تولي المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان –حفظه الله-، اهتماماً كبيراً بالقطاع الخاص المحلّي، باعتباره ركيزة أساسية في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وحدّدت الرؤية خريطة طريق للوصول إلى "اقتصاد مزدهر" وهي تنويع الاقتصاد، ودعم المحتوى المحلّي، وتطوير فرص مبتكرة للمستقبل، من خلال تطوير بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، إلى جانب زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 60 % بحلول 2030. وباعتباره محركاً رئيساً للتحوّل الاقتصادي في المملكة، ومستثمراً على المدى الطويل يسعى دائماً إلى تعظيم القيمة، وضع صندوق الاستثمارات العامة تمكين القطاع الخاص والشراكة معه من بين أهم العناصر لنموذج عمله، في إطار تحقيق أهدافه بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030. وتمثّلت مرتكزات هذا النموذج في إطلاق قدرات قطاعات جديدة والإسهام في صنع فرص استثمارية داخل المملكة تستفيد منها الشركات المحلية، إذ يستهدف الصندوق زيادة مساهمته في المحتوى المحلي إلى 60 % بحلول عام 2025 من خلال زيادة الفرص للشركات المحلية للمساهمة في مشروعات الصندوق، وتحفيز المورّدين المحليين لتطوير إمكاناتهم وقدراتهم، وزيادة توطين السلع والخدمات المستوردة، وإتاحة الفرص الاستثمارية لتحسين سلسلة الإمداد المحليّة. إنّ النظر إلى خطط الصندوق واستراتيجياته، يوضّح لنا الدور الذي يُسهم عبره بتنمية الاقتصاد الوطني من خلال الاستثمار في المشروعات والفرص، وإطلاق الشركات في مختلف القطاعات، باعتبارها الأداة التي يُسهم الصندوق عبرها في توليد الفرص لمشاركة القطاع الخاص كمستثمر وشريك في استثمارات الصندوق، وكمورّد لشركاته، بما يؤدّي إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلّي الإجمالي غير النفطي، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية الواعدة، وإقامة شراكات اقتصادية متينة تُسهم في تعزيز المكانة الاقتصادية والتنافسية للمملكة محلياً وعالمياً. ويعتمد الصندوق استراتيجية طموحة تهدف إلى تمكين وتعزيز دور القطاع الخاص المحلّي وتوطين سلاسل الإمداد المحليّة في القطاعات الاستراتيجية، ويتبنّى الصندوق أرقى المعايير العالمية في تنفيذ أعماله، بما يُسهم في إيجاد فرص للشركات المحلية، ويحفّزها على تحسين جودة منتجاتها وخدماتها، إضافةً إلى زيادة الإنتاجية وتوطين سلاسل الإمداد، واستحداث فرص عمل. ومن هنا، ينظر الصندوق إلى "منتدى صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص" باعتباره فرصة مميزّة ضمن محطات عدّة يعزّز من خلالها الصندوق شراكته مع القطاع الخاص، سواءً عبر إطلاق البرامج والمبادرات التي تُسهم في تنمية وتطوير أعمال الشركات المحلية، أو من خلال استعراض فرص التعاون والشراكة بين الصندوق وشركات محفظته مع القطاع الخاص، ومواصلة تمكينه من خلال الحلول التي تتيح ربط المُورّدين مباشرة بشركات الصندوق، وإشراك المستثمرين في إطلاق قدرات القطاعات الاستراتيجية، وتعزيز التنافسية، وزيادة المحتوى المحلي. ولتحقيق هذه الأهداف، أسّس الصندوق الإدارة العامة للتنمية الوطنية، التي تركّز على تحديد التوجّهات الاستراتيجية لصندوق الاستثمارات في التنمية الاقتصادية وقياس الأثر لاستراتيجية الصندوق واستثماراته، كما عملت الإدارة العامة للتنمية الوطنية على إطلاق مجموعة من البرامج، ومنها برنامج تنمية المحتوى المحلّي "مساهمة"، الذي يهدف إلى دعم وتطوير القدرات المحليّة للمنافسة على المستوى الإقليمي والعالمي، إضافةً إلى إطلاق منصة القطاع الخاص التي توفّر لشركات القطاع الخاص إمكانية أكبر للتعرّف إلى فرص التوريد والفرص الاستثمارية التي يقدمها الصندوق وشركات محفظته. وباعتبار أن الصندوق يُعد محركاً فاعلاً في تنويع الاقتصاد المحلي؛ فهو يتمتّع بأفق استثماري واسع، مما يجعله قادراً على التدخل في المراحل المبكرة لوضع الأسُس وجذب القطاع الخاص، الذي يعد أمراً مهماً للقطاعات الجديدة التي لم تطلق حالياً أو التي تُعد في مراحل النمو الأولى في المملكة، ومن الأمثلة على جهود الصندوق في تحفيز القطاعات الناشئة يبرز الاستثمار في قطاع المركبات؛ لترسيخ مكانة المملكة بوصفها مركزاً لتصنيع الجيل القادم من المركبات الكهربائية، وكذلك قطاعي الألعاب والرياضات الإلكترونية، والطاقة المتجددة. وتهدف استثمارات الصندوق في المشروعات الكبرى التي يجري تنفيذها حالياً في المملكة، مثل البحر الأحمر والقديّة، إلى إيجاد البيئة الضرورية لدعم النمو في قطاعي السياحة والترفيه، إلى جانب استثمار الصندوق في شركة القهوة السُّعُودية، التي تعمل على تدريب المزارعين على زراعة أشجار البن جنوب غرب المملكة، وشركة "سواني" التي تهدف إلى نمو قطاع منتجات حليب الإبل، والمساهمة في تطوير منظومة الإنتاج المحلية، وتعد هذه القطاعات جزءاً من أهداف استراتيجية الصندوق التي تسعى إلى تقليل الواردات والتوجّه نحو الصناعات التنافسية للتصدير. وبالتوازي مع استثمارات الصندوق محلياً، تُسهم استثمارات الصندوق العالمية في دعم الشركات المحلية من خلال تمكينها من الوصول إلى الابتكارات والخبرات العالمية وتوطين المعرفة، وبناء الشراكات مع القطاع الخاص العالمي، ودعمها لتحقيق النجاح على المدى الطويل، سواءً في المملكة أو على المستوى الدولي. إنّ دور صندوق الاستثمارات العامة في تمكين القطاع الخاص، والعمل الجاد والتوجه نحو الابتكار من قبل القطاع الخاص المحلّي، يؤتي ثماره بالفعل، ونأمل من خلال منتدى صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص إلى زيادة مساهمة شركات القطاع الخاص المحليّة، كمستثمر وشريك في استثمارات الصندوق وكمورّد للشركات، وباجتهادنا وتعاوننا، سنجعل الاقتصاد المحلي مزدهراً، ومتنوعاً، ومستداماً، يواكب طموحات رؤية المملكة 2030. *مدير الاستراتيجية والتخطيط للتنمية الوطنية صندوق الاستثمارات العامة