من جماليات خلق الله في كونه العظيم الإبل، وكيف أنها موروث شعبي لدى أبناء القبائل العربيّة، وتراث أصيل وثقافة بدوية راسخة منذ القدم وقد كان السابقون ممن رحلوا وتركوا هذا الإرث يخافون على إبلهم وجمالهم مثل ما يخافون على أبنائهم، فلقد وضع الله تعالى حب هذه المخلوقات في قلوبهم وازدادوا تعلقاً بها والاهتمام بها حتى غادروا هذه الأرض وتركوها إرثاً لمن بعدهم، ولقد ذكر الله تعالى الإبل في كتابه الكريم، قال تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) ولقد وافق مجلس الوزراء على تسمية هذا العام بعام الإبل لأنها قيمة ثقافية قديمة تمثل حياة أبناء الجزيرة العربية، وتأصيل مكانتها الراسخة، وتعزيز حضورها محليًّاً ودولياً، باعتبارها موروثًا ثقافياً أصيلًا، ومكونًا أساسيًّا في التواصل بين دول الخليج خاصّة والدول العربية. تحضرني قصة عن قوة الجمل وحقده فهو كالإنسان يشعر ويعيش بل وينتقم يقول راوي القصة: غضب صاحب إبل يوماً على جمله فقام بضربه ضرباً شديداً ومن خبرة ذلك الرجل عرف أنّه لن ينجو من حقد البعير ولا من غدره حتى من نظرات البعير(أصحاب الإبل يعرفون طبائعها ورغباتها حتى في الانتقام) فقام مسرعاً ببيعه لإحدى القبائل ومرت عشر سنين كاملة والبعير من صاحب إلى صاحب ومن قبيلة إلى قبيلة ومارس ذلك الرجل حياته العادية وفي يوم من الأيام وهو في سفره مر بقبيلة من القبائل الذين هبوا لإكرامه واستضافته ونصب خيمة خاصة به يأتيه فيها الطعام والشراب وينام فيها مرتاحاً من عناء السفر وأثناء النهار رأى صاحبنا هذا (جمله القديم) ورأى الجمل صاحبه القديم (وعرف كل منهما الآخر) وحينما جاء الليل وانصرف كلٌ لخيمته قام صاحبنا بعمل عجيب وغريب أخذ يجمع الرمل والأحجار والأحجار الرملية داخل خيمته وخلع ملابسه كلها وحشاها بأحجار الرمل والأحجار والرمل (كل الملابس حتى غطاء الرأس) وهرب عارياً تماماً ليدبر أمره فيما بعد وفي الليل قام البعير بتقطيع كل خطام أو تعقيل وجاء إلى (الكوم الرملي) وبرك عليه وصار يطحن ويطحن بنحره ومبركه ممزقاً الملابس وكل شيء تحته حتى اطمأن البعير أنّه قضى عليه بالضربة القاضية وتمر السنين تلو السنين ويمر صاحبنا بأحد الأسواق فإذا هو ينظر إلى جمله والبعير ما إن وقعت عيناه على صاحبنا هذا إلا والبعير يسقط وقد فارق الحياة حزناً وكمداً، وقصص الإبل كثيرة وعديدة، وأعرّج على حب أبناء المملكة العربية السعودية بادية وحاضرة للإبل وما شهدته الأيام الماضية فعاليات مهرجان الملك عبدالعزيز هو أقوى دليل على حضور جماهيري ومنافسات كبيرة بين أصحاب الإبل.