من الكوارث الإدارية أن يتولى قيادة أي مؤسسة أشخاص جاؤوا بالغلط إلى تلك المناصب وهم غير مؤهلين من الناحية الشخصية، أو بمعنى أدق غير مؤهلين نفسيا لتولي منصب قيادي تنفيذي، كونه درس كلمتين وحفظ كم نظرية في الإدارة عن ظهر قلب وحصل على دورتين في القيادة أو ماجستير في الإدارة بكافة تخصصاتها أو متحدث وصاحب مواقع تواصل ووجد من هو معجب به ليرشحه لهذا المنصب لاعتبارات شخصية وليست لها علاقة بالكفاءة الشخصية لأن يكون قائدا لفريق أو مؤسسة. اليوم المهم أن هؤلاء العباقرة صدقوا الكذب بأنهم قياديون وأفرطوا في جنون العظمة والتشكك لدرجة أن الواحد منهم أصبح لديه اعتقاد بأنه الرجل الأوحد أو المنقذ لهذه الشركة أو المؤسسة وعلى ضوء ذلك بدأ يصول ويجول ويغني ويقول إني رأيت رؤوسا قد أينعت وحان قطافها ويقطف في طريقه كل شخصية مبدعة ومنتجة، ويسقط مشكلاته وتجاربه في الحياة بسلبياتها وإيجابياتها على تلك المؤسسة أو الشركة، ويتبنى قضايا ومعتقدات ونظريات إدارية وشخصية لو طبقها في رعاية أربع من الغنم لهربت منه. اليوم المؤسسات التي يقودها شخص من تلك الأصناف قد يحسن الناتج المالي للشركة أو المؤسسة ولكن لفترة قصيرة وليست بعيدة المدى كونه يمارس الضغوط كافة لتحقيق هذا الهدف، وأيضا قد يحسن بعض الإجراءات والشكليات بما يسمى إعادة الهيكلة أو الشخصية. وبعض هذه الأمور جميلة ولكنها حسب رأيه يجب أن تكون على حساب شعور القوى العاملة لديه بالقلق والخوف وعدم الشعور بالأمان الوظيفي من خلال ضربهم ببعضهم واستخدام جميع أساليب التهديد والوعيد بقطع رزقهم في حال شعوره بأن واحداً منهم حاول رفع رأسه وإثبات ذاته، فيعيش هؤلاء الناس في حالة يرثى لها قد تنعكس على صحتهم النفسية والجسدية وأيضا تفاعلهم الاجتماعي ودورهم كأعضاء مهمين ونافعين في المجتمع. اليوم أعزائي علماء النفس والسلوك الإداري حسموا هذا الموضوع من زمان وقالوا إن الشخصية القيادية يجب أولاً وقبل كل شيء أن تتميز بالصحة النفسية العالية والمتوافقة، ثم يلي ذلك إدراكه أهداف المؤسسة التي يعمل بها وأن لديه التجارب والمهارات والخبرات الإنجازية التي تساعده على سير العمل لمن يقودهم، إضافة إلى القدرة على اكتساب المؤهلات التي تساعده على النجاح وأن يتحلى بالأخلاق العالية والقدوة الحسنة والصفات الفكرية الثقافية، إلى جانب التميز بالذكاء الاجتماعي والعاطفي وأن يكون متبنيا للغة الحوار ويؤمن بالعدالة ويطبقها، وكذلك الكثير من المهارات والقدرات كضبط النفس والنضج الانفعالي والدعابة ووضع الخطط الواضحة الممكن تطبيقها، وأخيرا قدرته على تحسس مشكلات من يقودهم وآلامهم ويساعد على حلها وطمأنتهم. اليوم هذه الشخصية التي يطلق عليها شخصية قيادية ببساطة القيادة في وادٍ وهو في وادٍ آخر وسيكون معول هدم وأداة لبث التوتر والاحتراق الوظيفي للقوى البشرية التي يعمل معها.. ناهيك عما قد يخلقه من حالة ضعف انتاجية المؤسسة وخروجها عن أهدافها التي أسست من أجلها.