مات صاحب عبارة: «مالي حاجة بس حبيت أتطمن»! مات أبو حمود.. بعد أن طوّق أعناق كثيرين باستثنائية وفائه.. وروعة تواصله.. مات الرجل الذي سيصطف الوفاء إلى جوار أبنائه وأسرته وأصحابه ليأخذ معهم العزاء في الإنسان الذي طالما استعمله مع الجميع.. صغاراً وكباراً، مات صاحب العبارة التي لا أظن أن أحداً ممن يعرفه لم يسمعها منه إما هاتفياً أو وجهاً لوجه: «مالي حاجة بس حبيت أتطمن عليك».. هذه هي عبارة أبو حمود الأثيرة التي يتفقد بها أصحابه (دوماً) وحتى معارفه لم يدّخرها لكبار القوم وذوي المقامات وحسب وإنما ظلت هذه هي لازمته الهاتفية حتى لمن هم في سن أحفاده متى غابوا عن نظره وللبسطاء والمرضى والمهمشين، لم يكن أبو حمود ينسى أو يتناسى من جمعته به سابق صلة ليضخ في أذنيه من حين لآخر عبر الهاتف: (والله ما لي حاجة بس حبيت أتطمن عليك).. مشكلة أبو حمود أن له قلباً ما كان يتسع له جسده، مشكلته أنه يحب دون أن يعرف كيف يكره، مشكلته أنه رغم ثقافته الفطرية كانت هي إحدى سماته على تواضعه، ورغم ذاكرة موسوعية لا يحب أن يستعرض بها أمام الناس إلا أن من يعرفونه تماماً، يدركون أنه الرجل الذي أحكم الإغلاق على من لو يمتلك غيره مدّها أو نصيفها لملأ المجالس والمنصات ضجيجاً.. مشكلة أبو حمود الذي سينعاه (الوفاء)، وسيبكيه (التواضع)، وسيفتقده أولئك الذين أغلقوا أبوابهم على أحزانهم، والذين ما اعتادوا أن يسأل عنهم غير أبو حمود، ومن هم في مثل نقاء روحه وهم قلة.. مشكلة أبو حمود أنه الرجل الذي استعمل الوفاء حتى آخر رمق. رحم الله الرجل البشوش.. الوفي.. البهي بكريم خلقه (عبدالرحمن بن إبراهيم الجويرة). اللهم اغفر له وارحمه وأكرم نزله ووسع مدخله، ونقه من الخطايا والذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أكرم ضيافته وتقبله في عبادك الصالحين. إنا لله وإنا إليه راجعون. فهد السلمان