نشر أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الأحد نص اتفاق طال انتظاره للإفراج عن مساعدات جديدة بمليارات الدولارات لأوكرانيا واسرائيل مقابل تشديد اجراءات حماية الحدود الأميركية، إلا أن رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون تعهّد منع تمريره. وينص ما يسمى بالتشريع المكمّل للأمن القومي على توفير تمويل إجمالي بقيمة 118,3 مليار دولار، بينها 60 مليارا مخصصة لدعم أوكرانيا، وهو ما يتوافق مع مطلب البيت الأبيض، إضافة إلى مساعدة أمنية تبلغ 14,1 مليار دولار لإسرائيل، وذلك وفقا لملخص صادر عن رئيسة لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ باتي موراي. ويتضمن الاتفاق أيضا تمويلا بقيمة 20,2 مليار دولار لأمن الحدود الأميركية وعددا لا يحصى من التعديلات على سياسة الهجرة توافق عليها المفاوضون الديموقراطيون والجمهوريون. ولعل الأهم هو أنه سيعطي الرئيس جو بايدن سلطة رفض طالبي اللجوء إذا وصل عدد عمليات عبور الحدود بشكل غير شرعي إلى أكثر من 5000 حالة أسبوعيا، وهي عتبة تم تجاوزها عدة مرّات في الشهور الأخيرة. وقال مسؤول في البيت الأبيض للصحافيين في وقت متأخر الأحد إن "بايدن سيستخدم هذه السلطة فورا، ما يعني أن الأشخاص الذين يعبرون الحدود لن يكونوا مؤهلين بالمجمل للحصول على حق اللجوء إذا كانت عمليات العبور في المستويات الحالية". ولم يتضح إن كان مشروع القانون الواقع في 370 صفحة يحظى بتأييد 60 عضوا من أجل إقراره في أول جلسة تصويت متوقعة الأربعاء على أبعد تقدير في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الديموقراطيون والمكوّن من 100 مقعد. لكن مصيره يبدو أوضح في مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون حيث أكد رئيسه مايك جونسون أن مشروع القانون "سيولد ميتا" إذا بقي على صيغته الحالية. ويتفاوض أعضاء مجلس الشيوخ منذ أشهر على اتفاق لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث يصر الجمهوريون على تعزيز أمن الحدود مقابل الموافقة على طلب بايدن تخصيص تمويل لكييف. وشدد بايدن على دعمه القوي للاتفاق الذي سيساعد أوكرانيا "على الدفاع عن نفسها في مواجهة العدوان الروسي" والذي "يتضمن مجموعة إصلاحات تعد الأقوى والأكثر إنصافا منذ عقود". وحض الجمهوريين على دعم الحزمة التي توافق عليها الحزبان، رغم الضغوط التي يتعرضون لها من قبل المرشح لانتخابات الرئاسة دونالد ترمب لرفض الاتفاق. وقال بايدن "إذا كنتم تعتقدون مثلي أنه يتعين علينا تأمين الحدود الآن، فإن عدم القيام بشيء ليس خيارا". ورفع بايدن شعار إعادة "الإنسانية" إلى ملف الهجرة ليطوي صفحة سياسات إدارة ترمب التي أدت إلى فصل العائلات عند الحدود بين الولاياتالمتحدة والمكسيك. لكن الجمهوريين يعتبرون أن ولايته فاشلة، مشيرين إلى الإحصاءات التي تفيد عن توقيف عناصر حرس الحدود مهاجرين غير شرعيين 302 ألف مرة، في عدد قياسي في ديسمبر. وقال جونسون على منصة "إكس" الأحد إن "مشروع القانون هذا أسوأ حتى مما كنا نتوقع ولن يساهم بأي شكل من الأشكال في وضع حد لكارثة الحدود التي تسبب بها الرئيس". وعلى مدى شهور، أظهرت الاستطلاعات بأن الأميركيين يعتبرون أزمة الهجرة في مقدمة مخاوفهم، ويحمّلون الديموقراطيين بالمجمل مسؤولية ازدياد الأعداد. ووصف الجانبان الإصلاح المرتبط بالهجرة الذي أدرج في مشروع القانون على أنه يمثّل التغيّر الأكثر تشددا في سياسة الحدود في الذاكرة الحديثة. وقال كبير المفاوضين الجمهوريين السناتور جيمس لانكفورد من أوكلاهوما في بيان إن "هذه فرصة تأتي مرّة كل جيل لإغلاق حدودنا المفتوحة وتزويد الإدارات المستقبلية بالأدوات الفعّالة التي تحتاجها لوقف الفوضى عند الحدود وحماية أمتنا". وأشار إلى أن مشروع القانون سيمنح "الإدارة المستقبلية عددا هائلا من أدوات التطبيق الجديدة" ويبدّل السياسة الأميركية من "إلقاء القبض وإطلاق السراح" التي تترك المهاجرين غير المسجلين طلقاء بينما ينتظرون المثول أمام المحكمة، بسياسة "الاعتقال والترحيل". من جانبه، وصف رئيس مجلس الشيوخ تشاك شومر التشريع بأنه "خطوة تاريخية" وحذّر الجمهوريين من التسرّع في دفنه لمجرّد أن ترمب يعارضه. وقال شومر إن "على مجلس الشيوخ تجاهل الضوضاء الصادرة عن أولئك الساعين لإفشال هذه الاتفاق من أجل أجنداتهم السياسية الخاصة". وانتقد ترمب الاتفاق بشدة فيما يقترب من ضمان الحصول على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري ويسعى لمنع بايدن من تسجيل أي انتصارات تشريعية. وقال ترمب في خطاب في لاس فيغاس مؤخرا "كزعيم لحزبنا، لا توجد أي إمكانية بأن أدعم هذه الخيانة الفظيعة لأميركا القائمة على الحدود المفتوحة". وفي حال أخفق تمرير الاتفاق في أي المجلسين، فإن الديموقراطيين سيتهمون الجمهوريين الذين قضوا عامين وهم يهاجمون بايدن بسبب ازدياد تدفق المهاجرين بالتخلي عن قضية تعد أولوية بالنسبة لهم فقط لإرضاء طموحات ترمب بالوصول إلى البيت الأبيض.