على وقع زخات مطرية وجو شاعري شهد مقهى أشجار كافيه أمسية شعرية جميلة أحياها الشاعر إبراهيم الوافي، وهي أمسية تأتي ضمن مشروع الشريك الأدبي الذي تبنّته وزارة الثقافة ممثلة في هيئة الأدب والنشر والترجمة، وسط حضور نخبوي لافت. "الشعر والحياة" هو عنوان الأمسية التي مزجت بين الشعر وتجنيحاته وتحليقاته في أجواء عابقة بالخيال، وكذلك بين الحوار الثريّ الذي جاء عقب الأمسية، وقد تناول شكل القصيدة وصراع الأشكال، والحداثة الشعرية، وتداخل الأجناس الأدبية فيما بينها وكذا النص المفتوح، كما كان للرواية حضورها اللافت، باعتبارها الفضاء الأكثر رحابة والذي يسعى فيه الكثير نحو التجريب واختبار أدواتهم. بدأت الأمسية بتقديم من مديرها النشط سعد الأنصاري الذي جابه ضيفه الشاعر ابراهيم الوافي بعدد من الأسئلة العميقة؛ فبعد أن رحّب بالحضور وبضيفه قال: اليوم نبحر معكم في رحلة شعرية وثقافية محفوفة بالأمن وفي ظل أجواء شعرية أدبية نسعد في حظوركم. بعدها سأل سعد الأنصاري الشاعر ابراهيم الوافي عن ذكرياته في مدينة ينبع النخيل الذي ترعرعا فيها في طفولتة فأجاب بتأكيد جازم بأن الحياة في ينبع والنخيل تحديداً تجذرت وتصدرت في نصوصه وقصائده. بعدها انتقل المحاور لسؤال الضيف عن فلسفة الوقت في قصائد الوافي؛ فقال بأن الوقت في الشعر مختلف تماماً، واستطرد قائلاً: لقد طرحت سؤالاً في غلاف كتاب " لاعلي ولا إلي" قائلاً: أيتها الساعة من علمكِ الوقت؟ ومن حملنا على الوثوق بك ؟ ماذا لو خنتي بنا يوماً؟ ثم أفاض في إجابته قائلاً: الوقت يحرك القصيدة في زمنها لتصنع زمنا آخر. ومثّل الوافي على عملية انزياح الوقت الشعري بخبر رحيل الشاعر محمود درويش، وكيف صاغ زمنه شعرياً؛ فقال: أشبهه بظلام دامس دام لمدة ستت أعوام وكتب قصيدة "حين يموت درويش". بعدها أفتتح سعد الأنصاري المداخلات حيث داخل الزميل الأستاذ عبدالله الحسني بتعبيره عن سعادته بهذه الأمسية التي تعيدنا لزمن الشعر الحقيقي باعتبار الوافي من الأسماء الشعرية والتجارب المهمة التي تشتغل على نصوصها بتأنّ وحرفية. ثم أشار إلى تجربة الوافي العملية والكتابية بصحيفة الرياض، وكيف أنه قدم جهداً خليقاً بالتقدير والإعجاب. الصحفي عبدالله وافية بدأ مداخلته بسؤال مشاكس حول كتابة الوافي للرواية في اكثر من عمل ولماذا لم يجند وقته للشعر باعتباره شاعراً؛ وهو ما أجاب عنه الوافي بأنه يدرك أهمية وصعوبة كتابة الرواية لكنها يرى أن ما قدمه خصوصا في روايته الأخيرة راعى تقنيات الرواية وفنياتها، ليداخل بعدها مجدداً الزميل الحسني معتبراً أن الكتابة فضاؤ حر مفتوح خصوصا لمن هم في مكانة وقدرة ابراهيم الوافي سيما وأن هناك الكثير من غشماء السرد اجترحوا بلا ورع هذا الميدان فلا نستكثرنّ على الوافي هذا التجريب. من جهته اعتبر الكاتب والباحث في علم الاجتماع الدكتور عبدالله العمري أن الشعر بدأ سرداً معللاً هذا الراي بأن كل أصوات الطبيعة والحيوانات في أصلها مقامات مختلفة ثم جاء الشعر ليصنع هيكلها الكتابي فكان الشعر, وهو ما اختلف معه فيه الكاتب والباحث في التراث الشفهي محمد العرفج الذي قال إنه لا يمل لهذا الرأي فالشعر هو الشعر وبدأ شعراً. من جانب رأى الأستاذ عوضة الدوسي بأن أثر المكان بادٍ في تجربة الوافي ولغته الشعرية الخاصة؛ فإبراهيم الوافي وقف بنا في الظلال الوارث في ينبع النخل حينما وقف وبدت المسافة الفلسفية بين شموخ النقد وبينهُ وبين الظلال الممتد والمسحات التي تشظى منها الثراء. وأكد الوافي بأن الشعر ليس ترفا؛ فالشِّعر أحد الطرق االتي تقود للحقيقة وللمعرفة والأسئلة الوجودية العميقة. إبراهيم الوافي خلال الأمسية ويبدو مديرها سعد الأنصاري الزميل عبدالله الحسني مداخلاً