تعقد في المنامة القمة الخليجية الخامسة والعشرون امتدادا لربع قرن من استمرار عقد هذا التجمع الخليجي على مستوى القادة والذي تأتي ديمومته مخالفة لكل عمل عربي مشترك، اذ حافظ المجلس على استمرار انعقاده وعلى مستوى قادة دول المجلس منذ تأسيسه العام 1981م في ابوظبي وحتى اليوم متجاوزاً بذلك الظروف التي عانتها المنطقة طوال ربع القرن الماضي انطلاقاً من حرب الخليج الاولى وصولاً الى احتلال العراق وما بينهما من متغيرات وظروف تجاوزها المجلس متجهاً لمزيد من الالتقاء على عكس التجارب العربية المماثلة كمجلس التعاون العربي الذي انتهى بعد بضعة اشهر من تأسيسه في العام 1989م والاتحاد المغربي الذي وصل به الحال لما هو عليه الآن الى جامعة الدول العربية وما تعانيه من العجز حتى عن دفع رواتب موظفيها! وبالنظر الى هذه التجارب الوحدوية العربية فإن المجلس نجح في الحفاظ على ديمومة انعقاده كتكتل سياسي واقتصادي اقليمي يحظى بايمان كبير من قبل قادته على ان يبقى وعلى ان يستمر لمزيد من التقارب نحو التكامل المنشود مع عدم اغفال ان شعوب المجلس يجمعها الكثير من التجانس والتوافق وتشترك في الكثير من العادات والتقاليد واللغة والدين. لكن المتابع لمسيرة المجلس يجد من مقومات التشاؤم ما يطغى على مقدمة هذا التقرير التفاؤلية فلا زالت بيروقراطية تنفيذ القرارات الكلمة العليا في الكثير من المشاريع المشتركة التي تقرها القمة والتي تنفذ عبر أصعب الطرق للوصول الى التنفيذ والشاهد هنا مشروع حرية التنقل بين دول المجلس بالبطاقة الشخصية وما يمر به القرار من مخاض عسير لم يصل بعد الى مرحلة الانتهاء، في اعتماد قرار كان يجب أن يكون الاسهل تمهيداً لقرارات كبيرة تتبعه، ومقارنة مع قرارات كثيرة لا زالت محل تداول وأخذ ورد، مما أوجد الكثير من الملفات المؤجلة التي تنتظر التنفيذ، حتى ظهرت نداءات لاصلاح المجلس نفسه عبر اعادة هيكلة مؤسساته بما يدفع القرارات المتعطلة او تلك التي تسير ببطء. أيضاً لم يتمكن المجلس من دفع القرارات التي تلامس المجتمع الخليجي وقضاياه واحتياجاته الاساسية، اذ تراجعت قضايا المجتمع الخليجي في مرتبة الاولويات خلال القمم الاخيرة بمبرر ما مرت به المنطقة من تحولات نالت صدارة القرارات المطروحة امام القادة، وبالتأكيد ان العودة الى اعلان الكويت تعكس هذا التشاؤم وتبرر خيبة الامل التي اصابت الشارع الخليجي! اذ لم يتوافق مع تطلعات الشارع الخليجي وسيطر على قراراته ما تعيشه المنطقة من متغيرات سياسية متسارعة، بالنظر الى الطرح الذي يبحث عن مشاركة شعبية موازية للقمة اذ طالب رئيس مجلس النواب البحريني مؤخراً بتعديل ميثاق المجلس بما يسمح باتخاذ خطوات لتأسيس برلمان خليجي موحد، وهو أحد المطالب المشرعة التي يتطلع اليها المجتمع الخليجي بالاضافة للكثير من القضايا التي تهم المجتمع الخليجي لتنفيذ التكامل بين مجتمعات المجلس بما لا يقف عند حد التوافق في المواقف الحكومية تجاه قضايا سياسية لا تلامس الهم اليومي للمواطن الخليجي الذي لا يخالف الاولويات الاخرى لكنه يبحث عن أن لا تكون هذه الاولويات على حساب أولوياته لتأتي قمة المنامة خاتمة لربع قرن من البقاء لكن بأقل قدر من الانجازات التي تتلاءم مع تأكيد قادة دول الخليج على ان هذا المجلس ولد ليبقى.. وهو ما تحقق بيد أن سؤال هذا المفصل وهل ستكون قمة المنامة امتدادا لربع قرن ماض أم توطئة لمفصل جديد يتواكب فيه المجلس مع تطلعات الشعب الخليجي ويلامس الهم اليومي عبر قرارات شجاعة تذهب مجتمعة الى الالتقاء حد التكامل، عبر اصلاح المجلس نحو آلية عمل تواكب الخطى المتسارعة من حوله!