تختلف جودة الحياة الوظيفية من شخص لآخر، ويمكن أن يكون لدى الموظف احتياجات ورغبات مختلفة عن تلك التي يراها صاحب العمل. من هذه الزاوية، يبدو الأمر كما لو أنه مسألة شخصية ويتعلق بتفضيلات وقيَم الموظف وكيفية توازن العمل والحياة الشخصية بالنسبة له. لبعض الموظفين، قد تكون جودة الحياة الوظيفية تعني تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصيّة، وتوفير الوقت للأنشطة والاهتمامات الخاصة بهم خارج بيئة العمل. قد يهتمون بمرونة ساعات العمل وإمكانية العمل عن بُعد، وذلك للسماح لهم بتلبية احتياجاتهم الشخصيّة والأسريّة. بالنسبة لآخرين، قد يركزون على الفرص التطويرية والنمو المهني. قد يرغب الموظفون في الحصول على تحديات ومشاريع جديدة وفرص لتطوير مهاراتهم والتقدم في مسارهم المهني. بعض الموظفين قد يهتمون بعوامل أخرى مثل البيئة العملية الإيجابية والتواصل الجيد مع زملائهم والمديرين. مهمة صاحب العمل هي أن يكون حسّاساً لاحتياجات الموظفين، وأن يسعى لتوفير بيئة عمل تلبي تلك الاحتياجات بأقصى قدر ممكن. قد تتضمن هذه الجهود توفير مرونة في ساعات العمل، وتوفير فرص التطوير والتدريب، وتعزيز التواصل والتعاون، وتوفير فرص الترقية والتقدم المهني. بالتوافق بين احتياجات الموظفين وتوقعات صاحب العمل، يمكن تحقيق جودة الحياة الوظيفية المرغوبة والتي تعزز رضا الموظف وفعاليّة العمل. من ناحية أخرى، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر على نظرة الموظفين لما يرغبون فيه من جودة الحياة الوظيفية. قد تؤدي تلك الأدوات التكنولوجية الحديثة في مجال الاتصال إلى تغيير توقعات الموظفين وتسهم في إشباع احتياجاتهم المهنية والشخصية بطرق مختلفة. ينظر الموظفون إلى المرونة في مواعيد العمل على أنها اليوم مطلب مهم ومُلِح. يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أن تسهم في تغيير وجهة نظر الموظفين حول مواعيد العمل التقليدية. يتطلع الكثيرون إلى إمكانية تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية من خلال إمكانية تنسيق أوقات العمل الخاصة بهم والوقت المخصص للاسترخاء والتواصل مع الأصدقاء والعائلة. وتعزز مواقع التواصل الاجتماعي من مفهوم العمل عن بُعد، ومن توجُّه الموظفين للبحث عن فرصة للعمل في بيئة مرنة وغير مقيّدة بالمكان الجغرافي. يعتبر هذا الأمر مهماً اليوم للعديد من الموظفين الذين يرغبون في تقليل الوقت المستغرق في التنقل وزيادة الوقت المخصص للعمل الفعلي. من ناحية أخرى، يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أن تسهم في تعزيز عملية توفير المعلومات والموارد، حيث يمكن لقنوات الاتصال الحديثة تلك أن تكون مصدراً قيّماً للمعلومات والموارد المهنيّة. يمكن للموظفين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة المعرفة والتعلُّم من أفضل الممارسات والتواصل مع المتخصصين في المجال، ومما لاشك أن هذا كله في النهاية يقود إلى حالة جيدة من التوازن الذي يقود إلى جودة حياة وظيفية حقيقية.