الدعاية هي نشر وترويج معلومات -غالبًا ما تكون متحيزة أو مضللة- من أجل الإقناع بوجهة نظر معينة، أو أيديولوجية، أو قضية، أو أجندة سياسية. وعلى مدار التاريخ كان التوظيف الدعائي للاتصال ووسائل الإعلام حقيقة من حقائق المجتمعات البشرية. ولم يتوقّف هذا الأمر في عصر الإنترنت والشبكات الاجتماعية والذكاء الاصطناعي بل أصبحت الدعاية أكثر ذكاء وأسرع وصولا. وترصد الدراسات والمتابعات عددا من الأساليب الدعائية التي تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي. ومن ذلك تنويع طرق ضخ المعلومات المضلّلة ويتم ذلك مثلا بواسطة إنشاء مجموعة كبيرة من المنصات والحسابات التي تتبادل أدوار نشر المعلومات الكاذبة أو المضلِّلة بغرض التأثير في الوقائع والأحداث ومحاولة تشكيل الرأي العام باتجاه معين، أو تعزيز أجندات ذات أهداف مخططة. وفي هذا النهج يتم نشر المقالات الإخبارية المزيفة والتلاعب بالصور والفيديوهات وتعزيز ذلك بتكرار بثّ الروايات الملفقة. ويمكن هنا توظيف تقنيات "التزييف العميق" باستغلال الذكاء الاصطناعي لإنشاء أي محتوى صوتي أو فيديو ليبدو واقعيا ولكنه في حقيقته ملفق بالكامل. ومن أدوات وأساليب الدعاية على الشبكات الاجتماعية برمجة الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لتضخيم رسائل معينة، أو التلاعب بالاتجاهات لخلق شعور زائف بالشعبية أو الإجماع حول وجهة نظر سياسية أو أي قضية معينة. وفي هذا السياق أيضا يتم توظيف مهارات التسويق المخادع ضمن تقنيات مخادعة "Astroturfing" للإيحاء بوجود حركات أو مجموعات ذات شعبية لإضفاء مظاهر الدعم الواسع لفكرة أو قضية معينة. وتتعاضد هذه الأساليب والأدوات من خلال عدة طرق بشرية وتقنية مثل استغلال طريقة عمل خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي لتضخيم محتوى معين لزيادة ظهور رسائل محددة أو علامات تصنيف معينة تتناغم مع شرائح عمرية، أو مناطق جغرافية مستهدفة. ويتم ذلك من خلال تراكم تحليل البيانات التي تساعد على تخصيص المحتوى لأفراد أو مجموعات محددة، واستغلال مخاوفهم أو تحيّزاتهم أو اهتماماتهم للتأثير على آرائهم. وبذلك يمكن استقطاب شرائح محددة وتقسيمها، واللعب على التوترات السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية القائمة لزرع بذور صراع وهز التماسك الاجتماعي. وفي الجانب الإيجابي يمكن تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي والمحتويات الرقمية الأخرى في مخازن الإنترنت لقياس المشاعر العامة، واتجاهات الرأي العام وفرز الآراء العفوية من بين أكوام المعلومات المزيفة أو المضللة والحملات المنسّقة. ومن خلال اكتشاف مثل هذه المصادر المضللة والإبلاغ عنها لحظرها، يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي التخفيف من تأثير التلاعب الآلي والحدّ من انتشار الدعاية. وباختصار يمكن مع توظيف الذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات وتقديم تصور عام عن الاتجاهات الصحيحة (إلى حد ما) لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بما يمكن أن يساعد المؤسسات من اتخاذ قرارات تعتمد على البيانات بناءً على الأنماط والاتجاهات والارتباطات التي قد لا يمكن للجهد البشري التعرف عليها بسهولة. * قال ومضى: إذا لم تكن مهتماً بالمستقبل فلا تحجب صوت من يرسمون ملامحه..