من الأشياء اللافتة للانتباه من خلال العمل الإكلينيكي كثرة الشكوى من الصعوبة في الدخول للنوم وما يترتب عليه من توتر واكتئاب وقلق ومشاكل أخرى، وتتعدد الأسباب والتي يأتي في مقدمتها القلق والاكتئاب وكثرة الأفكار السلبية التي تجعل الإنسان في حالة من اليقظة الذهنية والجسمية، واذا تأثر النوم فإن مستويات الناقلات العصبية وهرمونات التوتر تتأثر مما يخلق تأثيرًا سلبيًا على الدماغ ولا يقتصر تأثير قلة النوم على التفكير فحسب، بل يعيق أيضًا التنظيم العاطفي وبهذه الطريقة، يمكن أن يؤدي الأرق إلى تضخيم آثار الاضطرابات النفسية والعكس صحيح. اليوم هناك أمور غير تقليدية طرأت في حياتنا وأصبحت من العوامل والأسباب الرئيسة لاضطرابات النوم، هذه الأمور تكمن في الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة التلفزيون، حيث أصبحت تلحق الضرر بنمط النوم، فالأضواء التي تنبعث منها وبالذات الضوء الأزرق قبل الدخول في النوم يقيد إنتاج الميلاتونين وهو الهرمون الذي يتحكم في إيقاع الساعة البيولوجية الخاص بنا والمعروف أيضًا باسم دورة النوم والاستيقاظ، فانخفاض مستويات الميلاتونين يجعل من الصعب علينا النوم والاستمرار في النوم. اليوم أثر الإسراف في استخدام التقنية أو بالأخص الهواتف المحمولة والانغماس لفترات طويلة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعية لا يؤثر على النوم فقط بل يؤدي إلى العزلة والاكتئاب وتشير الدراسات إلى أن الاكتئاب بين المراهقين والشباب أصبح أكثر شيوعًا خلال العقد الماضي، كما زاد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال نفس الوقت، ويعتقد بعض الخبراء أن وسائل التواصل الاجتماعي زادت من العزلة الاجتماعية والتفاعل البشري الطبيعي وقللت من المهارات الاجتماعية وزاد من الاكتئاب، وهذا ما يفسر أحد أكبر الاختلافات في حياة المراهقين والشباب الحاليين مقارنة بالأجيال السابقة كون الشباب والمراهقين والأطفال حاليا يقضون وقتًا أقل بكثير في التواصل مع أقرانهم شخصيًا وجها لوجه ووقتًا أطول في التواصل إلكترونيًا وبشكل أساسي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويرى بعض الخبراء أن ارتفاع معدلات الاكتئاب دليل على أن الروابط التي يشكلها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي إلكترونيًا تكون أقل إشباعًا عاطفيًا مما يجعلهم يشعرون بالعزلة الاجتماعية. اليوم من المهم التوقف من استخدام الهواتف المحمولة في الساعات القريبة من وقت النوم في الليل، وأيضا التوازن في استخدام مواقع التواصل والتركيز على التفاعل الاجتماعي خارج الإنترنت وإعطاء وقت لممارسة الأنشطة التي تساعد في بناء الهوية والثقة بالنفس عند الأطفال والمراهقين، وإيقاف تشغيل الإشعارات، فقد أصبح مطورو التطبيقات أكثر عدوانية في استخدام الإشعارات لجذب المستخدمين، وأن نشجع المراهقين على أن يكونوا صادقين مع أنفسهم بشأن ما يشعرون به في الوقت الذي يقضونه على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعلات التي تزيد من التوتر أو التعاسة لديهم.