في لحظة تاريخية مثيرة، توجت تاريخ الكرة السعودية وجهود مسؤوليها الذين بذلوا الغالي والنفيس، وجمهورها المتعطش بانتصار استثنائي وإنجاز لا مثيل له، فقد تمكنت المملكة العربية السعودية من تحقيق إنجاز تاريخي باستضافة كأس العالم 2034، وهو إنجاز رياضي لا يُمكن إغفاله ولا تناسيه، خصوصًا عند معرفة أن جميع دول العالم لم تستطع مجاراة السعودية بالملف الذي قدمته لاستضافة هذه البطولة، حيث كان من المقرر أن يكون إعلان الدولة المستضيفة للبطولة في سنة 2024 إلا أن تفرد المملكة عجل بإعلانها كدولة مستضيفة لمونديال 2034. تلك اللحظة التاريخية تمثل مرحلة جديدة في مسيرة الرياضة السعودية، وهي أيضًا تأتي كتأكيد على الدور الكبير والمهم الذي تلعبه المملكة في مجال استضافة الأحداث الرياضية على مستوى الساحتين القارية والعالمية مؤخرًا، حيث إن الأراضي السعودية استضافت وستستضيف بطولات ودورات رياضية عديدة قبل مونديال 2034، فمع بداية شهر ديسمبر المقبل ستنطلق مباريات بطولة كأس العالم للأندية 2023 والتي ستلعب مبارياتها على الملاعب السعودية، كما ستقام دورة الألعاب الآسيوية للصالات والفنون القتالية 2025 في العاصمة السعودية الرياض، وبعدها بسنة ستستضيف السعودية مباريات بطولة كأس آسيا 2027 للمنتخبات، وستشهد سنة 2029 استضافة المملكة لدورة الألعاب الآسيوية الشتوية في نسختها التاسعة والتي ستقام في مدينة "تروجينا" التي تم إنشاؤها كمشروع لوجهة عالمية جديدة للسياحة الجبلية في نيوم، وتزامنًا مع كأس العالم 2034 ستستضيف المملكة دورة الألعاب الآسيوية 2034 في عاصمتها الرياض للمرة الأولى في تاريخ الدورة، كما أن السعودية قدمت ملف ترشحها لاستضافة بطولة كأس آسيا للسيدات 2026 إلا أن الأمور لم تحسم بعد حيث إن هناك دول أخرى عبرت عن اهتمامها باستضافة البطولة ولم تقدم ملف ترشحها بعد مثل أستراليا والأردن وكذلك أوزبكستان. السعودية في المونديال أولوية واكتساح ما يميز فوز الملف السعودي باستضافة مونديال 2034 هو أنه نجح بشكل استثنائي في جذب دعم وإعجاب أكثر من 125 اتحادًا كرويًا من مختلف أنحاء العالم، وهذا الدعم الواسع يعد تأييدًا غير مسبوق على مستوى طلبات الترشح في تاريخ كأس العالم، مما يشير إلى الترحيب والدعم القوي من العالم الرياضي لجهود المملكة العربية السعودية في تنظيم هذا الحدث الرياضي الكبير. وستحظى المملكة بأولوية تاريخية جديدة حيث ستكون أول دولة في التاريخ تستضيف البطولة بعد تغير نظامها وزيادة عدد المنتخبات المشاركة إلى 48 منتخبًا، وبإجمالي 104 مباريات ستلعب خلال البطولة، والأمر الذي جعل منافسة السعودية شبه مستحيلة على ملف مونديال 34 هو كونها الدولة المستضيفة الوحيدة لمباريات البطولة دون ملف مشترك مع دول أخرى على عكس مونديال 2026 والذي تتشارك فيه 3 دول وهي أميركا وكندا والمكسيك، وكذلك مونديال 2030 والذي ستتقاسم مبارياته 6 دول حيث ستُقام هذه البطولة في كلٍّ من المغرب وإسبانيا والبرتغال، فيما ستُقام أول ثلاث مباريات في كلٍّ من الأوروغواي والأرجنتين وباراغواي للاحتفال بالذكرى المئوية للبطولة. كأس آسيا تجهز البنية التحتية لاستضافة المونديال استضافة السعودية لكأس آسيا 2027 تمثل خطوة ضخمة نحو تحسين وتطوير البنية التحتية الرياضية في المملكة، فمن خلال استعداداتها لاستضافة هذا الحدث الرياضي الضخم، ستتعزز البنية التحتية بشكل كبير لتصبح الملاعب السعودية أكثر جاهزية لاستضافة كأس العالم 2034، حيث ستشهد الملاعب والمرافق الرياضية في المملكة تطويرًا ملموسًا وتحسينًا في معايير الجودة والسلامة، وتأتي استضافة كأس آسيا 2027 كمناسبة مثالية لاختبار وتطوير البنية التحتية والاستفادة من الخبرات المكتسبة لتقديم مونديال 2034 بصورة عالمية وبأعلى مستويات الجاهزية والاحترافية، مما سينعكس بالإيجاب على تجربة الجماهير والمشجعين وسيضمن تنظيم مميز للبطولة العالمية. وفي إطار التحسينات المتواصلة على البنية التحتية في المملكة من أجل استضافة كأس آسيا، شهدت العديد من الملاعب السعودية زيادة سعة الكراسي وإزالة المضمار، أولها ملعب الأمير فيصل بن فهد (الملز) في الرياض، إذ إن التطورات الجديدة في الملعب ستكون على صعيد رفع سعته الاستيعابية من 22 ألف متفرج إلى 43 ألف متفرج، وكذلك سيمر قطار التحسين على ملعب استاد الملك فهد الدولي والذي يتسع إلى 68 ألف متفرج، وسيصل عدد الكراسي في الملعب بعد أعمال التحسين والتطوير الأخيرة إلى 80 ألف كرسي، كما سيزال مضمار الملعب بالكامل، وسيتم إضافة العديد من الشاشات التفاعلية المدعومة بتقنية ال3D، وفي ملعب الأول بارك الذي يعد من الملاعب المتطورة في المملكة سيتم رفع سعة الملعب من 25 ألف متفرج إلى 27 ألف متفرج، الملعب يحتوي مسبقًا على 34 بوابة لتسهيل دخول وخروج الجماهير الراغبة في حضور مباريات البطولة، بجانب عدم احتوائه على مضمار للحصول على تجربة مشاهدة ممتعة للمباريات، وفي جدة ستقتصر التحسينات على ملعب استاد الأمير عبد الله الفيصل حيث سيتم رفع سعته الاستيعابية من 24 ألف متفرج إلى 27 ألف متفرج، وكذلك هو الحال في استاد الأمير سعود بن جلوي في الأحساء، واستاد الأمير محمد بن فهد في الدمام إذ إن التطوير سيقتصر على زيادة القدرة الاستيعابية إلى 25 ألف متفرج لكل ملعب، ولا تقتصر استعدادات المملكة لاستضافة كأس آسيا على تطوير الملاعب الحالية بل كذلك ستكون هناك العديد من الملاعب الجديدة التي سيتم إنشاؤها قبل البطولة، فبالقرب من محطة قطار الرياض ستنطلق أعمال البناء لتشييد واحد من أجمل وأكبر الملاعب في المملكة وهو استاد الرياض الذي ستصل سعته الإجمالية إلى 40 ألف متفرج، وسيكون الملعب مدعوماً بالعديد من التقنيات الحديثة وفقًا للتصميمات العالمية، ومن المتوقع أن يكون الملعب جاهزاً في سنة 2025، وعلى بعد 50 كيلو متر غرب العاصمة الرياض ستبدأ أعمال التشييد والبناء للملعب الساحر بتصميمه الجميل بفكرته ملعب القدية الذي سيبهر العالم بالتجربة البصرية الساحرة التي سيقدمها للحضور بين جبال وتضاريس متنوعة في قلب الصحراء بالتحديد في مشروع القدية، وتأتي فكرة تصميم الملعب المختلفة والجديدة كليًا كسر من أسرار تميز ملعب القدية عن باقي الملاعب في المملكة وفي العالم أجمع، حيث سيكون الملعب ب3 أضلاع فقط بينما سيكون الضلع الرابع غير موجود لإعطاء الجماهير إطلالة مختلفة من مناظر المملكة الطبيعية، ويحتوي الملعب على مدرجات بطاقة استيعابية تصل إلى 40 ألف كرسي مقسمه على 3 طبقات، وسيكون الملعب محاطًا بساحتين ترفيهيتين تحتوي على العديد من الأسواق التجارية والخدمات المختلفة لتوفير كافة احتياجات الجماهير، كما سيكون الملعب مزوداً بآليات تبريد متطورة لمقاومة المناخ الصحراوي للمنطقة، وستشهد مدينة الدمام أعمال بناء للملعب الثالث وهو استاد الدمام الذي لا يزال تحت الإنشاء، والذي يستوحي تصميمه من الشكل الدوراني للدوامة المائية دائمة الظهور على سواحل المدينة، وسيكون الملعب بطاقة استيعابية تزيد على ال40 ألف متفرج، وما يميز استاد الدمام هو كونه مزود بألواح يمكن نشرها لإدارة تيارات الهواء، وسيوفر تصميم الملعب قدرة هائلة لإدارة التهوية داخل أرضية الملعب، كما سيكون هناك نسيج شبكي محيط بالملعب لصد وتقليل الرطوبة وتصفية الهواء الداخل للملعب. ماذا يعني كأس العالم بالنسبة للمملكة؟ استضافة كأس العالم 2034 ستكون فرصة ذهبية للمملكة العربية السعودية للتمتع بمجموعة من الفوائد والتأثيرات الإيجابية، أولًا وقبل كل شيء، ستكون هذه الفعالية الرياضية العالمية عاملًا حاسمًا في تطوير وتحسين البنية التحتية الرياضية في المملكة، فمن خلال استضافة المونديال، سيتم إعادة تطوير الملاعب والمرافق الرياضية بشكل كبير، مما سيترك تأثيرًا دائمًا على الرياضة في المملكة، بالإضافة إلى ذلك، سيشهد القطاع السياحي تعزيزًا كبيرًا بفضل وصول الملايين من المشجعين والسياح إلى المملكة خلال البطولة، وهذا سيسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل في مجالات عديدة، مثل: الفنادق والمطاعم والخدمات السياحية، أما بالنسبة للاقتصاد، سيتضمن تنظيم البطولة استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتسويق والإعلان، وسيكون لهذا تأثير إيجابي كبير على النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل، إلى جانب ذلك، سيكون لاستضافة المونديال تأثير كبير على التواصل الدولي للمملكة وسيفتح الأبواب لتوسيع التعاون الدولي والتبادل الثقافي والاقتصادي مع الدول الأخرى، أما من الناحية الرياضية، سيشجع تنظيم كأس العالم على تعزيز الرياضة في المملكة وزيادة اهتمام الشباب بممارسة الألعاب الرياضية، مما سيساهم في تطوير مواهب رياضية جديدة. وبشكل عام، ستستفيد السعودية بصورة كبيرة من استضافة كأس العالم 2034 على العديد من المستويات، وسيكون لهذا الحدث تأثير كبير على تطور المملكة وتحسين واقعها.