أكدت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دعمها مجدداً لجهود منظمة العمل الدولية في تعزيز سوق العمل والحماية الاجتماعية في فلسطين، وعبرت عن قلقها العميق تجاه الأضرار الكبيرة التي لحقت بسوق العمل الفلسطيني جراء الاحتلال واستمرار العنف والتعسف خصوصاً تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية والمستويات العالية من البطالة والخطر المحدق بسُبل عيش العمال الفلسطينيين لاسيما النساء والشباب. جاء ذلك في بيان مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية في الاجتماع ال349 لمجلس إدارة منظمة العمل الدولية بجنيف ألقاه المندوب الدائم لسلطنة عُمان السفير إدريس بن عبدالرحمن الخنجري، مساء الخميس. وتقدم السفير بالنيابة عن الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بصادق التعازي والمواساة لأُسر الفلسطينيين الذين لقوا حتفهم نتيجةً للهجمات الإجرامية والأعمال العدائية التي تُقاد ضدهم، وخالص الدعوات للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل. وأوضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تتابع بألم بالغ الأحداث المأساوية في قطاع غزة، التي تقوض الجهود الرامية إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين بما فيها تلك التي تقودها منظمة العمل الدولية والمتمثلة ببرنامج التعاون الإنمائي، وغيرها من البرامج والمشروعات التي تهدف إلى التخفيف من تأثير الاحتلال على حياة السكان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بمن فيهم العمال وعائلاتهم. وأكد الخنجري أن دول مجلس التعاون الخليجي تُدين بأشد العبارات، العدوان الاحتلالي على قطاع غزة وتندد بجميع الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها سلطات الاحتلال من قصفٍ وقتلٍ للمدنيين العُزل، واستخدام الأسلحة المُحرمة دولياً، ما تسبب في نزوح 1.300.000 نسمة من سكان غزة من منازلهم المهددة بالقصف الإسرائيلي شبه اليومي، واضطرارهم للجوء إلى دور المساجد والمستشفيات والمدارس ومنها الأممية مثل الأونروا التي لم تكن بمنأى عن القصف المتعمد لقوات الاحتلال في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني والمعاهدات الدولية، مشيراً إلى أن استمرار تلك الانتهاكات ستؤدي إلى تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة والسلم والأمن الإقليمي والدولي في العالم أمام طريق شائك يتطلب تضافر كل الجهود من أجل إحلال السلام. وقال المندوب الدائم لسلطنة عُمان إن المعلومات الصادرة من وزارة العمل الفلسطينية تُشير إلى أن 3000 عامل من غزة تم اعتقالهم داخل إسرائيل، وأن عشرات آلاف العمال الفلسطينيين في إسرائيل فقدوا وظائفهم أو تم طردهم منذ السابع من أكتوبر 2023م، الأمر الذي سينعكسُ سلباً على أوضاعهم الأسرية والمعيشية وسيخلّف حالة من الفوضى. وبناءً عليه، فقد أكد السفير إدريس بن عبدالرحمن الخنجري، أن دول مجلس التعاون تدعو منظمة العمل الدولية إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق العمال الفلسطينيين، وإلى اتخاذ التدابير اللازمة للرد على ممارسات الحكومة الإسرائيلية غير المشروعة، وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها ضد سكان غزة العُزّل وكامل الشعب الفلسطيني، التي أسفرت بدورها عن تصاعد التوتر في سوق العمل الفلسطيني، وتدهور أسوأ في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للعمال الفلسطينيين وأسرهم. كما تدعو المنظمة إلى تطوير آلية إعداد تقرير المدير العام حول أوضاع العمال الفلسطينيين في الأراضي العربية المحتلة بحيث يسمحُ باتخاذ تدابير ملموسة على الأرض اتصالاً مع مخرجات التقرير المذكور، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تدعم التعديلات المقدمة من المجموعة العربية على نقطة القرار. من جهة أخرى أكد مجلس وزراء الصحة العرب ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، محذراً من التداعيات الإنسانية والصحية الكارثية مع استمرار هذه الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب الإسرائيلية المتكررة وتهديداتها بإخلاء المستشفيات في شمال غزة التي يوجد بها آلاف المرضى والإجلاء القسري للمرضى والعاملين الصحيين. جاء ذلك في البيان الذي أصدره المجلس في ختام دورته غير عادية التي عقدت اليوم عبر الاتصال المرئي برئاسة وزير الصحة الجزائري رئيس الدورة الحالية للمجلس الدكتور عبدالحق سايحي، ومشاركة وزراء الصحة العرب ومن يمثلونهم، لبحث الموضوعات الصحية المقرر رفعها إلى القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية القادمة في الجمهورية الموريتانية الإسلامية. ونبه المجلس إلى أن هناك مرضى في وحدات العناية المركزة في قطاع غزة منهم من يعتمد على الأجهزة للبقاء على قيد الحياة ومرضى يخضعون لغسيل الكلى ومواليد في الحضانات والنساء اللاتي يعانين من مضاعفات الحمل وغيرهم، والتي تعد انتهاكاً صريحاً وصارخاً لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين لعام 1949. ودان وزراء الصحة العرب بأشد العبارات جرائم الحرب والمجازر الوحشية المستمرة في قطاع غزة التي أسفرت عن سقوط ما يزيد على 8720 شهيداً وأكثر من 22 ألف جريح غالبيتهم من الأطفال والنساء والمسنين بنسبة 73 %، وتدمير أكثر من 177.781 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى مئات المفقودين. كما حذر المجلس من أن استمرار تلك الهجمات التي تستهدف الفلسطينيين في محيط المراكز العلاجية والمستشفيات، وكذلك الفرق الطبية وأماكن الإيواء التي يلجؤون إليها هرباً من القصف الإسرائيلي المتواصل، ودون أي اكتراث بالأرواح التي تزهق، سوف يفاقم من تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية. واستنكر استمرار العدوان الإسرائيلي استهداف المباني السكنية للمدنيين وتدمير البنية التحتية الأساسية وفرض قيود على مقومات وموارد الحياة الأساسية من المياه وإدخال الأدوية والكهرباء والوقود الذي يؤدى إلى وقوع خسائر كارثية بالأرواح في صفوف المدنيين. وطالب المجلس المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته لوقف هذه المجازر الوحشية وفتح ممرات إنسانية آمنة ومستدامة لضمان نفاذ وتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية، للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إعمالاً واحتراماً لقواعد القانون الدولي الإنساني. ودعا المجتمع الدولي بالكف عن الكيل بمكيالين والضغط على القوى القائمة بالاحتلال لرفع الحصار عن قطاع غزة، وحماية المدنيين والفرق الصحية والمنشآت الصحية ومراكز الإيواء ودور العبادة، والسماح بشكل فوري وعاجل بإدخال الوقود للمستشفيات والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف. وأشاد المجلس بما تقدمه الفرق الطبية في قطاع غزة من صمود بطولي في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم والتحديات الكبيرة التي يواجهونها، مؤكداً على دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ومحذراً من أي محاولات لتهجيره خارجها. وقرر المجلس توسيع دائرة التواصل مع المنظمات الدولية والإقليمية لحشد الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني، وكلف رئيس الدورة الحالية "الجمهورية الجزائرية" ورئيس المكتب التنفيذي "جمهورية مصر العربية" بمخاطبة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية لتكثيف جهوده من أجل تقديم كافة أشكال الدعم الطبي والإنساني إلى وزارة الصحة بدولة فلسطين والعمل على حماية المستشفيات والمرافق الصحية في قطاع غزة. كما كلف المجلس الأمانة الفنية بمتابعة الاحتياجات العاجلة مع وزارة الصحة بدولة فلسطين وإبلاغ وزارات الصحة العربية بها بشكل دائم، والعمل على التوصيل الفوري والآمن للإمدادات الطبية والوقود والمياه النظيفة والأغذية وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى غزة من خلال معبر رفح. وكلف المجلس الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الطلب من منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط لعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأوضاع الصحية والإنسانية في قطاع غزة، على هامش المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف في شهر يناير 2024. واستمع المشاركون في اجتماع المجلس - بحسب البيان - إلى مداخلات وزيرة الصحة الفلسطينية الدكتورة مي الكيلة ووزراء الصحة العرب حول التداعيات الصحية الخطيرة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية كافة، والتشاور والتنسيق حول سبل فتح ممرات آمنة مستدامة لعبور المساعدات الصحية والإنسانية العاجلة إلى الشعب الفلسطيني. واطلع المجلس على تقرير وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ الأول من فبراير الجاري الذي أفاد بقصف الاحتلال الإسرائيلي للمناطق المجاورة لمستشفيات الشفاء والقدس في مدينة غزة والمستشفى الإندونيسي ومستشفى الصداقة التركي الوحيد المخصص لأمراض السرطان بالقطاع في أعقاب دعوات جيش الاحتلال لإخلاء هذه المنشآت على الفور، وأيضاً قصف مستشفى المعمداني، وتنفيذ الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزةوالضفة الغربية هجوماً على عدد 118 مرفق رعاية صحية وإلحاق الضرر ب 50 سيارة اسعاف، بينها 28 سيارة خرجت عن الخدمة بشكل كامل، وكذلك تنفيذ 67 هجوماً لعرقلة تقديم الرعاية الصحية و61 حالة تتعلق بالعنف الجسدي تجاه الفرق الصحية و19 حالة تتعلق باحتجاز الطواقم الصحية وسيارات الإسعاف و12 حالة تتضمن التفتيش العسكري للكوادر الصحية. وأشار التقرير إلى استشهاد 132 فرداً من الكوادر الصحية وأكثر من 110 جريحاً، وخروج 16 مستشفى من أصل 35 في قطاع غزة 51 مركز رعاية صحية من أصل 72، ونداء وزارة الصحة الفلسطينية للتبرع بالدم ومناشدة اللجنة الدولية ومنظمة الصحة العالمية بتوفير وحدات الدم من خارج قطاع غزة ومن الضفة الغربية ومن مصر. ولفت التقرير الانتباه إلى إغلاق إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال للمدن والحواجز وانعدام الأمن والقيود المفروضة على الحركة والاعتداءات على القطاع الصحي في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما جعل حركة سيارات الإسعاف صعبة إضافة لعرقلة حركة العاملين في مجال الرعاية الصحية وعرقلة وصول المرضى إلى الرعاية الأولية والمستشفيات بين مدن الضفة الغربية ومدينة القدس.