في إطار رؤية السعودية الطموحة 2030، تَعود المملكة العربية السعودية مرة أخرى للفضاء بشكل أكبر وأوسع من الماضي بإرسال رائدة ورائد فضاء لمحطة الفضاء الدولية. فقد انطلق طاقم المهمة الفضائية AX-2 إلى محطة الفضاء الدولية (ISS) بتاريخ 21 مايو 2023 والذي يتكون من رائديْ فضاء أمريكيين الجنسية هما: بيجي ويتسون قائدة مهمة الفضاء وجون شوفنر مساعد القائد إلى جانب رائديْ الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلي القرني، وأعلنت "ناسا" عن نجاح التحام المركبة الفضائية التي تقلّ الطاقم بمحطة الفضاء الدولية، بعد نحو 16 ساعة من إطلاقها من مركز كينيدي للفضاء في قاعدة كيب كنافيرال بولاية فلوريدا. الهيئة السعودية للفضاء أوضحت أن الرائدة الفضائية ريانة برناوي، تعتبر أول امرأة سعودية تحلق نحو الفضاء وتصل إلى المحطة، في حين أصبح الرائد علي القرني أول رائد فضاء سعودي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، فيما أصبحت المملكة العربية السعودية أول دولة عربية تشارك منها امرأة في مهمة علمية في الفضاء، مدونةً بذلك اسمها بين الدول القليلة في العالم التي تتمكن من إرسال رائديْ فضاء من الجنسية نفسها على متن محطة الفضاء الدولية في الوقت نفسه. يذكر أن مهمة رائديْ الفضاء السعوديين تتضمن إجراء 14 تجربة بحثية علمية رائدة في الجاذبية الصغرى، والتي يتوقع لها أن تنجح بإذن الله في نتائجها المتوخاة من توفير إجابات من شأنها مساعدة العلماء في إرسال رحلات استكشاف مأهولة للقمر وللمريخ. إن التجارب العلمية السعودية ستعزز من مكانة المملكة العربية السعودية عالمياً في مجال استكشاف الفضاء، وخدمة البشرية، سيما وأن رائدي الفضاء السعوديين سيجريان تجارب في مجالات علمية متعددة ومتخصصة، منها ما هو في المجال الصحي والمجال المناخي، بما في ذلك ثلاث تجارب تعليمية وتوعوية تخدم طلاب العلم في المملكة. جدير بالذكر، أن المملكة العربية السعودية ممثلة بالهيئة السعودية للفضاء تسعى من خلال برنامج رواد الفضاء، إلى تفعيل الابتكار العلمي على مستوى علوم الفضاء، وتعزيز القدرة على إجراء البحوث الخاصة بها بشكل مستقل، مما سيؤثر بشكل إيجابي في مستقبل الصناعة والوطن، ويزيد من اهتمام الخريجين بمجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، وتنمية رأس المال البشري من خلال جذب المواهب بما يحقق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في مجال الفضاء بانطلاق الرحلة الفضائية AX-2 إلى محطة الفضاء الدولية وإرسال أول رائدة فضاء سعودية ورائد فضاء سعودي إلى المحطة، قد حققت المملكة أحد أهم وابرز مستهدفات "برنامج المملكة لرواد الفضاء"، الذي تأسس في سبتمبر من العام الماضي لتأهيل الكوادر السعودية وبناء القدرات الوطنية في مجال الرحلات الفضائية المأهولة لأجل البشرية، والاستفادة من الفرص الواعدة التي يقدمها قطاع الفضاء وصناعاته عالميًّا. وأيضاً للإسهام في الأبحاث العلمية التي تصب في صالح خدمة البشرية في عدد من المجالات ذات الأولوية مثل الصحة والاستدامة وتقنية الفضاء. لعله من المهم الإشارة إلى أن البرنامج يتضمن تدريب رائدة ورائد فضاء آخرين على جميع متطلبات المهمة وهما (مريم فردوس وعلي الغامدي). وقد حظي رواد الفضاء السعوديون باستقبال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لهم قبل انطلاق المهمة العلمية للمملكة إلى محطة الفضاء الدولية، مؤكداً في حديثه لهم أنهم يمثلون قدرات الشعب السعودي وطموحاته في الإسهام بالابتكارات وأبحاث الفضاء، لإيجاد حلول مستدامة لخير البشرية. أخلص القول؛ بأن خوض المملكة العربية السعودية مجال الفضاء، سيسهم ليس فقد في بناء القدرات البشرية الوطنية وتمكينها، كونه سيسهم أيضاً في التعزيز من قدرات المملكة في مجال البحث العلمي والابتكار وإجراء البحوث في مجالات عدة، منها العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، مما سينعكس إيجابًا على مستقبل الصناعة في المملكة وعلى الوطن والاقتصاد والمواطن على حدٍ سواء. في الختام لا يفوتني التنويه إلى أن الهيئة السعودية للفضاء أطلقت معارض "السعودية نحو الفضاء" في الرياضوجدة والظهران تزامناً مع موعد إطلاق الرحلة الفضائية AX-2 بهدف تقديم فرص فريدة لاستكشاف قطاع الفضاء، والتعرف على الرحلات الفضائية وتاريخها، والرفع من مستوى الاهتمام بالفضاء وعلومه وتخصصاته العلمية والتقنية لدى الأجيال الناشئة، وإبراز إسهامات المملكة البحثية وتأثيرها العلمي في هذا المجال.