قيم الصبر قال عنها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً). ولأهمية الصبر في حياتنا عامة فقد ذكر الله سبحانه وتعالى (الصبر) في القرآن الكريم في أكثر من ثمانين موضعاً ومن الآيات الكريمة التي ذكرت في القرآن الكريم قوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) الآية (10) سورة الزمر. أي أن كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر. والصبر من عظمته ومكانته عند الله عز وجل أن جعل الصبر من أبواب الجنة الثمانية. ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية الصبر من أهم منازل الأخلاق لأنه من صفات المؤمن الصادق، ولكون مقامات الدين كلها مرتبطة بسنام الأخلاق (الصبر)! والله سبحانه وتعالى أمر الناس باتباع الطريق القويم والصراط المستقيم وبين لعباده أن الصبر الجميل أفضل طريق للإنسان في الدنيا والآخرة. يقول تعالى: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً). الآية: (5) سورة المعارج. ومن هنا نجد أن الصبر في الأزمات والمحن والشدائد والمواقف الصعبة وعند فراق الأحبة له ثمرات رائعة، ونتائج يانعة، ومكاسب حميدة؛ لأنه الطريق السليم للصحة النفسية والوجدانية والاجتماعية والانفعالية ويحقق بالتالي لها التوازن. لأنه يعبر عن الرضا بالقضاء، وتحمل الأذى والضغوط، والتزام الهدوء والسكينة ومقاومة المعاناة والآهات بكل صبر وإيمان وثبات بدلاً من شعور القلق والتضجر المدمر للصحة عامة، لأنه أقوى الأسلحة الإيمانية الفاعلة في مواجهة المواقف غير المتوقعة في الحياة الاجتماعية والأسرية. والأكيد أن قيم الصبر الجميل لها آثار إيجابية (نفسياً) ضبط الذات من الملل والقلق المفرط، والأعمال الشاقة التي تتطلب صبراً خلال مدة مناسبة قد يراها الشخص العجول مدة طويلة. و(صحياً) يجعل الصبر صاحب المرض قادراً على تحمل التعب والآلام الجسدية، وبالتالي استجابة الجسد للعلاج سريعاً بمشيئة الله تعالى، و(إيمانياً) من يسير على مطية الصبر في صحراء المشاكل المادية أو الأسرية أو الوظيفية يحقق درجة الإيمان والرضا.. والله يحب الصابرين، واجتماعياً. الإنسان الصبور يكون لديه (مناعة اجتماعية) بمعنى يصبح قادراً على تحمل أذى الآخرين ومواجهة تجاوزاتهم بكل ثقة وثبات، كما يعمل الصبر على نشر المحبة والألفة وبث روح التعاون وتنمية قيم المودة بين الأفراد ويساعد على تحمل تقلبات الحياة الاجتماعية والأسقام السلوكية ويكون الشخص قادراً على مواجهة المشاكل الاجتماعية وإرهاصاتها بكل قوة وصلابة وجلد.. فالصبر - لا مناص - فضيلة لا يقدر عليها كل البشرية، فهي تحتاج بالطبع إلى نفوس قوية وعقول واعية لتدرك معناه وتستطيع بالتالي أن تتعامل معه فهو من أجمل وأصعب الأمور في نفس الوقت، حيث يكون الأصعب عندما تصبح عزيمة الإنسان ضعيفة على تحمل موقف ما، أو يكون غير قادر على تحمل تبعات كل الأشياء التي تحتاج إلى الصبر رغم أن نهاية الصبر فرج عظيم. فما أروع أن ندرب أنفسنا ونروّضها ونربيها على تحمل المفاجآت المزعجة ونوائب الدهر وعلى تصرفات وسلوكيات بعض البشر التي تتنافى مع قواعد الضبط الديني والاجتماعي والأخلاقي والذوقي بقيم الصبر الجميل في حياتنا عامة. وكما قيل في الحكمة الشهيرة: (أفضل أخلاق الرجل التصبّر).