل بن سلطان قاضي الرياض) وهو نفس الخبر الذي أورده المؤرخ عثمان بن بشر في سوابقه والمقصود هو قاضي مقرن. وذكر كل من ابن بشر والبسام (الرياض) بعد ما عرف الرياض في عصريهما. وذكر المؤرخ البسام خبر غزوة الشريف حسن أبانمي إلى نجد سنة 988 ه بخلاف المؤرخين الآخرين فقد ذكروا سنة 986ه، (وحاصر بلد معكال المعروف في الرياض) وهذا ما ذكره ابن بشر قبله، وفي أحداث سنة 1033 ه ذكر المؤرخ البسام (في هذه السنة مقتل آل مفرج بن ناصر رؤساء بلد مقرن) وهنا وقع في لبس، فالقائل هم آل مفرج بن ناصر والمقتول هو أمير بلد مقرن وليس آل مفرج بن ناصر هم رؤساء مقرن، وهذا الخبر ذكره كل من المؤرخ محمد الفاخري والمؤرخ عثمان بن بشر في أحداث تلك السنة كما هو مذكور آنفاً. وفي أحداث سنة 1036 ه ذكر المؤرخ البسام (وفيها استولى آل مديرس على بلدة مقرن المعروفة في الرياض) وقد ذكر ذلك المؤرخ ابن بشر في حوادث سنة 1037 ه، وفي أحداث سنة 1049ه ذكر البسام (في هذه السنة توفي العالم العلامة أحمد بن ناصر بن محمد بن عبد القادر بن راشد بن بريد بن مشرف الوهيبي التميمي النجدي الحنبلي قاضي الرياض) وقد ذكر (قاضي الرياض) كما ذكره المؤرخون من قبله، وأضاف تفصيل في اسم القاضي وألقابه. وفي أحداث سنة 1059 ه ذكر (وفاة الشيخ محمد بن إسماعيل وأخذ عنه العلم الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان العالم المعروف في الرياض) وهنا ذكر (العالم المعروف في الرياض) والمقصود مقرن كما ذكره المؤرخون السابقون. وفي أحداث سنة 1099 ه ذكر (في هذه السنة استولى يحيى بن سلامة أبا زرعة على بلد مقرن المعروفة في الرياض، والمعروف عند أهل نجد أن أبا زرعة من بني حنيفة، وبلد مقرن اليوم محلة من بلد الرياض كانت في الماضي مستقلة وأما اليوم فقد أدخلها سور بلد الرياض) و(فيها حصل وباء في الرياض توفي فيه الشيخ العالم العلامة الإمام عبد الله بن محمد دهلان قاضي الرياض) وهذا مطابق لما ذكره المؤرخ إبراهيم بن عيسي سلفاً عدا ذكر البسام وباء الرياض بدل وباء العارض كما ذكر ابن عيسى). وفي أحداث سنة 1106ه ذكر البسام (وفيها قُتل إبراهيم بن وطبان أمير بلد الدرعية قتله يحيى بن سلامة أبا زرعة أمير بلد الرياض)، وفي أحداث سنة 1146ه ذكر (وفيها قُتل زيد أبا زرعة رئيس بلد الرياض، قتلوه عنزة في وقعة بينهم وبين أهل الرياض وتولى في الرياض خميّس عبد آل زرعة) وفي أحداث سنة 1151ه ذكر المؤرخ البسام (في هذه السنة خرج خميس عبد أبا زرعة من الرياض واستولى عليها دهام بن دواس بن عبد الله بن شعلان يسبب أنه خال ولد زيد أبا زرعة). وما ذكره المؤرخ البسام في تلك الأحداث الثلاثة مطابقاً لما ذكره المؤرخ إبراهيم بن عيسى، وذكرا الرياض كما هو معروف في عصريهما وبعد أن أصبح اسم الرياض شائعاً كما ذكره المؤرخان الفاخري وابن بشر قبلهما. المؤرخ خالد بن أحمد السليمان (1377 ه - 1439ه) من المؤرخين المعاصرين الذين لهم اهتمام بتاريخ الرياض مؤلف كتاب معجم مدينة الرياض وكتاب علماء اليمامة في صدر الإسلام الأول، فقد ذكر الباحث السليمان في كتابه المعجم معلومات قيمة عن تاريخ بلدة مقرن نذكر ما جاء فيها بإيجاز، حيث ذكر (مقرن بلدة قديمة عامرة كانت قاعدة الحكم والإدارة في مدينة الرياض، في القرون التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر الهجرية وقد اتحدت مع بلدة معكال زمان إمارة دهام بن دواس بعد الحروب التي كانت دائرة بينهما وسمى البلد الرياض. واسم مقرن ينسب إلى مقرن بن زامل بن أجود الخالدي الذي حكم حجر اليمامة قبل سنة 1000ه وتوفي في حرب ضد البرتغاليين ويقال إنه دفن في أم سليم بالرياض حيث مقر قصره ومقر خيوله). كما ذكر أحداث سنوات 1033ه، و1037ه و1056ه و1099ه التي ذكرها المؤرخ ابن بشر في سوابقه وأدرجناها هنا في هذا المقال ضمن المقارنة مع المؤرخين الآخرين حول أحداث مقرن والرياض، والباحث خالد السليمان ذكر مقرن في أحداث تلك السنوات كما وردت من قبل المؤرخ ابن بشر كما أشرنا في هذا البحث. كما ذكر في أحداث 1093 ه قدوم دهام بن دواس ولجوءه إلى الرياض كما أوردها ابن بشر ويضع مقرن بين قوسين على أن المقصود مقرن وتسمية الرياض من قبل ابن بشر، وذكر خبر ابن بشر في أحداث 1175 ه وقدوم جيش الدرعية إلى الرياض ومقتل حرس بلدة (مقرن) وهذا منقول أصلاً من تاريخ حسين بن غنام كما نوهنا عنه في سياق هذه المقارنة بين هؤلاء المؤرخين. كما ذكر الحروب التي كانت بين بلدتي معكال ومقرن وكانت تلك الأحداث خلال القرون التاسع والعاشر والحادي عشر الهجرية قبل بزوغ مسمى الرياض. كما أشار الباحث السليمان إلى مكانة مقرن العلمية حيث قال: (وقد كانت مقرن أيام ازدهارها قلعة علمية حطت إليها ركاب طلاب العلم والمعرفة وكان الناس يفدون إليها من جهات كثيرة، ومن العلماء المشاهير في مقرن الشيخ أحمد بن ذهلان ولد سنة 1102ه، ومن مشايخه أبوه ذهلان ومحمد بن سحيم وعبد الله بن محمد بن سحيم، وقد تولى قضاء الرياض (والمقصود مقرن)، كما أن الشيخ أحمد بن ذهلان أشهر من الشيخ عبد الله بن ذهلان قاضي الرياض (مقرن) (ت 1099ه) الذي وفد إليه الشيخ المؤرخ أحمد المنقور وقرأ عليه في مقرن. ومن علماء مقرن المشهورين ذكر أيضاً أحمد بن ناصر بن مشرف، والشيخ سليمان بن محمد بن شمس الذي تولي قضاء مقرن سنة 969 ه، كما تولى أحمد بن ناصر بن مشرف قضاء مقرن في زمن إمارة آل مديرس عليها سنة 1037ه) انتهى. فما ذكره الباحث السليمان يتطابق مع ما ذكره المؤرخون السابقون الذين فصلنا ما ذكروه حول مقرن والرياض، ويؤكد أن اسم مقرن هو الدارج ضمن أحداث القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين. وقد انفرد المؤرخ خالد السليمان بذكر أن اسم الرياض لم يصدر عن أهالي الرياض وإنما أتى من أهالي القرى والمستوطنات المجاورة لمدينة الرياض. كما ذكر أيضاً (أن اسم الرياض أصبح رسمياً بعد تولي دهام بن دواس حكم الرياض سنة 1151 ه بعد توحيده لبلدتي مقرن ومعكال وغيرهما تحت مسمى الرياض). وسوف نوضح هذه الفقرة بناءً على المعطيات التاريخية كما سيأتي. نستنتج مما ذكرنا خلال المقارنات بين أقوال المؤرخين حول اسم مقرن ومسمي الرياض، حيث تبين الأحداث التي ذكرت فيما يتعلق بهذا المسمى أن اسم مقرن هو الاسم الأصلي للمدينة، ثم بدأ يطلق اسم الرياض عليها وما حولها ليس من قبل أهلها بل من أهل القرى والمستوطنات المحيطة بها من الخارج لما تحتضنه من رياض ومناطق خضراء وبساتين، وبدأ هذا الاسم يظهر ويشتهر باسم رياض مقرن منذ أواخر القرن الحادي عشر الهجري. كما بدأ إطلاق الاسمين مقرن والرياض بالتناوب كما شاهدنا من خلال أقوال المؤرخين الذين تتبعناهم آنفاً، وتبين أن المؤرخ أحمد المنقور عندما ذكر خبر (وفاة قاضي الرياض أحمد بن ناصر سنة (1049 ه) كان يعني (قاضي مقرن) في حينها وفي ذلك التاريخ (أي 1049ه) بدليل ذكره مقرن في أحداث سنوات تالية لذلك التاريخ كما رأينا، إنما أطلق المؤرخ المنقور اسم الرياض بعد أن صار الاسم شائعاً في عصره في نهاية القرن الحادي عشر وبداية القرن الثاني عشر الهجريين وقبل انتهائه من كتابة تاريخه سنة 1123ه وقبل وفاته سنة 1125ه. لذلك يعتبر المؤرخ المنقور هو المؤرخ الأول الذي أرخ اسم الرياض قبل كل المؤرخين الذين أتوا بعده الذين ذكرناهم في هذا البحث ولم يكن يقصد اسم الرياض سنة 1049ه إنما ذكرها بدل مقرن بعد أن أصبح اسم الرياض شائعاً في أول القرن الثاني عشر الهجري كما بينا. ولعلنا نذكر هنا تعليقاً على ما ذكره الشيخ حمد الجاسر في كتابه الرياض عبر أطوار التاريخ ص 91، وفي مجلة العرب العدد 5/6، السنة (16)، حول بداية إطلاق اسم الرياض، وإشارته إلى ما ذكر المؤرخ عثمان بن بشر في تاريخه حيث يقول الشيخ الجاسر: (وهو أنه في سنة تسع وأربعين وألف توفي قاضي الرياض أحمد بن ناصر، ويفهم من هذا أن اسم «الرياض» بدأ إطلاقه على هذه المدينة في القرن الحادي عشر الهجري، غير أن إبراز أحداث بلدة مقرن حتى نهاية هذا القرن يدل على عدم إطلاق اسم الرياض في ذلك القرن، وأن ابن بشر يعني مقرن التي شملها اسم الرياض في عهده أي عهد ابن بشر)، وأقول تعليقاً على ذلك: إن المؤرخ ابن بشر - رحمه الله - نقل نص ذلك الخبر من تاريخ المؤرخ أحمد المنقور، كما وضحنا سلفاً، حيث ذكر المنقور عبارة (قاضي الرياض) وهذا يعني أن اسم الرياض كان شائعاً وشاملاً لبلدة مقرن وما حولها في عصر المؤرخ أحمد المنقور المتوفي سنة 1125 ه قبل عصر المؤرخ عثمان بن بشر المتوفي سنة 1290 ه بأكثر من مئة وخمسين سنة. وكذلك تعليقاً على ما ذكره الباحث خالد السليمان في كتابه معجم مدينة الرياض ونوهنا عنه آنفاً من أن اسم الرياض أصبح اسماً رسمياً بعد أن تولى دهام بن دواس حكم الرياض سنة 1151 ه بعد توحيده لبلدتي مقرن ومعكال وغيرهما تحت مسمى الرياض، ونقول: إنه يتضح من خلال الأحداث التي فصلنا سلفاً أن اسم مقرن ومعكال موحدة تحت اسم الرياض بعد أن أصبح الاسم شائعًا ومألوفاً منذ أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر، أي قبل تولي دهام بن دواس إمارة الرياض بخمسين سنة على أقل تقدير كما هو مذكور في تاريخ أحمد المنقور. أما بالنسبة لمسمى مقرن على اسم السلطان مقرن الجبري، فقد ذكرنا آنفاً رأي الدكتور عبد الله العثيمين وأن ما ورد في قصيدة جعيثن اليزيدي لمدح السلطان مقرن وبسط سلطانه على حجر وولاتها من آل يزيد وآل مزيد الحنفيين، لذلك لا يستبعد اكتساب بلدة مقرن اسم السلطان مقرن لما له من الشهرة لرئاسته لحجر. وأما ما ذكره خالد السليمان في معجمه عن دفن مقرن بن زامل الجبري في حي أم سليم بالرياض فقد ذكر مؤرخو الدولة الجبرية أنه قتل في نواحي القطيف بعد حربه مع البرتغاليين في شواطئ الخليج سنة 927ه. والخلاصة أن ظهور اسم الرياض بدأ في أواخر القرن الحادي عشر الهجري وتأصل في بداية القرن الثاني عشر الهجري بعدما كان يذكر بالتناوب مع مقرن خلال تلك الفترة وأصبح شائعاً منذ ذلك الحين أي منذ أكثر من ثلاثة قرون إلى يومنا الحاضر. حفظ الله الرياض عاصمة مملكتنا الغالية في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز باني نهضتها حفظه الله ورعاه، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان رائد رؤية 2030 حفظه الله وأبقاه.