منذ عقود مضت، وقطاع العقار السعودي يحظى باهتمام الدولة، باعتباره أحد القطاعات التي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني، فضلاً عن كونه قطاعاً استثمارياً للشركات الكبرى، ووعاء إدخاري للأفراد الذين وجدوا فيه ملاذاً آمناً، يستوعب مدخراتهم، ويفيض عليهم بأرباح وفيرة وشبه مضمونة. وتحت مظلة رؤية 2030، تواصل الدعم الرسمي للقطاع في صورة أنظمة وتشريعات جديدة، استهدفت حل أزمة الإسكان، وبلغ الدعم ذروته، بعقد القمة العالمية لقادة العقار للمرة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، في العاصمة الرياض، هذه القمة أراها خطوة جديدة، ينطلق منها قطاع العقار السعودي نحو العالمية، معتمداً على ثماني مبادرات شهدتها القمة، كفيلة بإيجاد قطاع سعودي، بمواصفات عالمية، يستند عليه الاقتصاد الوطني في تطلعاته المستقبلية. ولعل تزامن عقد قمة العقار، مع إعلان فوز المملكة باستضافة معرض إكسبو 2030 من شأنه إعلاء مكانة المملكة، وجعلها مركزاً إقليمياً ودولياً، يستقطب الكثير من فروع المؤسسات العالمية في الكثير المجالات، ومنها العقار، ويشير إلى ذلك أهداف المبادرات الثمانية، حيث استهدفت أولى المبادرات الإعلان عن تأسس مكتب الأمانة العامة للاتحاد الدولي للعقار في الرياض، هذه المبادرة كفيلة بجذب العديد من مكاتب الشركات العقارية العالمية للرياض، والارتقاء بمشاريع القطاع وأنشطته. ولم تكن الثمار المرجوة من مبادرة إنشاء منصة مؤشرات عقارية موحدة للقطاع العقاري في العالم من الرياض، بأقل من سابقتها، ليس لسبب سوى أنها سترفع من جودة البيانات وشفافيتها على مستوى القطاع العقاري السعودي، من خلال المقارنات المعيارية مع المؤشرات الدولية في القطاع. في الوقت نفسه، تستطيع مبادرة "إطلاق خدمة التقارير الاستشارية والمؤشرات العقارية العالمية" رفع كفاءة القطاع العقاري السعودي، وزيادة كفاءة إدارة الاستثمارات العقارية، واتخاذ قرارات استراتيجية أكثر دقة، فيما تتوج مبادرة "إطلاق جائزة التميز العقاري العالمية" الجهود العامة لتعزيز مكانة القطاع محلياً، وترفع جودة المنتجات العقارية، وتضمن مبادرة الشراكة مع جامعة اكسفورد لمنح شهادة مهنية في المجال العقاري، رفع مستوى المنتجات المعرفية في القطاع، وإيجاد فرص عمل جديدة. ولا أبالغ إذا قلت إنني أتفاءل كثيراً بمبادرة إطلاق المركز العالمي للإعلام العقاري في مدينة الرياض، ودورها في تعزيز الوعي بالقطاع العقاري، والقدرة على الوصول إلى مستثمرين أوسع، والتفاؤل يشمل مبادرة تأسيس "كوتلر امباكت للتسويق العقاري" التي تساعد هي الأخرى في الترويج للمملكة، باعتبارها وجهة استثمارية جذابة للشركات العقارية العالمية، أما مبادرة "اعتماد اللغة العربية ضمن اللغات المعتمدة في الاتحاد الدولي للعقار"، فهي كفيلة بتعزيز مكانة لغتنا العربية في المحافل الدولية، وتعزيز التبادل الثقافي والتعاون بين الدول الأعضاء، أما مبادرة إطلاق منصة الاتحاد العقاري (كونكت)، فهي تركز على جذب الاستثمارات العقارية الأجنبية إلى المملكة، وتوفير منصة للتواصل والتعاون بين المستثمرين العقاريين الأجانب، والوصول إلى الأسواق العالمية. التفاؤل بالمبادرات الثمانية مجتمعة، وتأثيرها الإيجابي على منظومة الاقتصاد الوطني لا حدود له، وقريباً جداً سوف نجني ثمار هذه المبادرات، بإيجاد قطاع عقاري نموذجي، يسهم بنصيب وافر في إجمالي الدخل القومي للبلاد، ويوفر آلاف من فرص العمل للشباب، شريطة أن تكون هناك أفكار جديدة بالقطاع، تجعله مزدهراً وحيوياً. *رئيس مكتب الاتحاد الدولي للعقار في المملكة عبدالله الحربي