الموقع الجغرافي المتميز أهَّلها لتكون أهم المحطات التجارية لعبور القوافل الحضارات القديمة تحاكي التاريخ الذي قدم وصفاً عميقاً عن مستوطنات ضاربة في القدم، تلخص ما لا يعرف عن وجود حياة سابقة فريدة من نوعها تروي كل الأسباب الكامنة خلف الازدهار الذي نراه اليوم من التطور عن مدينة عرفت باسمها الأول «حجر اليمامة» خلف حروب رسمت مركزية الحكم فيها وسلطة القرار حيث تغير اسمها بعد القرن 17 ميلادي بكل ما حملت من إرث حضاري جم فيه شواهد العصور التي مرت ونقشت تاريخاً محفوظاً لبلدة مستقرها قلب الجزيرة العربية. في عهد الإمام فيصل بن تركي توسعت الرياض ونمت نمواً سريعاً حول هذه المدينة وآفاق التحولات التي مرت بها باعتبارها أكثر المدن مقاومة للدولة السعودية الناشئة في طورها الأول ولم تخضع إلا بعد سلسلة من الحروب تجاوزت مقاومتها ثلاثة عقود وقد شُيد فيها العديد من الحصون والقصور التي بقيت آثارها شاهدةً على وجودها حتى أوائل القرن الرابع الهجري. كانت الرياض مقر السلطة والحكم في عهد الإمام تركي بن عبد الله - رحمه الله - (مؤسس الدولة السعودية الثانية)، ثم عادت لتكون مقر الحكم السعودي في الدولة السعودية الثالثة بعد استعادة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لها في فترة توحيد البلاد وإعلان قيامها عام 1932 لتبدأ مسيرة سبعة ملوك يحكمون عاصمة الملك السعودي. أطلق اسم الرياض على المدينة في القرن الثاني عشر الهجري.. وبلدتا مقرن ومعكال أشهر أحيائها إقليم اليمامة.. الحدود الإدارية والسياسية تحتل نجد مساحة واسعة من الجزيرة العربية؛ إذ تقع في منتصف الهضبة الوسطى التي تعد من أكبر الأقسام المأهولة من بلاد العرب. وقد تباينت آراء المؤرخين ضمن مصنفاتهم في تحديد جغرافية نجد مع إقليم اليمامة، ويُعزى هذا الاختلاف إلى تداخلها ضمن الحدود الإدارية والسياسية لهذه المنطقة، وتبعًا لذلك فقد تباينت آراؤهم في تحديد بلاد اليمامة التي هي جزء من هذا الإقليم النجدي. وتعد اليمامة سُرّة نجد، وفي وسطها إقليم العارض وبلداتها المأهولة منذ القدم، وقاعدتها حَجْر اليمامة التي قامت على أنقاضها مدينة الرياض اليوم. وصف فندريك قبل العام 1870م الرياض أنها ذات سور وجنائن وبندر - مقر تجاري - يجتمع إليها تجار من الأحساء والقطيف وعمان ومكة ووادي نجران واليمن يحيط بحَجْر اليمامة واديان مهمان هما: وادي الوتر (البطحاء) من الجهة الشرقية، ووادي حنيفة من الجهة الغربية، وتنحدر على هذين الواديين مجموعة من الروافد والشعاب المائية الداعمة ولاسيما عند هطول الأمطار، بينما بدأت ربوات المدينة قليلة الارتفاع عن منسوب الواديين، وتتخلل الجهات الشمالية والجنوبية رحبة واسعة ذات تلال صغيرة وحزوم متفرقة شكلت معالم وتضاريس لتلك الفضاءات والمساحات الممتدة لجانبي المدينة ونتيجة لهذه العوامل المؤثرة فإن ظاهرات السطح لعبت دورًا أساسيًا في تحديد المعالم والمواضع الرئيسة للمدينة وهكذا أهَّلها هذا الموقع الجغرافي المتميز لتكون من أهم المحطات التجارية التي تعبرها القوافل وتخترق الجزيرة العربية، وأصبحت من أهم أسواق العرب التي يفد إليها الناس؛ فضلًا عن انتشار عدد من الصناعات المشهورة بها وتوافر كثير من المحاصيل والمنتجات الزراعية ولا سيما الحنطة والتمور. وقد كانت هذه المقومات الجغرافية محفزًا لزيارة الرحالة لها ومنهم ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري (عام 732ه)، وذكر أنها ذات أنهار وأشجار، وأن سكانها بنو حنيفة، وهي بلادهم قديمًا وحديثًا، ثم أشار إلى ذهابه مع أميرهم إلى الحج. وفي أوائل القرن العاشر الهجري انقسمت حَجْر اليمامة إلى عدة قرى وحلل، فتوسعت جغرافيًّا، وعرف كل موضع منها باسم جديد، وأشهر تلك المواضع (مقرن ومعكال) وأحيطت ظواهر المدينة بأسوار متعددة، أما الأحياء السكنية فقد توسعت في عهد دهام بن دواس آل شعلان (1146ه - 1187ه)، وشملت القرى المتفرقة بين جوانبها: كمقرن، ومعكال، والبنية، والقلعة وغيرها، بحيث أدار على هذه المحلات المتناثرة سورًا كانت آثاره باقية حتى عهد قريب، كما شيد قصرًا للحكم وسط المدينة، وعندما دخلت الرياض تحت حكم الدولة السعودية الأولى عام 1187ه؛ استمر وضع البلدات والقرى المتفرقة على حالتها السابقة، وعندما سقطت الدولة السعودية الأولى عام 1233ه / 1818م، كان أمير الرياض حينئذ ناصر بن حمد بن ناصر العائذي، وهو الذي أمر باختيار مجموعة من الأحياء والمساحات المجاورة لوسط المنطقة المركزية كقصر الإمارة والجامع؛ لتكون مواضع وحللًا سكنية محاطة بالأسوار المحصنة، وفي الوقت نفسه سعى إلى تشجيع البناء للأسر التي كانت خارج أسوارها؛ إضافة إلى استجابته لحاجة السكن بعد النزوح الأسري المترتب على هجرة السكان الجدد القادمين لها من عاصمة الدولة السعودية الأولى الدرعية عام 1233ه، وسعى لمنحهم أراضي يتم البناء عليها لتكون بمثابة المنازل والدور، وتصبح الرياض كالقلعة المحصنة داخليًّا، كما شرع ابن ناصر في بناء قصر له، والقيام بترميم بعض الأسوار الخارجية. وهذه الأعمال التي قام بها ابن ناصر كانت قبل دخول الإمام تركي بن عبدالله إلى المدينة؛ حيث تذكر بعض المصادر أن الإمام حاصر الرياض عام 1240ه؛ وبداخلها قوات محمد علي مؤكدة أن المدينة محاطة بأسوار خارجية وهى التي كانت تعرف عند المتقدمين ب (حَجرْ اليمامة). وبعد مبايعة الإمام تركي بن عبدالله (1240ه - 1249ه) حاكمًا للبلاد وجعل الرياض عاصمة جديدة شرع بإجراء عدد من الإصلاحات داخل المدينة وخارجها شملت بعض المساجد، وإنشاء بعض القنوات المائية لحماية المدينة وتصريف مياه الأمطار ورفداً للحقول الزراعية في المدينة. قلعة الظيرين القديمة (المرقب) وعمل الإمام تركي على ترميم وإنشاء بعض أسوار المدينة وحصونها وكان من أهم الترميمات التى جرت فى عهده هو إصلاح وترميم قلعة الظيرين القديمة ( المرقب ) والتى تقع فى الجهة الشرقية من أسوار الرياض، واتخذت ثكنة عسكرية وأمنية، وفى هذه القلعة عدد من المدافع العسكرية، التى يستعمل بعضها لإطلاق الأعيرة النارية (المدفع) احتفالاً بدخول شهر رمضان والأعياد. ثم أكمل الأمير عبدالله بن ثنيان بعد ذلك بعض الأعمال المعمارية في المدينة، فوسع قصر الحكم، وشيد بعض المباني فيه، كما أنشأ الأمير خالد بن سعود مسجدًا له يقع في الجهة الجنوبية من قصر الحكم، ثم بدأت المدينة في عهد الإمام فيصل بن تركي بالتوسع والنمو السريع من حيث إنشاء المساكن وبناء المساجد وحفر الآبار والمساقي وتوزعت الأحياء داخل أسوار المدينة إلى أحياء متعددة، فأشار بلجريف في زيارته للرياض عام 1279ه / 1862م، إلى أن الحي الرئيس في الجهة الشمالية الشرقية، وتوجد فيه قصور الأسرة المالكة وبعض الأعيان، والحي الشمالي والشمال الغربي يسكنه فئات متعددة أما الحي الجنوبي الغربي فهو حي دخنة، فتسكن فيه أسرة آل الشيخ والأسر المتدينة. وذكر الحي الأخير بأنه يقع في الجهة الجنوبية الشرقية، ويشهد كثافة سكانية عالية وأشار إلى أن المدينة يحيط بها من خارج أسوارها المزارع والنخيل التي تمتد بين جانبي المدينة حتى وادي الوتر شرقاً ووادي حنيفة غرباً أما من الناحية الشمالية فممتدة مزارعها إلى مرتفعات وروضة الوشام، ومن الناحية الجنوبية مرتفعات وظهار بلدة منفوحة. وذكر فندريك قبل عام 1286ه / 1870م أن الرياض ذات سور وجنائن وبندر - مقر تجارى - يجتمع إليها تجار من الأحساء والقطيف وعمان ومكة ووادي نجران واليمن.. وهى الآن قصبه بلاد نجد وتلك البلاد مشهورة بخيلها الجياد وغَنمها وجِمالها. وأورد البستاني قبل عام 1304ه / 1887 م وصفًا عامًا لمدينة الرياض بأنها محاطة بأسوار قوية والمدينة داخلها أبنية وقصور مختلفة فقال : «والمدينة محاطة بأسوار منيعة مربعة الشكل وتحميها بعض الأبراج والمعاقل ويكون خلف بعض هذه الأسوار خنادق تحمي هذه الأسوار كما تشمل المدينة عددًا من القصور والبنايات الكبيرة». قصبة بلاد نجد عُدَّت حَجْر اليمامة العاصمة السياسية والاقتصادية لبلاد اليمامة، ومنبرها أحد المنابر الأساسية في الجزيرة العربية؛ كونها منزل السلطان والولاة والجماعة عبر العصور الإسلامية. قامت مدينة الرياض على أنقاض مدينة حَجْر اليمامة العاصمة التاريخية لهذا الإقليم في وسط الجزيرة العربية التي ورثت مسمى العاصمة المكانية القديمة؛ «ولهذا فتاريخ المدينتين واحد». التنافس على السيادة بين بلدتي مقرن ومعكال وعرفت بين المسميين الحديث (الرياض)، والعتيق (حَجْر اليمامة) بعضُ البلدات والقرى خلال القرن العاشر الهجري، ضمن هذا الموضع الجغرافي، أهمها: بلدتا مقرن، ومعكال، إضافة إلى أحياء أخرى كالصليعاء، والبنية، والعود، وجبرة، وصياح، والخراب، وهذه المواقع قريبة المسافة فيما بينها لموضع حَجْر القديم، الذي أطلق عليه أهالي المدينة مسمى الخراب. أخذ اسم حَجْر اليمامة الذي عرفت به العاصمة التاريخية لهذا الإقليم بالاختفاء تدريجيًا، بينما اقتصرت بعض التسميات في القرون المتأخرة على مواضع ملاصقه لأسوار مدينة الرياض في ناحيتها الشمالية الشرقية، وعرفت عند أهلها إضافة إلى وثائقها القديمة ب(بئر حَجْر اليمامة) أو ببعض الأسماء الأخرى ك (قبّة حَجْر)، وهذه المواضع كانت أحد أحياء حَجْر القديمة. وخلال القرن العاشر الهجري ظهر التنافس على السيادة بين بلدتي مقرن ومعكال؛ من حيث اتساع حدودهما على مساحة واسعة ضمن الموضع الجغرافي والتاريخي لحَجْر اليمامة وقصباتها؛ ويعود سبب الخلاف بينهما إلى وقوع صراعات وصدامات قديمة بينهما، وأطلق اسم الرياض على المدينة في القرن الثاني عشر الهجري بصفة عامة، وليس على ما ذكره بعض المؤرخين (كالمنقور ت 1125ه) في حوادث عام 1049ه بقوله: «وفي سنة تسعٍ وأربعين وألف، مات الشيخ أحمد بن ناصر قاضي الرياض»، فإن إطلاق كلمة الرياض هو بحسب مدلولها في عهد المؤرخ، لا في عهد من ترجم له، وهذا هو الصحيح؛ بالمقابل لم يختف اسم الموضعين: مقرن ومعكال عند الأهالي، أو يندرس في الوثائق، أو يخفى على بعض الشعراء الذين أشاروا إلى ذلك خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين. أما الأسر الحاكمة لمدينة حجر - مقرن فيما بعد - في القرنين التاسع والعاشر الهجريين فكانت أسرة آل درع، وأبرزهم الأمير عبدالمحسن بن سعيد الدرعي الحنفي، الذي كان له اتصال مع جد الأسرة السعودية مانع المريدي الحنفي عندما كانوا في شرق الجزيرة العربية، وقد مدحه الشاعر العارضي جعيثن اليزيدي الحنفي. انتقل الحكم بعد ذلك إلى أسباطه من أسرة آل عساكر، وأبرزهم عبدالله بن عساكر الذي قتل عام 1015ه. لم تكن هناك سلطة قوية عليا قادرة على كبح جماح الأمراء الطامحين إلى السلطة من أسر متعددة وفرض سيادة الأمر الواقع، ولهذا عانت المدينة من القلاقل والخلافات، حيث تمكن آل مُفرّج من الاستيلاء على الحكم قبل سنة 1033ه ولكن لم يطل بهم المقام؛ إذ تمكن آل مديرس من الاستيلاء على السلطة عام 1037ه. كما أشارت المصادر إلى أن الحكم في مقرن انتقل إلى آل مهنا سنة 1056ه، وبعد مدة وجيزة تمكنت أسرة آل زرعة تولي الإمارة عام 1099ه. الأحداث الخارجية التي تعرضت لها بلدة معكال تبرز أهم الأحداث الخارجية التي تعرضت لها بلدة معكال الملاصقة لمقرن عندما كانت تحكمها أسرة آل فضل تعرضها لغزو من الشريف حسن بن أبي نمي عام 986 ه / 1578م، بجيش كبيرٍ، وقام بحصارها مدة من الزمن، ثم استولى عليها، وقتل من أهلها رجالًا، وأخذ أموالًا، وأمّرَ على البلدة رجلًا منهم يقال له: محمد بن عثمان بن فضل. تمكن دهام بن دواس بن عبدالله آل شعلان في عام 1146ه تقريباً؛ الأمير الجديد من حكم مدينة الرياض، التي ضمت البلدات الأخرى من محلاتها القديمة ضمن نطاقها الجغرافي كبلدتي مقرن ومعكال وغيرهما، وذلك تحت سلطته ونفوذه، وعند قيام الدولة السعودية الأولى عام 1157ه / 1744م ، حاول قادتها ضم أمير الرياض إلى تلك الدعوة، والقبول بمبادئها، لكن دهام بن دواس عارض ذلك؛ خوفًا على مركزه ونفوذه؛ فاندلعت شرارة الحرب بينهما، واستمرت قرابة ثمانية وعشرين عامًا (1159ه - 1187)، تخللتها بعض السنوات التي قبل فيها أمير الرياض الهدنة أو الإذعان لشروط الدرعية. دخول مدينة الرياض ونتيجة للانتصارات المتتابعة، وخصوصاً في أوائل العقد التاسع من القرن الثاني عشر الهجري، ولتسارع نمو الدولة السعودية، واتساع نفوذها تمكنت أخيرًا من دخول مدينة الرياض، فهرب أميرها دهام بن دواس إلى الخرج، ثم اتجه إلى منطقة الأحساء عام 1187ه / 1773م، ودخلها الأمير عبدالعزيز بن محمد بن سعود «ت 1218ه» وقت العصر في 19 ربيع الآخر عام 1187ه، وأصبحت تابعة للدولة السعودية الأولى، وعين الأمير عبدالعزيز أميرًا عليها من قبله وهو: الأمير عبدالله بن مقرن بن محمد بن مقرن، ثم وليها في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود «ت 1229ه» عبدالله بن حسن الفضلي، وكان أمير الرياض عند سقوط الدولة السعودية الأولى 1233ه؛ الأمير ناصر بن حمد بن ناصر العائذي الذي قتل في معركة الحائر سنة 1237ه، ثم خلفه أخوه عبدالله بن حمد بن ناصر حتى عام 1240ه. ونشير هنا إلى أن مدة حكم هذين الأخوين قد تخللتها سيطرة وقتية للإمام تركي بن عبدالله أو غيره على مدينة الرياض؛ نتيجة الظروف العسكرية التي كانت تعيشها المنطقة على يد قوات محمد علي بعد سقوط الدرعية. قلعة الرياض القديمة المسماة الظيرين فى الجهة الشرقية من المدينة والصورة فى الثلاثينات الميلادية وقامت على قلاع تاريخية قديمة أول صورة تلتقط لجامع الرياض عام 1330ه 1912م بواسطة الرحالة ليتشمان جامع الرياض عام 1368ه 1949م منارة جامع الرياض الحديث جامع الرياض عام 1412ه بعد بنائه الحديث أسطح منازل الرياض القديمة في الثلاثينات الميلادية