قفزت القيمة السوقية لقطاع الأغذية والمشروبات العضوية العالمية إلى 231.5 مليار دولار في عام 2023، ارتفاعاً من 208.1 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تنمو السوق بمعدل سنوي مركب يبلغ 13.9٪ منذ الآن وحتى عام 2030، وتشير التوقعات إلى أن حجم السوق سوف يتوسع إلى 258.9 مليار دولار في 2024، ومرشح لتحقيق إيرادات بنحو 564.2 مليار دولار بنهاية العقد الحالي، وأحد العوامل الأساسية التي تدفع هذا التوسع هو وعي المستهلكين المتزايد إزاء الفوائد الصحية المرتبطة بالمنتجات العضوية، بالإضافة إلى شعبية المنتجات غير المعدلة وراثياً، وزيادة إمكانية وصول العملاء إلى هذه المنتجات التي لم تعد مقتصرة على المتاجر المتخصصة أو أسواق المزارعين. خلال السنوات الأخيرة، أصبحت المنتجات العضوية متاحة بسهولة داخل محلات السوبر ماركت الرئيسية، ولدى تجار التجزئة عبر الإنترنت، وباتت خياراً للزبائن داخل مطاعم الوجبات السريعة، وقد سهل هذا التوزيع الواسع على المستهلكين، فكرة شراء المنتجات العضوية، خاصة مع نمو الوعي البيئي المرتبط بالممارسات الزراعية التقليدية، والتي غالباً ما تساهم في حدوث مشكلات، مثل تدهور التربة الزراعية، وتلوث المياه، وفقدان التنوع البيولوجي، في المقابل، تعطي أساليب الزراعة العضوية الأولوية للممارسات المستدامة التي تهدف إلى تعزيز صحة التربة، والحفاظ على موارد المياه، والحياة البرية، ولا شك أن هذا التركيز القوي للاستدامة البيئية يلاقي قبولاً عند ملايين المستهلكين الذين يبحثون بنشاط عن المنتجات التي تتوافق مع قيم الاستدامة والاستهلاك الأخلاقي. والواقع، أن نمو الطلب على المكونات العضوية يعود إلى رغبة المستهلكين في تحسين الصحة العامة، والوعي بالآثار الضارة للمكونات الاصطناعية، حيث ترتبط المخاطر الصحية باستخدام الأغذية التقليدية، المرتبطة بالمواد الكيميائية، مثل المبيدات الحشرية والمضادات الحيوية، والتي تؤثر على الحيوانات والمواشي، والنباتات، وقد ساهم فهم المستهلكين لهذه الفروق في تطوير سوق المنتجات العضوية، وفي نفس الوقت، تشجع المبادئ الإرشادية لوزارات الزراعة حول العالم، والخاصة بحظر استخدام المواد الكيميائية والمبيدات الحشرية وهرمونات النمو في إثارة الرغبة لزراعة المنتجات العضوية، وفي الهند على سبيل المثال، تشجع الحكومة الزراعة العضوية عبر تقديم حوافز للمزارعين، ولا شك أن الدعم التنظيمي، والحوافز سيكون لهما تأثير إيجابي على نمو السوق على المدى الطويل. بالرغم من أن أساليب الزراعة العضوية تحافظ على وجود تربة صحية على المدى الطويل، إلا أن التكلفة المرتفعة للإنتاج، والتسعير العالي، وقصر مدة الصلاحية، تعرقل جميعها نمو السوق، بالإضافة إلى أن تكاليف التعبئة والتغليف والخدمات اللوجستية والتوزيع المرتفعة لإطالة مدة الصلاحية تحد أيضاً من توسع السوق العضوية، من جهة أخرى، ومع ذلك، فإن سوق الأغذية والمشروبات العضوية تشهد درجة ملحوظة من الابتكار، مع زيادة في المنتجات الجديدة التي تضمن ممارسات مستدامة، وتقنيات إنتاج متقدمة، ومكونات متنوعة من البدائل النباتية، والتغليف الصديق للبيئة، ويعد الابتكار والتجديد عنصراً أساسياً في تلبية طلبات المستهلكين من الخيارات الصحية والصديقة للبيئة. تتنامي أنشطة الاندماج والاستحواذ في سوق المنتجات العضوية، مما يعكس مشهد الصناعة الديناميكي، حيث تقوم الشركات بالاستحواذ أو الاندماج بشكل استراتيجي للاستفادة من الطلب الاستهلاكي القوي على المنتجات العضوية، وتعزيز الابتكار وتوحيد السوق، وقد أثرت اللوائح الحكومية الصارمة على ديناميكيات الصناعة، مما يضمن للمستهلكين أعلى معايير الإنتاج والجودة، والتي تؤسس لوضع العلامات التجارية، وإصدار الشهادات، مما يعزز ثقة المستهلكين، وزيادة قيم الشفافية، ويشجع الممارسات المستدامة، وهذه العوامل مقومات نجاح أساسية تقود إلى نمو قطاع المنتجات العضوية في العديد من الأسواق المختلفة. لا تتوافر بدائل للأغذية والمشروبات العضوية، بسبب الخصائص الفريدة لهذه المنتجات التي تتميز بخلوها من المبيدات الحشرية، والكائنات المعدلة وراثياً، ومع زيادة وتيرة تفضيل المستهلكين للخيارات العضوية، ووجود معايير إصدار صارمة للشهادات في القطاع، فإن هذا الأمر سوف يخلق سوقاً متخصصة مع عدد قليل من البدائل المباشرة، مدعومة بقاعدة متنوعة من المستهلكين المتعطشين للخيارات الغذائية، الصحية والمستدامة، وقد تصدرت الفواكه والخضروات العضوية القطاع الرائج في عام 2023، مستحوذة على حصة بنحو 40.6% من الإيرادات العالمية، فيما تعد أمريكا وأوروبا، أكبر مستهلكي الأغذية العضوية في العالم، ويمتد هذا التوجه الاستهلاكي تدريجياً إلى الاقتصادات الناشئة، مثل الهندوالصين، حيث من المتوقع نمو استهلاك اللحوم والأسماك ومنتجات الدواجن العضوية بأعلى معدل سنوي مركب يبلغ 15.8% حتى نهاية العقد الحالي، وستدفع المخاوف بشأن المواد الحافظة والصناعية، إلى زيادة الطلب على المنتجات العضوية. يخطو قطاع المشروبات العضوية خطوات كبيرة نحو مزيد من النمو، في ظل إقبال المستهلكين على المشروبات الطبيعية بدلاً من المشروبات الغازية بسبب الفوائد الصحية، وقد قادت المشروبات العضوية القطاع في عام 2023، ومن المرجح أن يؤدي زيادة اعتماد الثقافة النباتية إلى تعزيز نمو السوق، فيما تشير التوقعات إلى زيادة مبيعات الشاي والقهوة العضوية بأعلى معدل نمو سنوي مركب عند 17% بسبب قوة الطلب الاستهلاكي على هذه المشروبات الشعبية في كل العالم، في الوقت نفسه، استحوذت قنوات التوزيع الكلاسيكية مثل المتاجر والسوبر ماركت على الحصة الأكبر من الإيرادات، وذلك بنسبة تزيد عن 60% في عام 2023، حيث تمتلك هذه المتاجر مجموعة واسعة من العلامات التجارية، وتهيمن بقوة على قطاع التجزئة، خاصة في الاقتصادات النامية. ولا يبدو غريباً في ظل تنامي استخدام الإنترنت والتجارة الإلكترونية والحملات التسويقية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن تنمو قنوات التوزيع عبر الشبكة العنكبوتية بمعدل سنوي مركب 15%، وعموماً، فقد نمت مبيعات الإنترنت للمنتجات العضوية بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، وهذا الأمر سيكون له تأثير إيجابي على نمو السوق في 2024، ومن المرجح أن يدعم نمو القطاع عوامل مهمة مثل الاختراق السريع لمتاجر الإنترنت، وشيوع تطبيقات توصيل الطعام، وزيادة استخدام الهواتف الذكية، وقد أجبر توافر الأراضي لزراعة المنتجات العضوية في الولاياتالمتحدة واستراليا والأرجنتين الجهات التنظيمية على وضع سياسات داعمة لزيادة إنتاج الأغذية العضوية، وهذا العامل له سيكون له تأثير إيجابي على الطلب في السوق. خلال عام 2023، أسهمت أمريكا الشمالية بنصيب الأسد في السوق العالمية، وذلك بنسبة 49.9٪، فيما من المتوقع نمو سوق منطقة آسيا والمحيط الهادئ بمعدل سنوي مركب 18٪، مدفوعاً بالاتجاه المتزايد للأطعمة الجاهزة بين الطبقة العاملة، وارتفاع عدد السكان، وتعد الصينوالهند واليابان في مقدمة الأسواق الآسيوية من حيث الإنفاق الاستهلاكي على الغذاء، كما أن ارتفاع الطلب على الأغذية المجمدة يفتح آفاقاً جديدة للسوق الإقليمية للأغذية المجمدة العضوية، أما في أوروبا، فإنه من المتوقع نمو السوق بمعدل سنوي مركب قدره 12.7٪، بفضل تحول مواقف المستهلكين تجاه الاستدامة والاستهلاك الأخلاقي، وعموماً، فإن سوق المنتجات العضوية يتميز بوجود عدد كبير من اللاعبين بدءاً من العلامات التجارية الراسخة وحتى الوافدين الجدد، مما يعكس الطبيعة الديناميكية لهذه الصناعة الواعدة. أما في السعودية، ووفقاً لبيانات جمعية التجارة العضوية العالمية، ومقرها في واشنطن، فقد سجلت المنتجات العضوية في المملكة قيمة سوقية بلغت 54.2 مليون دولار، وهذه تمثل نحو 0.1% من الطلب العالمي، وجاء النمو مدفوعاً بازدهار مبيعات أغذية الأطفال العضوية، والتي تمثل نصف سوق المنتجات العضوية في السعودية، يليها زيت الطعام العضوي، وأطعمة الإفطار العضوية، وهاتان استحوذتا على 14.3%، و11.8% من مبيعات القطاع، وعموماً، فقد أدت جائحة كورونا إلى زيادة الوعي الصحي للمستهلكين السعوديين، حيث أصبحوا أكثر وعياً بمكونات الغذاء الصحي، وهكذا، استفادت مبيعات المنتجات العضوية المعبأة من هذا السلوك الاستهلاكي المتطور، ومن المتوقع أن تزدهر السوق أكثر في المملكة خلال السنوات المقبلة مدعومة بمتانة النمو الاقتصادي، وتزايد وعي المستهلكين، وزيادة الدخل المتاح، وتنامي الطبقة المتوسطة، مما يرشح قطاع المنتجات العضوية في السعودية إلى تحقيق 73.2 مليون دولار في عام 2024.