في الحياة رجالٌ حين تنتهي أنفاسها تذبل حدائق ورد، تكتسي الليالي وحشة الوجهِ الغائب ويأتي الحرف كسيراً حين يُكتب رحيل قلبٍ أبيض.. في الحياة رجالٌ حضورهم أنس، تعبهم حشرجة عبرةٍ مخنوقةٍ بآهاتهم، ورحيلهم يقسو على ما بقي من ذكرياتهم.. في الحياة (بندر) ومن لا يرتبط بهذا القلب الكبير.. كان مدرسةً وصرحاً وأباً وعاشقاً.. كان أزرقاً بامتياز.. وأبيضاً بنقاء.. أسّس بالحب مدرسةً بُنيت على قيمٍ أخلاقية قبل أن تكون رياضية وتبنّى فيها عشقه الأزرق ليحتوي المواهب ويغرس فيهم قيماً جعلت منهم نجوماً للهلال وللوطن.. مدرسةٌ أخرجت يوسف وسامي وفيصل والتيماوي والشلهوب وغيرهم الكثير.. منح الهلال قلبه فأضاء ببطولاتٍ حفرت اسمه بماء الذهب في ذاكرة أجيال زرقاء ما تزال تدين له بالكثير من الفرح.. قاد بكل حبٍّ وتفانٍ سفينة الهلال لشواطئ من ذهب، وأهدى الملايين من العشاق ثمرة غراسه الأزرق في بساتين الفرح.. هو (بندر بن محمد) الأمير الأجمل والراحل الذي أوجع فراقه كل القلوب العاشقة وكل أولئك الذين يؤمنون بأن النجاحات كان خلفها أمير عاشق متيم بالهلال.. لأحاديثه وسرعة بديهته مواقف تخلد في الذاكرة، قائدٌ بالفطرة ومحاربٌ شرس لا تهزمه انكساراتٌ وإن توالت فإيمانه بالنجاح جزء من تركيبة شخصيته التي أثرت المجال الرياضي وقدّمت له الكثير من النجاحات الكبرى.. لوقفاته أثر البلسم على جراح المتعبين.. لشموخه سجلٌّ من ذهب يُباهى به.. لكبريائه صبغةٌ امتزجت بالهلال (الفريق) من الهلال (الأب).. هذا الأمير المتزن الطموح عرّاباً لفرح أزرق دام سنوات عديدة وكل فرحةٍ زرقاء تشبهه.. كل إنجاز روحه فيه.. كل تجلّي أزرق بهاؤه انعكاس منه.. كل حزن أزرق أثره يسبِقُ إليه.. هذا الأمير الشجيّ بنبرة صوته المملوءة بشهامة الفرسان وتعابير المنتصر وابتسامة الشرف.. ذلك الأمير الذي أوجد مساحة زرقاء تُعد مرجعاً لكل من يحلم ببناء منظومة رياضية متكاملة.. ذلك وذلك وكل شيء في هذا الرجل حياةٌ لنا.. فالسمو (أمير) والأمير (سموٌّ) عانق مجداً أتعب به كتّاب التاريخ لإحصاء إرثٍ نتاجه ذهب.. نتاجه رجالٌ قدمت للوطن قبل الهلال الكثير.. تلك روحه التي نأمل من الله أن تحفّها ملائكة الرحمة وأن تفتح لها أبواب الجنة بأحب الأسماء إليه.. أن يجعل الله قبره نوراً كنوره في الأرض.. أن يجازيه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً.. وداعاً حبيب الأمة الرياضية عامة والهلالية خاصة، وداعاً وفي قلوبنا جرح فقدك وفي عيوننا وميض سكونك وعلى شفاهنا الدعاء لك بالرحمة والمغفرة والجنة.. وداعاً وإن يكن الوداع أسىً وجراحاً.. وداعاً وإن يكن الوداع عمق وجعه ينخر في ذاكرتنا ألمها.. وداعاً لربٍّ كريم رحيم غفور.. وداعاً أمير قلوب الهلاليين بندر بن محمد.. مع المدرب الطوخي ودرع بطولة المملكة للناشئين مع نجله الأكبر محمد في احتفالية هلالية بكأسي الدوري وولي العهد خالد الباتلي