بعد شد وجذب، وتبادل للاتهامات واختلاق لبعض القصص وفبركة الأحداث والوقائع، طوت لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم ملف اللاعبين الستة الذين استبعدهم المدرب الإيطالي مانشيني من قائمة منتخبنا قبل انطلاقة كأس آسيا 2023م، وأغلقت الصفحة بعقوبات متفاوتة وفقًا لما بدر من كل لاعب، البعض يراها قاسية وآخرون يعتبرونها أقل مما يستحقون. أما أنا فسأذهب إلى مانشيني وقوة شخصيته وشجاعته، لأنه تعامل مع الموقف كما لم يتعامل به أحد غيره من قبل، ووجه رسالة لكل اللاعبين السعوديين بأن المنتخب أكبر من الجميع، ولا يمكنه أن يقف على أحد، مهما كان اسمه وتاريخه وجماهيريته وقيمته الفنية. العتب على اللاعبين الستة كبير، خصوصًا في ظل حاجة "الأخضر" إلى خدمات كل لاعب سعودي في هذه المرحلة التاريخية التي دعمت بها رياضتنا عمومًا وكرة القدم على وجه الخصوص بشكل غير مسبوق، حتى وصلت القمة وأضحت محط أنظار العالم، وكان من الواجب على اللاعبين المخطئين أن يبذلوا الغالي والنفيس من أجل رد الجميل للمسؤولين الذين يعملون ليل نهار من أجل تطور رياضتنا، وتحسين جودة دورينا، ورفع مستويات أنديتنا والمنافسة بينها. عمومًا، حدث ما حدث وعاقبت "الاحتراف" اللاعبين المخطئين، وكل ما نأمله أن يكون ذلك درسًا لهم يستفيدون منه مستقبلًا، بل يستفيد منه جميع اللاعبين السعوديين، فالمنتخب "خط أحمر" بالنسبة للجميع، بما فيهم جماهير النادي الذي ينتمي له اللاعب، وشاهدنا كيف وقف كثير منهم أمام لاعبي فريقهم المفضل، واستنكروا ما حدث، باستثناء عدد محدود غلبه التعصب وتأثر بما طرحه البعض من ترويج لفكرة "المؤامرة" وغيرها، ولو فكروا قليلًا لآمنوا بأنه لا يوجد مدرب في العالم يفرط بسهولة في أدوات تساعده على النجاح والإنجاز، ولا يوجد اتحاد يسمح بخسارة لاعبين مهمين قبل بطولة قارية دون أسباب مقنعة. منتخبنا خرج من كأس آسيا وانتهت مهمته فيها، لكن تنتظره استحقاقات مقبلة، أولها تصفيات كأس العالم 2026م التي بدأها بفوزين على باكستان والأردن، وتنتظره الشهر المقبل مواجهتين مع طاجيكستان، وهي فرصة لمانشيني وطاقمه المساعد في استكمال مشروع بناء توليفة جديدة لمنتخبنا نستطيع أن نستعيد بها مكانتنا، ونظهر بصورة أفضل من تلك التي ظهرنا عليها في الدوحة. صحيح أن مهمة مانشيني لن تكون سهلة خصوصًا مع زيادة عدد اللاعبين الأجانب وقلة الاعتماد على اللاعب المحلي، لكنه سيكون قادر على صناعة منتخب قوي في ظل وجود لاعبين مميزين بأنديتنا، بعضهم يتفوق على عدد من العناصر الأجنبية في ناديه.