في فترة الانتقالات الصيفية الماضية كانت الانتقادات موجهة بحدة لإدارة الهلال وللجنة الاستقطابات حول الأسماء التي تعاقد معها الفريق «الأزرق»، ولم تهدأ هذه الموجة حتى تم التعاقد مع النجم البرازيلي نيمار والذي تعرض فيما بعد لإصابة أنهت موسمه الأول مع فريقه على الأرجح. وقياساً بالأسماء التي تعاقد معها النصر والاتحاد فإن قيمة اللاعبين الذين انتدبهم الهلال تبدو أقل على الورق، لكن الأحداث والنتائج والأرقام بعد انقضاء النصف الأول من الموسم تشير إلى أن «الزعيم» هو أكثر الفرق نجاحاً في التعامل مع الدعم الحكومي وأن صناع القرار فيه تعاملوا بشكل أكثر من رائع مع الميزانيات المرصودة لهم. لا يملك الهلال بعد إصابة نيمار لاعبين بحجم كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما وكانتي ورياض محرز، بل إن مشاركة نيمار لم تحدث تأثيراً فنياً ونتائجياً كبيراً على الفريق. لم تحظَ صفقات الهلال بمستويات الصخب الإعلامي نفسها الذي صاحب صفقات «أندية الصندوق»، لكنها في المحصلة بدت أكثر جدوى من الناحية الفنية وهو ما ترجمته النتائج على أرض الواقع من خلال تصدر الدوري بفارق مريح حتى الآن عن الغريم التقليدي النصر الذي هزمه «وصيف العالم» بثلاثية موجعة بحضور كريستيانو رونالدو وساديو ماني وبريزوفيتش، علاوة على عدم مقدرة الاتحاد الذي حظي بتعاقدات من العيار الثقيل على المنافسة بل وخرج من كأس العالم للأندية بطريقة صادمة، في حين لا يزال الأهلي الذي تمتع بدعم كبير وهو الصاعد العائد لدوري الكبار بعيداً عن المنافسة. كل ذلك يبرهن على أن إدارة تعاقدات فرق كرة القدم لا يمكن أن تتم بطريقة عشوائية يتم التعويل فيها على عنصرين أو ثلاثة عناصر، بل إنها تتم من خلال صياغة منظومة تلبي الاحتياجات وبأهداف واضحة وبعيداً عن الضغوطات الجماهيرية، وهو ما حدث في تعاقدات إدارة فهد بن نافل التي جعلت من صفقة نيمار آخر الخيارات لا أولها ولم تتوقف عند تعثر صفقة التعاقد مع الأرجنتيني ليونيل ميسي بل أكملت مشوارها نحو صفقات مدروسة حتى أثبتت الأرقام والأحداث صحة التوجه الهلالي. ما حدث هو درس جديد تقدمه إدارة الهلال فضلاً عن الدروس الأخرى في الاستثمار والتسويق والحوكمة والتحول الرقمي والتفوق في الألعاب المختلفة والتميز في الحضور الإعلامي، فمتى تعي بقية الأندية الدرس؟