كان بندر بن محمد بن سعود الكبير الغائب الأكبر عن اجتماع أعضاء شرف نادي الهلال المنعقد مساء الاثنين الماضي، يعرف تاريخ الهلال جيداً الرجل الذي يعده كثير من الراصدين أحد أهم رجالات النادي، وأحد عرابيه وصانعي أمجاده وأبرز رؤسائه، تشهد له بذلك أرقامه وأعماله، ويدرك ذلك كل منصف ومحايد، وليس بندر بن محمد الذي يحتاج لشهادة أحد لبيان ما قدمه للهلال، وليس بندر بن محمد بالذي يضره أن يكتب عنه من لا يعرف التاريخ الهلالي، ولا يعرف كيف يصل حاضره بماضيه. عندما يتم تقسيم تاريخ الهلال لمراحل انتقالية، سيكون بندر بن محمد على رأس إحدى المراحل، أسس عبدالرحمن بن سعيد (النادي) قبل ما يزيد على الستين عاماً ووضع لبناته الأولى، وفي مرحلة ثانية جاء الأمير الشاب عبدالله بن سعد- رحمه الله- من المدرج الأزرق ليحدث ثورة هلالية مشهورة، ويقدم هلالاً مختلفاً بهوية جديدة وحضور لا يوازى، تقدم به خطوات على منافسيه. في مرحلة ثالثة تصدى الشرفي البارز العاشق بندر بن محمد للمهمة في وقت عصيب، وفي وقت انتقالي للهلال، كان تولي بندر بن محمد لرئاسة النادي أمرا يتردد طوال عشرين عاماً سبقت جلوسه على كرسي الهلال الساخن، كان خلالها يرفض الأمر برمته، ويرى أن خدمة النادي لا يمكن أن ترتبط بالمناصب. عُرف بندر بن محمد في الأوساط الرياضية والهلالية في بداية الثمانينيات الميلادية عندما قرر أن يقدم مشروعه التاريخي الشهير مدرسة الهلال الكروية، وهي الأولى من نوعها في العالم العربي، ويومها انتدب للمهمة أكفأ الإداريين وأفضل المدربين. كانت المدرسة رهاناً صعباً لم يتوقع كثير من الهلاليين فضلاً عن غيرهم نجاحه، لكن بندر بن محمد عرف كيف يدير العملية الصعبة، وكيف يقودها للنجاح تلو النجاح، حتى استطاعت أن تقدم للكرة السعودية عبر بوابة نادي الهلال نخبة من نجوم الكرة الذين أسهموا في صناعة جملة من الإنجازات الرياضية التاريخية، إن للمنتخبات السعودية أو لنادي الهلال. حضور بندر بن محمد الشرفي كان يزداد في تلك الفترة وكان نجمه وسط السماء الزرقاء يزداد لمعاناً، وكان حضوره مبعث تفاؤل لجميع الهلاليين، ويوماً بعد يوم كانت علاقة سموه بالهلال تزداد وتترسخ، وكان رقماً ثابتاً في نادي الهلال لا يبخل عليه بمال ولا مشورة، ولا ينفك عن الدفاع عنه وكف منتقديه، وصد محاولات مخترقي جداره العظيم. في العام 1996 (1417ه) حقق بندر بن محمد مطلب كل الهلاليين ونُصب رئيساً للنادي ليكون الرئيس ال16 في تاريخه، وكانت بطولة الأندية الآسيوية أبطال الكأس التي حققها الهلال في الخامس عشر من رجب من ذلك العام أولى بطولات سموه مع الفريق، لتتوالى بعد ذلك الإنجازات الزرقاء محلياً وإقليمياً حتى بلغت تسع بطولات (رقم قياسي يشترك فيه مع الأمير عبدالله بن سعد) وفي نهاية عام 1420 (2000) قرر سموه أن يترك كرسي الرئاسة، وأن يعود لمكانه بين أعضاء الشرف إيماناً منه بأنه قدم كل ما لديه كرئيس وأن تجديد الروح مطلب مهم لضمان سير النادي بنفس الوتيرة والقوة. خلال السنوات الأربع كان رئيس الهلال (يقول و يطول) ولا يمر على مكان إلا وترك بصمته... وحتى اليوم يتذكر الهلاليون كيف حضر الكويتيان بشار عيدالله وجاسم الهويدي للهلال، وكيف كان مفاوض أحد الأندية يغادر للكويت في وقت كان فيه رئيس الهلال قد حسم كل شيء، ثم جاءت الصفقة الأبرز والأكثر أهمية وفائدة في تاريخ الهلال بالتعاقد مع الحارس العالمي محمد الدعيع لتؤكد حنكة بندر بن محمد الإدارية وقدرته على إدارة الدفة كيف شاء بمعاضدة من شرفيي النادي. في مرحلة تالية وبالتحديد عام 2012 تولى سموه منصب رئاسة هيئة أعضاء الشرف بنادي الهلال، وطوال فترة رئاسته للهيئة كان يعمل بجهده وعلاقته وخبرته على جمع الكلمة الهلالية ورأب الصدع وتوحيد الصف، وسموه رجل متسامح مع نفسه ومع الآخرين، ولم يعرف عنه أنه أساء لأحد، ولا يحسب عليه تصريح أو قول فيه تقليل من أحد، لكنه أيضاً رجل لا يجامل ولا يداهن على حساب الهلال أو عندما يكون الأمر فيه إساءة للنادي، فالهلال وحاضره ومستقبله خط أحمر عنده.. يعرف عنه ذلك القريب والبعيد ويشهد به الجميع. يحمل بندر بن محمد كل التقدير لمن خدم الهلال، ومن مشاهد التاريخ له يوم فاز الهلال بالكأس التاريخي كأس المؤسس، انه ومع زحمة الأفراح وتوالي المهنئين وتسابق وسائل الإعلام لم ينس مؤسس النادي وواضع بذرته شيخ الرياضيين عبدالرحمن بن سعيد فاتجه له في المستشفى وقدم له الكأس الغالية في لفتة محبة ووفاء وتقدير كانت محل سعادة كل الهلاليين. يعرف الهلاليون وغيرهم جيداً ماذا قدم بندر بن محمد لناديهم الكبير، وأنه ما بخل عليه بشيء طوال سنوات عمره، ويكفي أنه لا يذكر بندر إلا وتذكر الفروسية والهلال ولا يذكر بندر إلا وتذكر المدرسة والإنجازات، ولا ينكر تاريخ بندر مع الهلال إلا حاقد أو جاهل... أو رجل ترك غيره يفكر عنه. غاب بندر عن اجتماع شرفيي الهلال لكنه حضر بقلبه بكل تأكيد، ومقال في هذه المساحة لا يمكن أن يفي واحداً من أهم رجالات النادي حقه، ولا يمكن أن يمر على كل محطاته وأعماله وإنجازاته. اللهم اجمع للأمير بندر بن محمد بين الأجر والعافية.