أثار"مسرح شكسبير" لدى زوار مهرجان الكُتاب والقُراء بنسخته الثانية ألغازاً تثير فضول العقل، ومتاهة أدبية قدمها في ركن "الشخصية الأدبية"، إلى جانب فرصة اكتشاف مزيج الموسيقى والشعر في ركن "القصائد المغناة"، في منطقة الفناء في مقر إقامة المهرجان في مركز الأمير سلطان الحضاري في محافظة خميس مشيط بمنطقة عسير، واحتضنت منطقة الفناء ثلاث رحلات في عوالم الأدب: منها رحلة نحو عمق الأدب الإنجليزي، وخبايا الدراما الشكسبيرية، عبر ألغاز تثير العقل للتعرف على عبقرية عوالم "ماكبث"و"رومييو وجولييت"، في مسرح شكسبير. وعبر مسارات الفكر والكلمة كانت رحلة الزوار في متاهات "الشخصية الأدبية"، حيث تحمل المتاهة أسراراً لشخصيةً ما تزال مجهولةً بين الأرقام والرموز، في قصة خفية تستدعي من الزوار جمع الخيوط، وتركيب القطع لاكتشاف هوية الشخصية الكامنة خلف الرموز، وتضمنت رحلة "القصائد المغناة"، تجربةً فنية تلامس الشعور في سلسلة من التحديات الذهنية والاكتشافات الموسيقية للقصائد المغناة، والعديد من الأسرار الشيقة والرموز المبهمة. من جهة ثانية تشارك جمعية الأدب المهنية في مهرجان الكُتاب والقُراء بنسخته الثانية بمسابقات يومية، وجوائز قيمّة في جناحها المخصص لها في منطقة الصرح في مقر إقامة المهرجان في مركز الأمير سلطان الحضاري في محافظة خميس مشيط بمنطقة عسير، ويتيح الجناح، الذي حظيّ بإقبال واسع من الزوار، مسابقات يومية من خلال مسارين؛ "مسار الشعر" في مجاراةٍ شعرية لأربع أبيات محددة من قِبل الجمعية، شريطة أن تكون الأبيات موزونة ومُقفاة. وصرح فهد محمد آل هلال أخصائي البرامج لدى الجمعية، وزميله عبدالله السعدان مدير المشاريع فيها، بأن "مسار القصة القصيرة" حظي بمشاركة كبيرة من قِبل الزوار، وهي عبارة عن تأليف قصة قصيرة لا تقل عن 150 كلمة، ولا تزيد عن 300 كلمة خالية من الأخطاء النحوية والإملائية، في موضوع يتحدث عن صديقين تمر بهما ظروف ومواقف تستدعي منهما إثبات متّن صداقتهما. من جهة أخرى خصص "مهرجان الكٌتّاب والقراء"، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في محافظة خميس مشيط بمنطقة عسير، ندوة حوارية عن الأحداث التاريخية التي خلدتها الأعمال الأدبية وحولتها إلى أعمال فنية، وأثر وصولها على المتلقي. جاء ذلك في ندوة حملت عنوان "التاريخ في الأدب والفن"، شارك فيها الروائية عبير الرمّال، والأديب والأكاديمي د. فيصل السرحان، وأدارها الأكاديمي الدكتور فيصل الشهراني، وتطرقت إلى السردية التاريخية التي شكلت توجهات الإنسان، وعما إذا كانت الرواية التاريخية فن يمكن من خلاله قراءة الحقائق التاريخية. وقالت الروائية عبير الرمّال بأن السرد الأدبي له دور كبير في حفظ التاريخ، حيث يوثق الثقافة والتجارب الإنسانية، ويقدم رؤية عميقة للحقائق التاريخية، وأجابت في الندوة الحوارية بأن الرواية التاريخية لا تقدم حقيقة تاريخية، فهي تقدم الخيال والمتعة للقارئ، لذلك هي لا تكتب حقيقة تاريخية، ودور الرواية الخروج من جمود الشخصيات إلى شخصيات أكثر إنسانية، ويخرج من الخطاب النفعي المباشر إلى المجتمع نفسه. وأضافت الرمال "أعتقد من أراد أن يقرأ التاريخ، فليقرأه من إبداع الروائيين والشعراء والفنانيين لأنهم يقدمون التاريخ بالظروف المجتمعية التي أهملها المؤرخون". وللرواية الرمّال 3 روايات هي "فضيحة الصحراء" و"لو أننا أشباح" والجسّاس" التي تستند على التاريخ، وتروي قصة نجد والمنطقة الغربية في القرن الثامن عشر، وسط ويلات المجاعات والحروب والفقر. أما الأديب والأكاديمي د. فيصل السرحان، فأكد أن العلاقة بين الفن والتاريخ شديدة التماسك والتعقيد، وأسهمت الرواية في استدعاء التاريخ وجعله سائغاً بين الناس، وكانت الوعاء الذي ينقل الحالة الاجتماعية، حيث تدرجت علاقة الرواية بالتاريخ من الارتهان للخطاب التاريخي إلى إعادة قراءة التاريخ من وجهات نظر متعددة، فكان أن أعادت الرواية بقدرتها على توليد الإبداع إنتاج التاريخ بزوايا متعددة، سواء بما يتوافق مع الراهن، أو مع وجهة نظر الروائي، أو من وجهة نظر شخصياته الورقية؛ فتوسعت قراءات التاريخ، وأضحى مشهد التاريخ حياً نابضاً عاكساً لتفاصيل الحياة ومشاعر الناس بمختلف أطيافهم. يشار إلى أن مهرجان الكٌتّاب والقراء بنسخته الثانية اهتم بتقديم برنامج ثقافي شامل ينطلق من الأدب إلى مختلف القطاعات الثقافية لتشجيع الزوار على تجربة ثرية مع الأنشطة الإبداعية التي تشمل جلسات حوارية، وقصائد بين الطرق، ومنصة الفن والأقصوصة، وتحديات وتجارب تفاعلية أدبية، بالإضافة إلى مناطق أخرى للتفاعل مع الزوّار تهدف إلى زيادة معرفتهم، كمنطقة الأطفال والمغامرين الصغار، ومساحة العروض السينمائية، وحديقة المطل "الفناء"، وممشى الأدب، والجداريات التي ستزين الممشى بالتعاون مع بلدية محافظة خميس مشيط.