بدأت أعمال الاجتماع الطارئ لوزراء الصحة العرب أمس تحت عنوان (أمة الجسد الواحد) الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية وذلك في قصر المؤتمرات بالرياض بحضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن بن حمد العطية . وفي بداية الاجتماع استمع الوزراء والحضور للطفلة الفلسطينية جميلة الهياشي وهي تصف كيف تم قصفها وإصابتها هي وشقيقها دون أي ذنب داعية الجميع إلى الدعاء للشهداء الفلسطينيين . عقب ذلك ألقى وزير الصحة الدكتور حمد المانع كلمة رحب فيها بالحضور مبيناً أن الاجتماع جاء بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود استجابة للضمير الحي واستنهاضا للهمم وتلبية لنداء الإنسانية لتدارس العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته . وأوضح أن ما يحدث للأشقاء الفلسطينيين في غزة لا يمكن أن يقبله إنسان ويتنافى مع تكريم الإنسان ولا ريب . وقال معاليه: إن خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - أولى هذه الأحداث الأليمة جل عناية واهتمام فجعل يتابع الموضوع بنفسه ويشحذ الهمم لنقدم للشعب الفلسطيني المنكوب أفضل ما يمكن تقديمه من خدمة صحية ورعاية شاملة ، ولم نجتمع اليوم إلا من أجلهم لنداوي جراحهم ونخفف معاناتهم وهذا أقل واجب يمكن تقديمه للمرضى والمصابين الذين عانوا الويلات جراء هذا العدوان الغاشم . وأضاف معاليه أنه يجب أن تنأى الصحة عن السياسة فالموقف السياسي له حساباته واعتباراته ، أما الموقف الصحي والإنساني فليس له حدود ولا جغرافيه مشدداً على أنه يجب أن العمل الصحي أن يكون ظاهرة فعالة ، وفعلاً حضارياً إنسانياً ، حيث أنه يمر بمرحلة تاريخية وواقع لا يستطيع ولا يمكن السكوت عليه . وقال: يجب أن نعمل على تعبئة المنظمات العالمية وشرح قضيتنا العادلة بأسلوب حضاري راق يركز على قيمة الإنسان وحقه المشروع في العيش بسلام ، إن إعلام دولة إسرائيل لم يكسب التعاطف معه بسبب إيديولوجي أو عرقي بقدر ما كسبه بإعلام مموه مضلل يستطيع قلب الحقائق ، ومن شاء فليشاهد الفضائيات الإخبارية الغربية الآن , إضافة إلى تقديم مشروع صحي متكامل لغزه والتركيز بكافة السبل والوسائل على ضرورة مراعاة واحترام حرمة المريض والمصاب وكذلك المستشفيات والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف وكافة الطواقم الطبية ، حيث أن هذا التجاوز بلغ حدا مريعا وأصبح المسعفون بشاراتهم المميزة صيدا ثمينا لآلة إسرائيل الهمجية . وأكد وزير الصحة في ختام كلمته على أنه مهما عمل العدوان الإسرائيلي من القتل وسفك دماء الأطفال والأبرياء فإن العرب والمسلمون صائنون لروح الإنسان أيا كان ، ومحافظين على دمه وحياته وعرضه ، مستهجناً ما يقوم به العدوان الإسرائيلي الغاشم في قطاع غزة وقال (فنحن ورثة حضارة لم يسجل عليها التاريخ يوما مجزرة أو قتلا لبرئ أو إبادة لشعب أعزل) . بعد ذلك ألقى رئيس مجلس وزراء الصحة العرب وزير الصحة بجمهورية مصر العربية الدكتور حاتم الجبلي كلمة رفع فيها شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على توجيهه بعقد هذا الاجتماع الطارئ لتنسيق الجهود والمساعي نحو دعم الشعب الفلسطيني في محنته الراهنة . ودعا الجميع إلى الوقوف مع الأشقاء الفلسطينيين في محنتهم التي يمرون فيها وقال: الوقت وقت العمل لا وقت القول وقت إظهار التضامن الحقيقي والدعم الملموس لأشقائنا الفلسطينيين وإنقاذهم من مأساة إنسانية وصحية متفاقمة , وقت تأكيد قدرتنا على العمل المشترك والتحرك الجماعي لوقف نزيف الدم في قطاع غزة وآلة القتل الوحشية التي تحصد أرواح أطفاله ونسائه وشيوخه. وأوضح أن القصف الإسرائيلي استهداف المستشفيات والمنشآت الصحية بغزة ولم يعد باستطاعتها مواكبة العدد المتزايد للجرحى والمصابين كما عانت نقص الأطباء والأدوية وغيرها من المستلزمات الطبية كما توقف العديد من مراكز الرعاية الصحية الأولية عن العمل في حين تهدم البعض الآخر مبيناً أن حصيلة القتلى من المدنيين الفلسطينيين حتى يوم أمس بلغت حوالي 854 من بينهم 275 طفلاً و 85 سيدة وإصابة 3681 على الأقل من بينهم 1362 طفلاً و528 سيدة . وأكد الدكتور الجبلي على إبقاء معبر رفح مفتوحا طوال الوقت أمام الحالات الإنسانية والجرحى والمصابين وضحايا العدوان الإسرائيلي بناء على تعليمات من فخامة الرئيس المصري حسني مبارك مبينا أن وزارة الصحة المصرية حشدت وأكثر من 120 سيارة إسعاف عند معبر رفح وأكثر من 176 طبيباً إضافة إلى 500 طبيب آخرين تطوعوا لدخول قطاع غزة وقد دخل منهم 50 لكن قيدت حركاتهم السلطات الإسرائيلية التي تتحكم فعليا في المعبر من الناحية الفلسطينية لافتا النظر إلى أن الوزارة نجحت بعد اتصالات ومفاوضات مكثفة في إدخال 25 سيارة إسعاف بطواقمها الطبية وأطباء الطوارئ إلى قطاع غزة لإغاثة الجرحى ونقلهم لتلقي العلاج بالمستشفيات المصرية . وأشار إلى أن وزارة الصحة المصرية أعلنت حالة الطوارئ في أكثر من 22 مستشفى مدنياً وعسكرياً وأوفدت 7 فرق طبية للانتشار السريع وأرسلت مخزونا من الأدوية والمستلزمات الطبية ومستلزمات الطوارئ للعريش يكفي لمدة شهر كامل وعلاج ما يزيد على ألف مصاب كما وفرت القوات المسلحة المصرية عربات الإسعاف الطائر وعربات الإنقاذ والأطباء والمسعفين لنقل الجرحى من معبر رفح إلى المستشفيات المصرية العسكرية مثل الحلمية ومبارك والمعادي العسكري . وأشاد رئيس مجلس وزراء الصحة العرب وزير الصحة بجمهورية مصر العربية بجهود الهلال الأحمر السعودي ومختلف منظمات المجتمع المدني في تنسيق الجهود الوطنية والعربية والدولية وإرسال أكثر من 1250 طناً من المستلزمات الطبية والأدوية وأكثر من 1450 طناً من مساعدات الغذاء والكساء إلى قطاع غزة . عقب ذلك ألقيت كلمة معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الأستاذ عمرو موسى ألقتها نيابة عنه معالي الأمين العام المساعد لقطاع الشئون الاجتماعية السفيرة الدكتور سيما بحوث أعربت خلالها عن شكرها لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على استضافة المملكة العربية السعودية لأعمال هذه الاجتماع الطارئ للتضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وإغاثته والتخفيف من معاناته الإنسانية إضافة إلى الإجراءات اللازمة التي تكفل تقديم المساعدات والمعونات الصحية والإنسانية العاجلة للشعب الفلسطيني لرفع جزء من المعاناة التي يكابدها قطاع غزة من جراء العدوان الإسرائيلي السافر والمستمر . وقالت: ما حدث في غزة وما زال يحدث من انتهاكات واعتداءات دموية ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية على مرأى ومسمع من العالم ليس مجرد عدوان آثم على الأراضي الفلسطينية ولكنه هجمة شرسة شاملة وحربا مفتوحة تستهدف حياة المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء . وأضافت تقول : إن آمال الآلاف من الأبرياء في قطاع غزة معلقة بما سوف يقرره الاجتماع على وجه السرعة لإغاثتهم وتلبي احتياجاتهم العاجلة وتوفير الرعاية الصحية والإنسانية التي تعينهم على مواجهة الأهوال التي تهدد حياتهم وبيوتهم ومعاشهم، مشيرة إلى أن الأوضاع الخطيرة والمآسي الإنسانية التي يمر بها الشعب الفلسطيني في غزة تحتاج إلى مزيد من التعاون والتنسيق ومضاعفة الجهود العربية المبذولة من اجل التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بما يمكنه من الاستمرار في الحياة ومواجهة العدوان وصده ونحره . وأكدت على الموقف العربي الحازم في إدانة العدوان الإسرائيلي الوحشي الذي أبرزه قرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية التي عقدت بتاريخ 31 / 12 / 2008م الذي تضمن الإدانة الشديدة للعدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة وطالبة إسرائيل بالتوقف عن جميع العمليات العسكرية في قطاع غزة والتأكيد على أهمية استمرار الدول العربية بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى قطاع غزة موضحةً في إطار تنفيذ هذا القرار إن الأمر يحتاج إلى الاستمرار في توفير احتياجات القطاع من طواقم طبية ومستشفيات ميدانية وسيارات إسعاف ومستلزمات طبية وأدوية وأمصال ولقاحات وأكياس دم . وأوضحت أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تقوم بمتابعة تنفيذ هذه القرارات والتنسيق من اجل حث وإرسال المساعدات الإنسانية والطبية من خلال الصناديق العربية التابعة للمجالس الوزارية المتخصصة مشيرةً إلى قرار مجلس الأمن رقم 1860 الذي دعا إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية وتوزيعها دون عراقيل في جميع أنحاء غزة وحث الدول الأعضاء على دعم الجهود الدولية الرامية إلى التخفيف من حدة المعاناة الإنسانية والاقتصادية في غزة . وقالت: إن لاجتماعكم دوراً كبيراً في مطالبة المجتمع الدولي والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وصحته للعمل على توفير الحماية والأمن والسلام والدعم المادي والمعنوي إلى الشعب الفلسطيني والمساهمة في إعادة أعمار البنية التحتية الفلسطينية ومطالبة الدول المحبة للعدل والسلام أن تقوم بدورها وتمارس مسؤولياتها في منع إسرائيل من الاعتداء على المنشآت الصحية والمدنية وأماكن العبادة والمدارس وسيارات الإسعاف والفرق الطبية وإجبارها على رفع القيود عن المنظمات الإغاثية الدولية والإقليمية والسماح لها بالقيام بمهامها في قطاع غزة , وأنني ادعوكم إلى مخاطبة منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي للصليب الأحمر وكافة المنظمات الدولية المعنية للتعريف بالمعاناة الصارخة للشعب الفلسطيني في غزة ولتكثيف الجهود المبذولة منعا لاستمرار تفاقم الأزمة الإنسانية ودعوتها للعمل على الوفاء بمسئولياتها الأخلاقية والقانونية لحماية حقوق الإنسان وتوفير الاحتياجات الصحية الأساسية للسكان المدنيين في قطاع غزة والأراضي الفلسطينيةالمحتلة وتأمين وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع. ودعت الاجتماع إلى تشكيل وفد من الفنيين والمتخصصين لتقصي الحقائق والاحتياجات في غزة حول تردي الأوضاع الإنسانية والصحية والمعيشية وبذل المزيد من الجهود لتقديم العون والإغاثة الإنسانية كما دعت إلى عقد اجتماع عاجل للدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب والواقعين تحت الاحتلال العسكري . بعد ذلك ألقى مستشار سمو أمير دولة قطر الدكتور حمد بن احمد البنعلي قصيدة سرد في معانيها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من هجوم غاشم . ثم قدم وزير الصحة بدول فلسطين فتحي عبدالله ابو مغلي تقريرا استعرض من خلاله الأوضاع الصحية والإنسانية في قطاع غزة . بعد ذلك عقدت الجلسة المغلقة لإعداد البيان الذي سيوجه لمنظمة الصحة العالمية لمطالبة معالي الأمين العام للأمم المتحدة بتوفير الحماية الصحية الشاملة لمواطني قطاع غزة وفق المواثيق الدولية إضافة إلى مشروع تشكيل اللجنة العربية الصحية للطوارئ في مجلس وزراء الصحة العرب ومناقشة المساعدات الطبية لقطاع غزة .