رئيس وزراء جُزر سليمان يستقبل الرئيس التنفيذي ل «صندوق التنمية»    جميل للسيارات تتعاون مع شركة جي أيه سي لطرح مركبات الطاقة الجديدة في بولندا    طرح 27 مشروعًا عبر منصة استطلاع لأخذ المرئيات بشأنها    مصر وفرنسا توقعان سلسلة اتفاقيات للتعاون في قطاعات الصحة والنقل والصناعة    بطاريات جديدة مقاومة للحرارة تُحدث فارقًا في تخزين الطاقة    أديرا" و"أرماح الرياضية" توحدان جهودهما لتقديم تجارب لياقة متميزة للضيوف    أسماء الفائزين والشخصية الثقافية ل جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال 19    انتظام أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة في مقاعد الدراسة بعد إجازة عيد الفطر المبارك    عسير في خريطة العمارة السعودية.. تعزيز لأصالة البناء وجماليات التصميم    ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 1%    فرنسا تدشّن مركزها الجديد لاستقبال طلبات التأشيرة في جدة    سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    الخارجية الفلسطينية ترحب بمخرجات القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية في القاهرة    «سلمان للإغاثة» ينفذ 642 مشروعًا لدعم القطاع الصحي في 53 دولة    دوري عنيد    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر مارس 2025    الأميرة هيفاء آل سعود: الفعاليات الرياضية استقطبت 14 مليون سائح    الهلال.. مجد تحول لأطلال    خسارة النصر.. تغربل الهلال قبل النخبة الآسيوية    في ظهوره الثاني هذا الموسم.. جماهير الاتحاد تشيد بمستوى الأسباني هيرنانديز في ديربي الغربية    "يلو 28".. قمة الوصافة وديربي حائل في أبرز مواجهات الجولة    موهبة عالمية جديدة على رادار الهلال    الجسر البري السعودي يُشعل المنافسة بين الشركات العالمية    لك حق تزعل    اتفاقات مع "قسد" في طريق التعافي بخطوات ثابتة.. سد تشرين والنفط تحت إدارة الدولة السورية    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    أمير جازان يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المجتمعية.. تدشين حملة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    في أسبوع الصحة العالمي.. الأمومة والطفولة تحت الحصار والإبادة.. 90 % من الحوامل والمرضعات بالقطاع يعانين سوء تغذية حاد    هل حان الوقت لالغاء الموافقات التأمينية؟    نقاط التحول    الساعة    ماجد المصري: لم أتوقع نجاح "رجب الجرتلي" الشرير والحنون    موجة تفشى الحصبة الحمراء في أمريكا    ماذا بعد العيد؟    "أكيارولي».. قرية إيطالية يشيخ سكانها دون أمراض    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأميركي تطورات الأوضاع الإقليمية    رجال الأمن صناع الأمان    الأراجيف ملاقيح الفتن    حوارات فلسفية في تطوير الذات    الموظف واختبار القدرات    بين التقاليد والابتكار.. أين شريكة الحياة؟    25% انخفاضا بمخالفات هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    أخضر الناشئين يعاود تدريباته بعد التأهل لكأس العالم    بين النصّ الورقي و الأرشفة الرقمية.. حوار مع إبراهيم جبران    يوم الصحة العالمي.. المملكة تعزز الوعي    أكثر من 8000 مستفيد من خدمات " إرادة" في رمضان    حضور لافت لثقافات متعددة بمعرض ليالي في محبة خالد الفيصل    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «طويق»    فيصل بن بندر يستقبل محافظ الدرعية وأمين الرياض    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    أمانة جمعية الكشافة تقيم حفل معايدة لمنسوبيها    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    سمو أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أمير جازان يستقبل منسوبي الإمارة المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرائب دواعي النحل في الشعر العربي القديم
نشر في الرياض يوم 23 - 12 - 2023

لمّا تقادم زمن قول الشعر الأول عن تدوينه لزمت الرواية، ولم تكن تلك صنعة قاصرة على العرب، بل جرت في أمم أخرى منهم اليونان، فقد كان لهم رواة متفرغون لرواية الشعر، ينشدونه باعتباره سردًا لتاريخ الأمة، وأهم ما وصل إلى الأجيال اللاحقة ملحمة الإلياذة للشاعر اليوناني هوميروس. ما جرى في اليونان جرى على العرب، إلّا أنّهم أخذوا من شواهد الشعر طاهره وفاحشه، لكنّ الذي يؤخذ من الشاهد هو اللفظ، وإن ابتُذل المعنى في شعر الفحش والمجون. وقد برّر الرافعي ذلك بطهارة اللفظ وإن دنى المعنى. كثر ذلك في شواهد النحو لأسباب أهمّها ذهاب الرواة وعفاء مجالسهم، ما اضطر المدوِّنين الموثِّقين من مدرسة الكوفة، لقبول الرواية، وهذا سبب أساسٌ في ضعف مذهبهم عند العلماء، فقد اتُّهموا بالاستشهاد بالشاذّ، حتى جعلوه أصلًا يبنون عليه الباب، وشيخهم في ذلك الكسائي، وقد عيب عليهم ما ذهبوا إليه بذريعة سدّ الحاجة. لكنّ هذا لا يعني سلامة البصريين من الوضع، رغم وصفهم بالأوثق، وقد كانوا يتفاخرون باقتصار قبول الشواهد من الأعراب أهل البوادي، «أكلة اليرابيع» على حد وصفهم، رغم أنّ أحد رواتهم اعترف بوضع أبيات لسيبويه، في بعض أبواب النحو، من ذلك ما وضعه اللاحقي واعترف به حينما سئل عنه.
ظهر نوع آخر من الشواهد في القرن الثالث الهجريّ مع ظهور التفلسف وعلم الكلام، فلجأ المتكلمون ومنهم المعتزلة إلى اختلاق الشعر للاستشهاد به على مذاهبهم. وقد ذكر ذلك الفقيه اللغوي ابن قتيبة، في تأويلهم المقصود بالكرسي في آية الكرسي من سورة البقرة بالعلم، واستشهدوا بشطر بيت: «ولا يكرسئ علم الله مخلوق».
ثمّة شواهد أخرى استدعتها الحاجة عند شيوع أخبار العرب، وهي الشواهد على الأخبار التي ظهرت بسبب انتشار القصاصين، الذين وضعوا شعرًا خاصًا ليشهد على صحة أخبارهم وأساطيرهم، مثل قصة الخلق وخبر آدم وغيره من الأنبياء، وأول الواضعين للأخبار محمد بن إسحاق، الذي أكثر في ذلك، وعزا ذلك الشعر للوحشة والوسوسة التي تنتاب هؤلاء الذين يتوحدون بأنفسهم في البراري، فتنطق الجنّ على ألسنتهم، وهم يقصّون ذلك على العامة وأشباههم، لأنّ صاحب العقل والفكر لن يقبل ذلك بالطبيعة.
نوع شاذٌ مستغربٌ من عالِمٍ واعٍ، سنعرض له في هذا المقام، وهو الوضع من قِبل الأدباء، وما اقتصر ذلك على الشعر، بل انسحب على النثر من الخطب والرسائل؛ لأجل استدراج النقاد وأهل الفكر للإدلاء بآرائهم، مظنّة استحسانهم لما سيسمعونه من الشعر الموضوع، معنى ومبنى بغضّ النظر عن صحته وثبوته.
ومن أنواع النحل الغريبة فيما استعرضناه، ما وضعه المؤلفون في كتبهم من نصوص مختلقة، على من كتبوا عنهم من شعراء وأدباء، حسدًا وكيدًا حتى إنّ المعري ذكر ذلك في كتابه «عبث التوليد».
آخر أسباب الوضع في هذا المقام، ما وثقه الرافعي في كتاب تاريخ آداب العرب، وهو حاجة الرواة للاستئثار برواية الأخبار، بحيث لا يأتي بها غيرهم. لأجل ذلك صنعوا شعرًا مدّعىً للشعراء، ولا سيّما الفحول، فألبسوا شعرهم على الرواة الآخرين بإدخال هذا في ذاك، والزيادة على شعر أحد منهم. والحذف من آخر، وأشهرهم حماد الراوية وخلف الأحمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.