كم مرة وصلت إلينا رسائل تتحدث عن علاج جديد لمرض شائع؟ أو عن غذاء نتناوله يومياً لكنه مضر بالصحة؟ أو عن اكتشاف مبهر غيّر العالم ونحن في غفلة؟ وغير ذلك مما تغرقنا به قنوات وسائل التواصل الاجتماعي. وما يميّز هذه الرسائل هو محاولة صبغها بمصداقية مزعومة باستخدام عبارات رنانة على غرار (أثبتت الدراسات العلمية). وللأسف تنجرف مجموعة كبيرة خلف هذه الشائعات، فيعيدون نشرها بدورهم. ما لا يعلمه الكثيرون أن الدراسات الأكاديمية والبحوث العلمية القائمة على أركان سليمة لا تقوم أبداً بتعميم نظرية أو اعتماد فكرة جديدة بمجرد التوصل إليها، وأيضًا لا تستخدم أبداً عبارات التوثيق الجازمة مثل (أكّدت أو أثبتت)، وإن حصل وقام باحث باستخدام إحدى هذه العبارات في دراسته البحثية، فسيؤدي هذا غالبًا إلى عدم قبول البحث مع وضع ملاحظة كبيرة عليه، والسبب كما يعلمه كل من يتقن أسس البحث العلمي هو أن عجلة العلم تدور دون توقف، والأبحاث والدراسات كل يوم تكشف عن مستجدات من شأنها تغيير العلوم السابقة، وعليه ما كان بالأمس أمرًا اتفق عليه العلماء، نجده اليوم قد تغيّر إلى أمر جديد، وهو قابل للتغير في الغد كذلك، لهذا السبب تجد أن أسلوب الطرح العلمي لنظريات جديدة يستخدم عبارات متحفظة، مثل:(مخرجات هذه الدراسة تشير إلى هذه النتيجة)، أو (حصيلة تحليل البينات تقترح النتائج التالية)، أو (يُتوقع أن يكون لهذا الدواء تأثير بنسبة محددة) وهكذا. وللمعلومية، قد يتبع الاكتشافات والمقترحات النظرية دراسات إضافية تحاول تعميم الفكرة، أو دعمها ببيانات إضافية، لكن يبقى أسلوب الطرح المتحفظ قائمًا دائمًا. وأخيراً، لا شك أن التثبت من صحة ما يردنا هو واجب قبل إعادة نشره، سواء كان معلومات علمية وأخبار عامة وغير ذلك، وفي ذلك لنا الأسوة من الأثر الكريم (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما يسمع).