زرت البارحة المعرض التشكيلي الشخصي الثامن للفنان نايل ملا والمقام في صالة داما والذي تم افتتاحه الأحد 19 نوفمبر. نايل ملا فنان من رواد الفن التشكيلي السعودي، من الجيل الثاني من الرواد الذي يأتي بعد عبدالحليم رضوي ومحمد السليم، يبدو أننا بحاجة إلى التذكير هذه الأيام بهذا التاريخ الفني، وهذه جملة عرضية قد تحتاج إلى توضيح في مقالة أخرى، لكنني اليوم أتحدث عن نايل ملا ومعرضه. بالإضافة إلى ريادته في الفن التشكيلي السعودي بشكل عام، هو رائد في فن المصغرات بشكل خاص، ومعرضه هذا الذي جمع فيه أعمالاً أبدعها خلال عشرين عاماً، كانت كلها لوحات صغيرة، شغفه وعشقه والاتجاه الذي يحب أن يمارسه ويبشر به ويتحدث عنه. اللوحات الصغيرة، المصغرات كما يسميها، ملأت هذا المعرض الذي يمكن أن تشبهه بحديقة ضمت الكثير من المجموعات، وانت تنتقل من مجموعة إلى أخرى وكأنك تشاهد باقات مختلفة من الزهور، إحدى المجموعات كان هذا هو اسمها، مجموعة الزهور وهي كما هو اسمها عبارة عن لوحات مصغرة للزهور كما يراها ويشعر بها الفنان. الملفت في تجربة نايل، أنه يتنقل في مختلف الأساليب في التعبير عن فنه، في الفترة الزمنية الواحدة، بمعنى أنه لا يتبع مدرسة واحدة، أو اتجاهاً فنياً واحداً لفترة، ثم يمارس اتجاهاً آخر لفترة أخرى، كما هي الحال عند معظم الفنانين التشكيليين الذين مروا بهذه المسألة، نايل يختلف في أنه يقدم أشكالاً وأساليب متنوعة في ذات الوقت، وهي مسألة أعتقد أنها تدل على ثراء وشغف بالفن، بجميع أنواعه واتجاهاته، تدل أيضاً على إخلاص واستسلام لروح الفن، بمعنى أنه يقول، أنا أسلم نفسي للوحتي كما تريدني أن أبدعها، وبالوسيلة التي تريدني أن أخرجها بها، بكل المواد وعلى جميع أنواع الورق والقماش، باستخدام الأقلام أو الفرش أو حتى القهوة المسكوبة على منديل الطاولة. هو يعكف على لوحته، ينتهي منها، ربما في ساعة وربما في أسابيع، يعمل ويعمل، بصمت، والنتيجة، كما نراها، كما يراها متابعو ومحبو الفن التشكيلي، هذا الزخم، هذه الأعمال، التي سيجد فيها الزوار ما يجذبهم، ويشدّهم، سواء أحبوا كل الأعمال أو بعضها، في النهاية لابد أن تخرج من المعرض وأنت ممتلئ. هناك جوانب أخرى في شخصية الفنان نايل ملّا يجب أن نذكرها وإن باختصار، فهو أثناء عمله في الخطوط السعودية ساهم في نشر الثقافة التشكيلية من خلال إنشاء إحدى أهم مسابقات التشكيل والمعروفة باسم ملون، اختفت ملون اليوم، لكن صيتها وأثرها باق، ومنشئها الذي نتحدث عنه في هذا المقال، أحد رواد الفن التشكيلي السعودي، يبقى دليلاً على ثراء المشهد التشكيلي، وعلى تاريخه الطويل.