ما كاد الهدوء أن يسود في البحر الأحمر يوم الجمعة الماضية، بعد أن قالت الولاياتالمتحدة إن «دورية الطريق السريع» في البحر الأحمر قادرة على إحباط هجمات الحوثيين من خلال تشكيل تحالف «حارس الازدهار» والذي يضم أكثر من 20 دولة، إلا وتجدد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والإيرانيين في المحيط الهندي على الناقلات يوم السبت الماضي. وقد تراجعت أسعار النفط في نهاية الأسبوع، بتراجع برنت 0.4 % أو 32 سنتاَ الى 79.07 دولارًا وغرب تكساس 0.45 % أو 33 سنتاً الى 73.56 دولارًا. وبهذا واصل النفط تحقيق المزيد من المكاسب بمستوى أكبر في الأسبوع الثاني، بارتفاع برنت 3 % أو 2.31 دولار الى 79.07 دولارًا وغرب تكساس 2.5 % أو 1.78 دولار إلى 73.56 دولارًا، ومن المتوقع أن تشهد أسعار النفط المزيد من الارتفاعات هذا الأسبوع مع استمرار الهجمات الحوثية على السفن، مما ينذر بارتفاع المخاطر في الممرات الدولية واحتمالية توسعها، رغم التحالف الأميركي الذي سيواجه صعوبات متعددة ويطيل من مرور السفن لفترة أطول. ونتيجة لتلك الهجمات انخفض عدد الناقلات التي تمر عبر مضيق باب المندب بشكل كبير إلى 30 ناقلة منذ بداية الأسبوع الماضي، والذي يمثل انخفاضًا بنسبة 40 % عن متوسط الأسابيع الثلاثة السابقة، وفقا لبيانات تتبع بلومبرج. ويعد مضيق باب المندب نقطة عبور في الطريق إلى قناة السويس التي يمر بها نحو 12 % من التجارة العالمية ونحو 4.8 ملايين برميل يومياً من النفط، وسيؤدي إعادة توجيه مرور شركات الشحن العالمية الكبرى ومنها شركات النفط الكبرى من البحر الأحمر إلى جنوب أفريقيا وعبر طريق الرجاء الصالح الى إطالة مدة الرحلات ما بين 10 و12 يومًا وارتفاع التكاليف والتأمين بمعدلات مضاعفة. إن هذه الاضطرابات تصرف أنظار المتداولين في أسواق النفط عن التركيز على أساسيات أسواق النفط في ظل ضعف التداولات والمخاوف الأخيرة بشأن توقعات استهلاك النفط واستمرار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي من أكبر اقتصادات مستوردة للنفط في العالم في الولاياتالمتحدةوالصين، مع ارتفاع الإنتاج الأميركي وتباطؤ واردات الصين النفطية مع تراجع الحصص التي خصصتها الحكومة للواردات، بالإضافة إلى تدفقات الخام الفنزويلي وزيت الوقود إلى الصين والهند وارتفاع الإنتاج من البرازيل والذي سيعزز زيادة المعروض في الربع الأول من 2024. كما وأوضحت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، ارتفاع مخزوناتها النفطية التجارية بمقدار 2.9 مليون برميل ومخزونات البنزين 2.7 مليون برميل، والإنتاج بمقدار 200 ألف برميل يوميا إلى 13.3 مليون برميل يوميا، مما يسرع من تباطؤ الطلب على النفط. وسوف تدعم هذه التوترات في البحر الأحمر أسعار النفط إلى حد كبير مع ارتفاع المخاطر والتكاليف، وبغض النظر عن زيادة المعروض وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وانعكاس ذلك على الطلب العالمي على النفط، وهذا يؤكد على أهمية التزام أوبك+ بالخفض الطوعي بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا بداية من يناير إلى نهاية مارس 2024، لإعادة استقرار الأسواق عند أسعار فوق 80 دولارًا في الربع الثاني أو الثالث من العام المقبل، عندما تعود السفن للإبحار في البحر الأحمر مرة ثانية بدون أي مخاطر. كما أن قرار أنغولا مغادرة أوبك لن يكون له أي تأثير على قرارات أوبك+ التي تسعى إلى دعم استقرار أسواق النفط العالمية.