قليلة هي الدول التي تتمكن من بناء مؤسسات شامخة ورائدة في أوقات قياسية، ومن بين هذه الدول، المملكة العربية السعودية التي جرى توحيدها على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود -يرحمه الله- في ظروف إقليمية وعالمية عاصفة شهدت الكثير من التحولات، وصولاً إلى العهد الزاهر لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، اللذين أكملا مسيرة البناء والصعود إلى مستويات غير مسبوقة إقليميًا وعالميًا. في العام الماضي احتفلت المملكة برحلتها «نحو الفضاء» التي قام بها رائدا الفضاء ريانة برناوي وعلي القرني وقيامهما معًا بإجراء 14 تجربة بحثية علمية رائدة في الجاذبية الصغرى تضمنت ثلاث تجارب تعليمية توعوية، أسهمت جميعها في التوصل إلى نتائج علمية مهمة، وتعزيز تطور برنامج الفضاء السعودي، وتحقيق بعض طموحات المملكة ومستهدفات رؤيتها الطموحة 2030 في مجال الفضاء، لتضع بذلك قدمًا راسخة ضمن فريق النخبة العالمي، هذا الفريق الذي ظل محتكرًا على دول بعينها، ولكن المملكة لم تكن غائبة عن هذا المضمار وأمر الدخول فيه بقوة فهذه الرحلة أعادت إلى الأذهان تجربة فريدة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان قبل 38 عامًا حيث شهد العام 1985م أول تجاربها لاستكشاف الفضاء. ومنذ إنشاء «هيئة الفضاء السعودية» التي جرى تحويل تسميتها إلى «وكالة الفضاء السعودية» في العام 2018؛ وفي هذه المدة القليلة التي انضمت فيها المملكة لنادي الفضاء العالمي والتي لا تتجاوز الخمس سنوات لخصت المملكة دورها ومكانتها في هذا الاقتصاد التريليوني القادم، وها هي تستعد الآن لاستضافة مؤتمرها المتخصص «الحطام الفضائي»، والذي يعد الأول من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سعيًا منها لتعزيز الوعي العالمي حول تحديات الحطام الفضائي، وتشكيل منصة للحوار العالمي للتصدي لهذا التحدي الكبير، لتكتب فصلًا جديدًا من فصول هذه القصة الملهمة والتي تستمد أصولها وشخوصها من رؤية المملكة 2030، أما الشخوص فعلى رأسهم القائد الشاب والطموح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى للفضاء -حفظه الله-، وأركان حربه وفي مقدمتهم الملهمان المهندس عبدالله بن عامر السواحه ورفيق نجاحاته الدكتور محمد بن سعود التميمي، والذين استطاعوا بفضل رؤية لا تعرف المستحيل وبإرادة لا تلين وضع المملكة في طليعة الدول الرائدة في هذا المجال لامتلاكهم مفتاح الولوج إلى المستقبل المزدهر. إن هذه القصة الناجحة والتي ما زال كاتبها أميرنا الهمام يخط بيراعه وببراعة فصلًا تلو الآخر؛ خطوات استثنائية ومحطات انتقالية للمملكة العربية السعودية في رحلتها نحو وجهتين هما «الفضاء» و«المستقبل»، والمساهمة في تعزيز الجهود العلمية لاستكشاف الفضاء وتعزيز الوعي البشري بأهمية قطاع الفضاء، وبرأيي أن ما حققته المملكة إضافة لافتة لها ولأمتيها العربية والإسلامية وللإنسانية جمعاء، وتستحق تجربتها في هذا المجال قراءات وتحليلات مستفيضة في أكثر من فصل استطاعت أن تنجح فيه وتكتبه بجدارة، لتتحد كل هذه الفصول مستقبلًا مكونة قصة الحلم الأكبر الذي سيتحقق وهو رؤية 2030، وإلى ذلك الحين فلنغمض أعيننا ونحلم، فنحن في مملكة الأحلام ولا نعرف ما هو الحلم الذي سيصبح واقعًا اليوم أو غدًا أو الآن؟ لأننا صرنا دومًا في توقع للمفاجأة السعيدة التي تعقبها أمنيات أخرى وليدة وبينهما كثير من الدعاء، وهو أن يكلل الله مساعي قيادتنا الخيّرة بالتوفيق والنجاح.