تشكل الرعاية الصحية أساساً في بناء مجتمع صحي مستدام وفي ظل النهضة في مجال الصحة وجودة الحياة في مملكتنا الحبيبة تتزايد أهمية تحسين الخدمات الصحية وفقًا لرؤية سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. ومما يؤثر إيجابًا على الصحة قوة العلاقة بين مقدمي الرعاية الصحية والمرضى، فتعزيز هذه العلاقة يضمن تفاعل المريض مع الممارسين بفعالية وشفافية عالية مما يدعم جودة الرعاية الصحية. ترتكز هذه العلاقة على عنصرين أساسيين هما الثقة والأمان، الثقة تبنى من خلال التعامل الاحترافي والأخلاقي ويتضمن احترام حقوق المريض كحق الخصوصية الذي يشمل معلومات المريض وتفاصيل حالته. يجب على الفريق الطبي احترام هذا الحق وعدم مشاركة المعلومات دون موافقة المريض الصريحة. خصوصية المريض تخلق بيئة آمنة تشجع المريض على مشاركة معلوماته بثقة، مما يمّكن الفريق الطبي من أخذ تاريخ صحي شامل وبالتالي وضع خطط علاجية ملائمة، وبكسب ثقة المريض سترتفع نسبة إلتزامه بالخطة العلاجية وستقل نسبة المماطلة في طلب الرعاية الصحية مما يحفظ صحة المريض كما يأمرنا ديننا ويعود على صحة المجتمع بالنفع ويعّجل بتحقيق جودة الحياة وهذا يعد نجاحاً ليس فقط للقطاع الصحي بل للوطن أجمع. يحمي القانون السعودي خصوصية المرضى وغرامة عدم الالتزام بذلك تصل 10 آلاف ريال. من المهم أن يعلم الممارسون الصحيون أن القوانين وضعت لتسهيل مهمتهم ولتكوين بيئة سليمة آمنة ليمارسوا هذه المهنة السامية على أكمل وجه، وهنا يجب التنويه بأن من مسؤوليات الكيان الصحي تثقيف الموظفين عن ماهية خصوصية المرضى وكيفية الحفاظ عليها ومشاركة المعلومات الصحية بينهم دون اختراق القانون، فمثلاً لا تناقش حالة مريض أمام آخر ولو بلغة أخرى ولا تترك الملفات الطبية في متناول الآخرين. أذكر قصة شهدت أحداثها في أحد مستشفيات مدينة تايبيه كان أحد طلاب الطب قد أخذ معه تقارير مريض لأحد المقاهي بهدف مراجعتها في وقت فراغه لكنه نسيها على الطاولة عند عودته مستعجلاً للمستشفى، هنا تمكن أحد الفضوليين من قراءة التقارير الطبية ومعرفة أدق التفاصيل عن حالة ذلك المريض، أثر ذلك قامت المنشأة الصحية بالاعتذار للمريض وتعويضه وتعرض الطالب للمعاقبة الصارمة وبات عظة وعبرة لزملائه ولم يشفع له نسيانه أو قلة وعيه بحق الخصوصية أو حسن نواياه. فالوعي بالحقوق والقوانين مهم ويرفع نسبة الأمان لدى الممارس الصحي ويمكنه من الإبداع في عمله وممارسته بشكل أخلاقي وقانوني. وأنا مؤمنة إيمانًا تاماً أننا سنرى أثر ذلك جلياً في تقارير منظمة الصحة العالمية في الأعوام المقبلة، وسنرى المملكة تحتل المراتب العليا في جودة الصحة والخدمات الصحية عالمياً. في الختام، الحفاظ على سرية معلومات المرضى ليس مجرد متطلب قانوني بل هو واجب أخلاقي ومهني وشرعي وإنساني. إن الالتزام باحترام كرامة الأفراد والحفاظ على الثقة بحفظ خصوصية المرضى يعزز الرعاية الصحية الشاملة، ويسهم في بناء مجتمع صحي ينعم بتفاعل فعّال وثقة متبادلة بين المريض والفريق الطبي. *محامية ومستشارة في القانون الطبي وأخلاقيات الطب